في واقعة سيدة المنيا.. من الجاني بحكم القانون؟
السؤال من الجاني في فتنة الاعتداء على سيدة بصعيد مصر، كما وصفها المسؤولون وفي مقدمتهم بابا الأقباط في مصر.
بين ليلة وضحاها، تحولت سيدة قبطية إلى حديث المدينة، أو بالأحرى حديث المصريين، لكن بين ضجة أثارها اعتداء البعض عليها وتعريتها، وبين اعتذار قدمه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مهددًا بمحاسبة المتورطين، يبقى السؤال من الجاني في هذه الفتنة، كما وصفها المسؤولون وفي مقدمتهم بابا الأقباط في مصر.
قد يظن المتابع أن الجاني قد لا يكون معروفًا في هذه القضية، خاصة بعدما تفرق جرمه على 300 شخص قال مسؤولون أقباط وشهود عيان إنهم وراء الأحداث التي شهدتها محافظة المنيا بصعيد مصر، لكن خبيرين قانونيين أوضحا -في أحاديث منفصلة لبوابة "العين"- أن معرفة الجاني أمر يسير قانونيًا، لا سيما أن القانون سيفرق بين الفاعل والشريك، وبين من كان في مسرح الجريمة ولا يمت بصلة للحادث.
وشهدت قرية الكرمة بمحافظة المنيا، حادث تعدي مجموعة من الأشخاص على منازل لأقباط وتعرية سيدة عجوز عقب إشاعة عن علاقة بين رجل قبطي وسيدة مسلمة.
من الجاني.. الفاعل أم الشريك أم الاثنين معًا؟
محمود كبيش، العميد السابق لكلية الحقوق جامعة القاهرة، قال -لبوابة "العين"- إن هناك فاعلًا وشريكًا، في أي جريمة، وعادة ما يأخذ الشريك عقوبة الفاعل ذاتها، مفسرًا الفاعل بأنه من يرتكب الجريمة تنفيذيًا، أي ينفذها، بمعنى أنه الشخص الذي قام بتجريد السيدة من ملابسها، أو أحرق المنازل، وكل من فعل ذلك سيكون فاعل في الجريمة.
وأوضح كبيش "أما الشريك فيكون قد اشترك في الجريمة، أي اتفق عليها كأن يكون محرضًا على فعلها، أو تواجد في مسرح العمليات وشارك في الجريمة".
300 شخص مقابل شخص.. الحكم نفسه
قال المستشار جمال القيسوني، رئيس محكمة استئناف أسيوط -لبوابة "العين"- إنه لا يفرق العدد في الحكم؛ حيث إن كل شخص منهم تكون العقوبة له شخصية، وهذا يعتمد على تحديد جرم كل شخص، فهناك فاعل أصلي وهناك شركاء في الجريمة، لافتًا إلى أن ذلك يعتمد على أقوال شهود الواقعة.
زوج السيدة محرضًا أم بريئًا؟
أوضح محمود كبيش أن المحرض لا يكون من شهّر بشخص أو أشاع عنه شائعة أدت لارتكاب أخريين جريمة بحقه، فالمحرض لا يكون محرضًا في القانون إلا إذا حرض على القتل مباشرة.
وكانت حادثة المنيا الأخيرة، أثارت التساؤلات عما إذا كان زوج السيدة التي أشيع أنها على علاقة بشاب مسيحي، بمثابة المحرض على الحادث خاصة بعدما خرجت الفتاة وقالت إن زوجها اتهمها بإقامة علاقة غير شرعية بالشاب.
لكن قانونيًا بدى الأمر مختلفًا، وهو ما شدد عليه المستشار أحمد سيد أحمد، رئيس محكمة جنايات القاهرة -لبوابة "العين"؛ حيث أوضح أن المحرض هو من يحرض على الجريمة تنفيذيًا.
ومتفقًا معه قال كبيش: الشائعات وحدها لا تكفي، يجب أن يكون هناك فعل إقناع على ارتكاب الجريمة.
موجودون في مكان الحادث
ومن بين التساؤلات التي أثارها الحادث، ما إذا كان سيتم اتهام أشخاص تواجدوا في محيط الواقعة، دون أن يقوموا بفعل، لمجرد وجودهم بمسرح العمليات، وهو الأمر الذي نفاه كل من كبيش وأحمد سيد أحمد؛ حيث قالا إن هذا غير قانوني، والقانون لا يعتد بمن تواجد في مسرح العمليات دون مشاركة في الفعل.
