مصادر تكشف لـ"العين" أدوات حكومة مصر للجم "السوق السوداء"

أزمة الدولار في مصر تطل برأسها من وقت إلى آخر، وفي الوقت نفسه تسعى البنوك وبتعاون حكومي ومن البنك المركزي إلى محاصرة السوق السوداء.
أزمة الدولار في مصر تطل برأسها من وقت إلى آخر، وفي الوقت نفسه تسعى البنوك وبتعاون حكومي ومن البنك المركزي إلى محاصرة السوق السوداء، وإن كان مستبعداً أن توجه لها ضربة قاضية نهائية، فالاحتمال الأكبر أن تضعف من قوتها، وتحاصر نشاطها تدريجياً.
والمدخل للمواجهة في هذه المرحلة هو تمويل استيراد السلع غير الأساسية، باعتبارها القناة الرئيسية التي تنفذ من خلالها السوق السوداء؛ حيث سمح البنك المركزي للبنوك بفتح اعتمادات بنكية لاستيراد السلع غير الأساسية، مع تحريك أسعار الصرف وفق نظام "الإنتر بنك" بحرية أعلى.
مصادر مصرفية كشفت، لبوابة "العين"، أن السماح للبنوك بتمويل استيراج السلع غير الرئيسية، لا يعني التراجع عن أي قرار حظر ومنع استيراد قائمة السلع الاستفزازية، وقرار منع استيراد 50 سلعة، صدر قرار بشأنها من مطلع العام الجاري، والتي غالبيتها سلع غذائية وملابس جاهزة.
وأكدت المصادر أنه لا تراجع عن قرار الحكومة بتشديد الرقابة علي استيراد السلع الكمالية والغذائية المتوافرة في السوق المصري، فيما السماح بتمويل استيراد السلع غير الأساسية يخضع لضوابط شديدة، ونتابعة من هيئة الرقابة الصادرات والواردات.
وبينت أن مواجهة السوق السوداء تأتي عبر العديد من الطرق والوسائل، أحدها غلق المنافذ التي يتخذ من تجار العملة "السوق السوداء" ممراً للتربح، وإعادة احياء هذه التجارة، تحت طلب مستوردين للنقد الأجنبي.
وقائمة السلع الممنوع استيرادها، والتي ستظل قائمة، منتجات عصائر الفاكهة المُعدة للبيع والمصنوعات السكرية، والفاكهة المجففة والزيوت والدهون المؤهلة للبيع بالتجزئة، والألبان ومنتجاتها المؤهلة للبيع بالتجزئة، ومستحضرات التجميل والعطور، والمياه المعدنية والغازية، وعدد من سلع مستحضرات التجميل مثل الصابون ومستحضرات الغسيل للبيع بالتجزئة، والورق الصحي وورق التجميل والفوط وحفاضات الأطفال، وأغطية الأرضيات، وأدوات الطعام والمطبخ، ومنتجات الأسلحة.
أما قائمة السلع غير الرئيسية التي تتطلب تسجيلا مسبقا من هيئة الرقابة علي الصادرات والواردات، فتضم الأثاث المنزلي والمكتبي، والساعات، والدراجات العادية والنارية، وسلع حديد التسليح، والأجهزة المنزلية، وأجهزة الإنارة للاستخدام المنزلي، ولعب الأطفال، وغيرها، وبما يعزز من خطط ومساعي السيطرة علي سعر الدولار، والحفاظ علي الاحتياطي النقدي من الدولار.
ويرى خبراء ومتخصصون أن البنوك أخطأت عندما بدأت في تخفيض سعر الدولار والعملات الأجنبية، بعد عشرة أيام من بدء التعويم، وهو ما أسهم في عودة السوق السوداء مرة أخرى بهدف الاستحواذ على حصة من النقد المتاح للبيع في السوق، إلا أن البنوك أدركت ذلك، بعد نحو خمسة أيام، وبدأت في تحريك السعر مرة أخرى، وهو ما أسهم في تلجيم السوق الموازية.
