خبير بوركيني: ضعف الدولة أنعش الإرهاب
خلاصة توصل إليها المحلل السياسي البوركيني إسماعيل كانيه إيتاي، في معرض قراءته للمشهد العام ببلاده.
تواتر العنف والأعمال الإرهابية في شمالي بوركينا فاسو وشرقها يعود "في جزء كبير منه، إلى ضعف الدولة".. خلاصة توصل إليها المحلل السياسي البوركيني إسماعيل كانيه إيتاي، في معرض قراءته للمشهد العام ببلاده.
حديث إيتاي لمجلة "لو بوان الفرنسية"، جاء عقب سلسلة من الحوادث التي أثارت مخاوف من اندلاع صراع طائفي بهذا البلد الذي خرج لتوه من مرحلة انتقالية أعقبت انتفاضة شعبية.
ففي 12 مايو/ أيار الماضي، استهدفت كنيسة بمدينة دابلو شمالي بوركينا فاسو بعدد من الهجمات، قبل أن يتم، استهداف موكب لرجال دين كاثوليك في مدينة زيمتينجا بالمنطقة نفسها، ما فجّر مخاوف من احتمال اندلاع نزاع طائفي دام.
وأعقبت تلك الهجمات حادثة اغتيال قس و5 من رجال الدين البروتستانت في أبريل/نيسان الماضي، بمدينة سيلجادجي (شمال)، واختطاف قس كاثوليكي في مارس/ أذار الذي سبقه.
أحداث دامية قال كانيه إيتاي إنها تندرج في إطار ديناميكية العنف السائدة بشكل خاص بالمناطق الشمالية والشرقية بالبلاد، وتتوزع بين الهجمات الإرهابية والحوادث الانتقامية بين العرقيات، من ذلك المذبحة التي استهدفت "فولانيين" (عرقية منتشرة بغرب أفريقيا)، مطلع 2019، في مدينة ييرغو (شمال)، ما يجعل هذا البلد الواقع في غرب القارة على صفيح تهديدات مستمرة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هو من يقف وراء هذا العنف المتنامي في البلاد؟، وهل هناك أطراف تسعى لتفجير أزمة طائفية شبيهة بتلك التي تدك أفريقيا الوسطى منذ 6 سنوات؟
وللإجابة على هذه الأسئلة، رأى الخبير أنه من الضروري، بداية، تسليط الضوء على السياق السياسي الراهن بالبلاد، لفهم ما يمكن أن ينجم عنه من تداعيات.
سياق سياسي مضطرب
المحلل السياسي رأى أن تصاعد الهجمات ببلاده يعود في جزء كبير منه إلى "ضعف الدولة"، والحالة الأخيرة ناجمة بدورها عن سياق سياسي معقد وغير مستقر تعاني منه البلاد منذ بداية العقد الأخير.
ففي 2011، اندلعت اشتباكات بين قوات الأمن وطلبة غاضبون من النظام، وفي العام نفسه، وقع تمرد في صفوف الجيش.
ولمواجهة الغضب الشعبي المتنامي، اضطر الرئيس حينها بليز كمباوري، لحل الحكومة، غير أنه فتح على نفسه واجهة غضب أخرى حين قرر تعديل المادة الدستورية التي تحد الولايات الرئاسية باثنتين، حتى يتمكن من الترشح لولاية ثالثة في اقتراع كان مقررا في 2015.
لكن، وفي الوقت الذي كان من المقرر أن يصوت فيه البرلمان على مشروع التعديل، انتفض البوركينيون ونزلوا إلى الشوارع، ما أجبر كمباوري على الاستقالة في 31 أكتوبر/ تشرين أول 2014، والفرار خارج البلاد.
وفي سبتمبر/أيلول 2015، وعقب مرحلة من الضبابية استولى خلالها الجيش على السلطة قبل إعادتها للمدنيين، جرت محاولة انقلاب نفذها فوج الأمن الرئاسي الموالي لكمباوري، غير أنها باءت بالفشل.
شهران بعد ذلك، تمكنت الحكومة النتقالية من تنظيم انتخابات رئاسية حملت روش مارك كريستيان كابوري إلى أعلى منصب بالبلاد.
غير أن الأداء الحكومي يواجه، منذ ذلك الحين، انتقادات شعبية واسعة واتهامات بعجز السلطة المركزية عن بسط نفوذها على كامل أجزاء البلاد.
وبالنسبة للخبير، فإن الدولة البوركينية، وخصوصا الجيش، أصيبت بالوهن والضعف جراء الأزمات المتتالية.
وإلى هذا السياق السياسي المحلي المضطرب، ينضاف انعدام الأمن على المستوى الإقليمي، خصوصا في مالي المجاورة، كما أن بعض الهجمات التي استهدفت العاصمة واغادوغو في 2016، جرى تبنيها من قبل تنظيم "القاعدة" الناشطة شمالي مالي.
وبناء على ما تقدم، خلص المحلل السياسي إلى أن ضعف الدولة المركزية في بوركينا فاسو هو ما يحد من قدرتها على التصدي للعنف والإرهاب داخليا، ومراقبة حدودها التي باتت مخترقة بشكل لافت وخطير.
ضعف الدولة.. مصدر العنف
كانيه إيتاي اعتبر أن ضعف السلطة المركزية ينعش أعمال العنف بمختلف أشكالها ومصادرها، بدءا بقطاع الطرق وميليشيات الدفاع الذاتي، وصولا إلى الجماعات العرقية والمسلحة والمتشددة.
وبعض هذه المجموعات يمكنها تنفيذ عمليات متزامنة، من نهب المملتكات إلى الهجمات بدوافع طائفية، ما يؤكد أن انعدام الأمن يوفر أرضية خصبة لتنامي التطرف والعنف.
ومع أن تلك الجماعات غالبا ما تميل إلى تقديم نفسها على أنها فرع من تنظيمي "القاعدة" أو "داعش"، إلا أن تجذرها المحلي يمنحها الأدوات اللازمة للاستفادة من التنوع العرقي أو الانقسامات الطائفية، لإشعال أو تأجيج النزاعات.