وقال المستشار جمال القيسوني: من يتواجد على مسرح الجريمة ويؤازر الجاني هو فاعل أصلي، يعني لو كان هناك 20 شخصًا يشجعون الجاني بقولهم: افعل.. اضرب.. اقتل.. فهذا يعتبر فعلًا أصليًا، أما مشاعرهم دون التدخل فهذا لا يمكن إثباته.
شهود عيان ولكن
وقال محمود كبيش، إن الفيصل في تحديد الجاني يكون الشهود العيان، الذين عاينوا الجريمة، وكذلك ما يجمع من معلومات وأدلة، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن النيابة تأخذ شهادة الشهود من طرف المجني عليها بحذر؛ لأنها قد تكون مجروحة.
وعاد الخبير القانوني ليشدد على أن النيابة في حال اقتناعها بحديث الشهود ومطابقته لما جمعته من معلومات، تعتمد شهادتهم.
عقوبة الجناة.. أقصاها مشدد
هكذا قال المستشار أحمد سيد أحمد؛ حيث أوضح أن السجن المشدد (15 عامًا) يكون عقوبة هتك العرض والعفل الفاضح وأعمال البلطجة، لافتًا إلى أنها قد تخفف بحسب الفعل نفسه.
أما المستشار القيسوني فقال إنه لا يمكن تحديد العقوبة حاليًا، لأنه يعتمد على الفعل أو التهمة التي ستوجه للجناة، فليس متضحًا بعد ما إذا كان هتك عرض أو مساس بعورة أيضًا أم ينضم لها تهم مثل خدش الحياء وغيرها.
لمن البراءة؟
قال الخبير القانوني محمود كبيش، إن "براءة بعض الأشخاص من الـ300 ليس مستحيلًا، وهذا يتوقف على موقف كل شخص، قانونيًا، فقد لا يكون له دور ولا يكون شريكًا أو فاعلًا أو حتى محرضًا، لكنه تواجد دون جريمة نفذها".
وأضاف كبيش "حينها ندفع بعدم صحة الشهود، فتكون شهادة من قال سمعت من فلان باطلة، وشهادة من قال شاهدتهم وهم يكبرون أو يصفقون باطلة، الفيصل هل رأى الشاهد فلانًا وهو يعتدي على السيدة ويفعل كذا وكذا.. هذا هو الفيصل".
من جانبه، قال المستشار أحمد سيد أحمد: "كل ذلك يتضح من التحقيقات، حتى إن الشريك نفسه من الممكن أن يحصل على عقوبات مخففة.. هي مسائل تقديرية تحددها الأدلة والشهود وما يستقر في ضمير القاضي".
جرائم جماعية سابقة
ومن أمثلة الجرائم الجماعية، إحالة 67 متهما في قضية اغتيال النائب العام السابق هشام بركات في 29 يونيو/ حزيران 2015 إلى محكمة الجنايات بعد أن كشفت التحقيقات عن "انتماء المتهمين في هذه القضية إلى جماعة الإخوان الإرهابية".
وكذلك محاكمة 48 متهمًا في قضية مقتل الصحفية ميادة أشرف، مارس/ آذار 2014؛ حيث يواجه 36 من 48 تهم تتعلق بجرائم تولي قيادة في جماعة إرهابية وإمدادها بالمعونات المادية والأسلحة، والانضمام إليها، وحيازة وإحراز الأسلحة النارية والذخائر والمفرقعات وتصنيعها، والتجمهر المخل بالأمن والسلم العام، والقتل العمد والشروع فيه، والإتلاف العمد للممتلكات تنفيذًا لغرض إرهابي.
وينضم إلى سلسلة الجرائم الجماعية، إعادة محاكمة 13 شخصًا متهمين في قضية قتل اللواء نبيل فراج، مساعد مدير أمن الجيزة السابق، في أحداث كرداسة سبتمبر/ أيلول 2013، بالإضافة الي عدد من الاتهامات الأخرى منها الشروع في قتل ضباط وأفراد شرطة وحيازة أسلحة وذخيرة دون ترخيص والمنتظر الحكم فيها بجلسة 30 يوليو/ تموز المقبل.
كما تعيد محكمة جنايات المنيا محاكمة 381 متهمًا في قضية قتل نائب مأمور مركز شرطة مطاي، العقيد مصطفى العطار، واقتحام وحرق قسم شرطة مطاي إبان أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة بعد أن قبلت المحكمة النقض على حكم إعدام 37 ومؤبد لـ396 متهمًا والبراءة لـ17 آخرين متهمين بقتله.