ويشير دكتور مدحت الصواف، أستاذ المالية العامة في جامعة أسيوط، إلى أن لعبة القط والفار بين تجار العملة والحكومة ستظل قائمة، لكنها ستقل من فترة إلى أخرى وفقا لسيطرة الدولة على سوق الصرافة، والقدرة على توفير الاحتياجات التمويلية بالنقد الأجنبي، خصوصا أن 10 سلع غذائية فقط تستحوذ على نحو 63% من إجمالي واردات قطاع الأغذية، وفي الغالب هي مسؤولية الدولة المباشرة، فيما أن السلع الأقل أهمية يتم استيرادها من الشركات الخاصة، وغالبا ما تلجأ إلى السوق السوداء، إذا لم تتوفر تمويلاتها عبر البنوك الرسمية.
ولفت إلى أن هناك ما بين أربعة إلى خمسة أشهر تمثل مرحلة مهمة لقدرة السيطرة هل سوق الصرف كليا، قبل الدخول في فتح اعتمادات لاستيراد السلع الرمضانية، والتي يتم استيراد معظمها من الخارج، وهو إختبار مهم جدا على مدى القدرة بشأن السيطرة على سوق الصرف.
ومن القضايا المهمة التي يمكن من خلالها كبح سعر الدولار، استيراد سلع غير رئيسية، مثل "أكل القطط والكلاب"، والتي تمثل عبئا، ويمكن إيجاد حلول لها، خصوصا في ظل الفترة الحالية من الأزمة التي ما زالت ذيولها قائمة، وهو ما يتطلب العمل على تجاوزها، ومن هنا يأتي السماح للبنوك بتمويل استيراد السلع غير الرئيسية، إلى جانب مراعاة تحديد سعر الصرف في البنوك، بما يحول دون فتح مجال لدخول تجار السوق الموازية.
واستمرار توسيع دائرة تمويل الاستيراد من البنوك لتتخطى السلع الأساسية والأدوية ومستلزمات الإنتاج، إلى دائرة تشمل السلع غير الأساسية، هو ما يؤكد عليه، مكرم يوسف الباحث في مركز بلقيس للبحوث المالية، مبينا أن تحديد البنك المركزي لسعر استرشادي للعملات الأجنبية، وخصوصا الدولار في بداية التعويم في 3 نوفمبر، حتما جاء هدفا ليتحقق، والوصول إليه بعد فترة إنتقالية لم يحددها، ليترك للسوق لكي يستقر تدريجياً، وصولا لهذا المستوى السعري، وهذا من شأنه يحتاج إلى أدوات، خصوصا ما يتعلق بلجم السوق السوداء، وغلق كل منافذ الدخول إليها.
ونوه إلى أن البنوك ربما أخطأت عندما خفضت أسعار شراء العملات الأجنبية من المخزون لدى الأفراد، وأصحاب الشهادات والودائع، في وقت مبكر، وهو ما ترك منفذاً لتجار السوق السوداء، ولا شك أن إعادة تحريك السعر، ربما خطوة مهمة، ولكن مع الوقت سيستقر السعر، لنصل إلى معادل سعري أو سعر توازني لمختلف العملات في سوق الصرف، يتوافق ولو نسبياً مع المتوسطات السعرية التي حددها البنك المركزي في قرار التعويم مطلع نوفمبر.
وتوقع حمدي مدحت، مدير الإئتمان بالبنك الأهلي المصري سابقا، أن تختفي السوق الموازية على المدى المتوسط، خصوصا أن البيانات تشير إلى القطاع المصرفي وفر نحو 4 مليارات دولار بشكل مباشر لاستيراد السلع بمختلف أنواعها خلال الفترة الممتدة من تحرير سعر الصرف حتى 23 توفمبر، وأن كانت غالبيتها من للسلع الرئيسية، وبسعر الإنتر بنك، المتداول عبر شبكة التواصل الداخلية بين البنوك العاملة داخل مصر.
ولفت إلى أن المعلومات تشير إلى أن البنوك توفر حاليا أكثر من 90% من احتياجات استيراد السلع غير الرئيسية أو الأساسية، و100% للسلع الرئيسية والإستراتيجية، فيما تستحوذ على أكثر من 98% من سوق الصرافة، بل الأكثر من ذلك فان شركات الصرافة، وحاملي الدولار والنقد الأجنبي، يبيعون الدولار للبنوك بسعر تفضيلي، لتصبح الاسعار الرسمية، هي الأعلى في كثير من الأحيان.
aXA6IDMuMTQ5LjI1NS4xODkg جزيرة ام اند امز