"الإرث الأسود" في ليتوانيا للبيع
حظيرة فولاذية خطيرة بلا نوافذ تقع خارج العاصمة الليتوانية فيلنيوس، وتملك سمعة سيئة في إيواء متهمين بالإرهاب، لكنها متاحة للبيع.
هذا على وجه الدقة ما قررته حكومة ليتوانيا مؤخرا، للتخلص من حظيرة خيول زُعم أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) استخدمتها بين عامي 2005 و2006، كسجن سري يعرف باسم "الموقع الأسود"، لاحتجاز مشتبهين بالإرهاب.
ورغم نفي ليتوانيا استخدام وكالة المخابرات المركزية للموقع، إلا أن الموقع يطابق وصف المنشأة التي تحمل الاسم الرمزي "فيوليت" المذكورة في تحقيق لمجلس الشيوخ الأمريكي.
الموقع البنفسجي
ووفق صحيفة جارديان البريطانية، فإن صندوق العقارات الحكومي الليتواني، الذي يتعامل مع الأصول التي لم تعد الدولة بحاجة إليها، يستعد لبيع الموقع "الأسود سيئ السمعة"، المعروف أيضاً باسم المشروع رقم 2 أو موقع الاحتجاز البنفسجي.
وكان العقار المسور في ضاحية أنتافيليا يعمل حتى مارس 2004 كأكاديمية للفروسية ومقهى مملوك لعائلة بولندية قامت ببيعه لاحقا إلى شركة Elite ، وهي شركة انتهت صلاحيتها الآن ومسجلة في ديلاوير ، وبنما ، وواشنطن العاصمة.
لكن تقارير إعلامية أمريكية تحدثت عن أن تلك الشركة كانت واجهة لوكالة المخابرات المركزية، وهو ما لم تؤكده الأخيرة.
وبحسب منظمات حقوقية، كانت الحظيرة جزءا من برنامج الاحتجاز السري الذي اتبعته واشنطن إبان حروب مكافحة الإرهاب في العراق وأفغانستان وضم أكثر من دولة حول العالم، وفق الصحيفة البريطانية.
وتحولت الحظيرة والمبنى التابع لها المكون من 10 طوابق على مساحة 968 مترا مربعا (10419 قدما مربعا) إلى مركز اعتقال لمشتبه بهم في تهم الإرهاب، الذين تم القبض عليهم في أفغانستان والعراق بين عامي 2005 و2006.
وقال أرفيداس أنوسايسكاس، نائب قاد تحقيقا برلمانيا ليتوانيًا في قضية الموقع الأسود عام 2010، في تصريحات صحفية، إن المبنى كان يضم غرفه خالية من النوافذ وعازلة للصوت، "يمكن للمرء فيها أن يفعل ما يريده"، مضيفا "ما كان يحدث هناك بالضبط؟، لم نحدد".
ورغم أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لم يصدر عنها أي تعقيب بشأن التقارير التي تناولت هذا الموقع من قبل، إلا أنها تواجه اتهامات على نطاق واسع، بممارسة تعذيب ممنهج بحق المشتبه بهم الذين احتجزوا بالموقع الأسود في الفترة بين 2005 و2006.
ولم ينته الأمر بالحظيرة أو الموقع الأسود، كمتحف وطني مثل مقر مماثل للمخابرات الروسية "كجي بي" الذي يعد حاليا من أهم مناطق الجذب السياحي في ليتوانيا.
وحولت ليتوانيا في السابق، سجنا روسيا سابقا لجهاز المخابرات السوفييتي في وسط فيلنيوس شهد عملية إعدام 767 شخصًا خلال انتفاضة مناهضة للسوفييت في الأربعينيات من القرن الماضي وتعرض فيه الآلاف للتعذيب، إلى متحف شهير.
وقال موظف بالصندوق العقاري عن الموقع الأسود، حيث تهيمن إضاءة الفلوريسنت وطنين مكيف الهواء على الغرف العازلة للصوت في الوقت الحالي: "نحن لا نحاول الضغط على أية أزرار، حتى لا نشغل أي شيء عن طريق الصدفة"، وفق ما نقلته جارديان.
واستمعت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في عام 2018 إلى شهادات تفيد بأن السجناء الذين تعرضوا للاعتقال في الموقع الأسود، حلقت رؤوسهم وعُصبت أعينهم أو قيدت أرجلهم عند الوصول للموقع لأول مرة.
ومن بين السجناء الذين اعتقلوا في الموقع الليتواني، خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وجرى إغلاق الموقع الأسود في عام 2006، وتحول لمركز تدريب للمخابرات الليتوانية حتى عام ٢٠١٨، قبل أن تقرر الحكومة بيعه هذا العام.