خبراء: تصنيف واشنطن للإخوان "إرهابية" بداية تفكيكها عالميا
الخبراء أكدوا أنه في حال تصنيف الإخوان جماعة إرهابية ستواجه خسائر كبرى، وستتم ملاحقة عناصرها والدول التي تدعمها.
للمرة الثالثة خلال عامين، تعلن الولايات المتحدة الأمريكية عن نيتها تصنيف جماعة الإخوان "منظمة إرهابية"، وهو يعد بداية لتفكيك هذا التنظيم الإرهابي عالميا.
وكانت سارة ساندرز، المسؤولة الإعلامية بالبيت الأبيض، قالت في رسالة بالبريد الإلكتروني للصحفيين: إن "الرئيس (ترامب) تشاور مع فريقه للأمن القومي وزعماء بالمنطقة يشاركونه القلق، وهذا التصنيف يأخذ طريقه عبر الإجراءات الداخلية".
خبراء مصريون أكدوا أن هناك العديد من المعطيات التي تشير إلى اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية لتنصيف جماعة الإخوان "تنظيما إرهابيا"، رغم أنها كررت هذه التصريحات في أعوام سابقة ولم تطبقه.
واعتبروا أيضاً في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أنه في حال تصنيف الإخوان إرهابية ستواجه كارثة وخسائر كبرى، وستتم ملاحقة عناصرها في كل أنحاء العالم، والدول التي تدعمها وتوفر لها المأوى.
معطيات ومؤشرات
قال اللواء دكتور نصر سالم، الخبير الاستراتيجي ومستشار أكاديمية ناصر العسكرية بمصر، إن بعض المعطيات الواضحة للجميع قد يُفهم منها أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ستدرج هذه المرة جماعة الإخوان على قائمة التنظيمات الإرهابية، رغم ترديد هذه التصريحات من قبل ولم تنفذ.
وأوضح سالم في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" أن تنظيم الإخوان الإرهابي قام بتفتيت المنطقة العربية وجعل الحرب والدمار الصفة المُسيطرة على أقطار مهمة وكبيرة بها، كما أنه متورط في تنفيذ الفوضى الخلاقة عبر "الربيع العربي" المزعوم.
واعتبر أن هذه الأسباب يمكن أن تستند إليها أمريكا في تطبيق ما خططت له سابقا، لذلك قد تكون الولايات المتحدة الأمريكية في هذه المرحلة – بحسب قوله - لم تعد بحاجة إليهم، وعليه سيتم تصنيفهم كجماعة إرهابية، ومن السهل جدًا التراجع عن القرار أو إلغاؤه في مرحلة لاحقة في عهد رئيس قادم بدعوى أن الجماعة غيرت مسارها، ولم تعد إرهابية.
ويضيف سالم أن هذا الاحتمال برغم منطقيته، لكنه "ضعيف جدًا وقد لا يخرج عن كونه تصريحات لن تتطور إلى التنفيذ مثل كل مرة تحدث فيها البيت الأبيض عن تصنيف الإخوان "إرهابية" ولم يفعل"، حتى وإن كان إدراج جماعة الإخوان الإرهابية على قوائم الإرهاب واحدا من أهم الوعود الانتخابية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
مستشار أكاديمية ناصر العسكرية أكد أن العلاقة المخابراتية بين الجماعة والولايات المتحدة الأمريكية حتمًا لن تنقطع على كل الأحوال، لا سيما أن العقيدة الأمريكية هي التعاون مع هذه الجماعات الإرهابية واستغلالها ضد المنطقة العربية استغلالًا كاملًا، فتستخدمها إذا ما حادت المنطقة العربية عن المسار الذي تريده أمريكا، وهذا ما يفسر استشراء الإرهاب على مدار السنوات التسع الماضية.
خسائر ضخمة تلحق بالإخوان
الدكتور عبدالمنعم سعيد، المفكر السياسي المصري والباحث في العلاقات الدولية، قال إن آثارًا ضخمة جدًا ستترتب على قرار تصنيف جماعة الإخوان "إرهابية" المنتظر من جانب الإدارة الأمريكية، وإن لم يقضِ عليها فسيؤخرها كثيرًا جدًا عن المسار الذي ترسمه لنفسها.
ويوضح في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" أن الإدارة الأمريكية عندما تخطو هذه الخطوة يعني أن هناك شبكة كبيرة جدًا من إدارات العالم وأجهزته المخابراتية على دراية بمن هم أعضاء الجماعة البارزين وغير البارزين، والممولين للجماعة، والجمعيات الخيرية المنبثقة عن هذا التنظيم، بل أكثر من ذلك، حيث إن لها سجلات واسعة للاتصالات التي تمت وتتم بين أفراد التنظيم على جميع مستوياته وفروعه.
ويضيف أنه سيتم تطبيق القرار في أكثر من اتجاه، في المجال المالي، فالإخوان لهم حسابات وبنوك خاصة في كل دول العالم سيتم تجميدها، كذلك حظر حركتها في دول العالم خاصة في أمريكا وحلفائها، كما سيتحول الإخوان والمتعاطفين معهم إلى المراقبة والمتابعة وهم منتشرون بكثرة خاصة في جماعات الضغط السياسي بالولايات المتحدة الأمريكية وفي مراكز الأبحاث.
ويتابع المفكر السياسي المصري "من أهم نواحي قوة الإخوان تحوله إلى تنظيم عالمي، ولديه بنوك في كل مكان في العالم، وهذه الشبكة الدولية تدعم التنظيم في تحركاته داخل الدول، فعندما تُسدد له ضربة في مكان مّا يجد مظلة له في أماكن أخرى ويواصل نشاطه".
وعن منطقية وصدق الولايات المتحدة الأمريكية في تنفيذ ما أعلنت عنه مؤخرًا ، قال سعيد "إن أحد أعضاء الكونجرس هو السيناتور تيد كروز حاول ذلك من قبل إلا أنه فشل حتى في استصدار قرار سياسي يحظر جماعة الإخوان الإرهابية، حيث لم يتم التصويت بالأغلبية، حيث كانت الإدارة الامريكية على ما يبدو مترددة حتى ذلك الحين، لا سيّما أن هناك تيارا بها مقتنع بأن الإخوان ربما لهم تاريخ من العنف إلّا أنه لم يعد موجودا الآن وأنه في النهاية جماعة معتدلة مقارنة بتنظيمات أكثر عنفا ودموية مثل داعش والقاعدة وغيرها، وأن الحفاظ على الإخوان حفاظ على شعرة معاوية إذا ما تقلدوا الحكم في بلدٍ مّا."
حصار عالمي
الدكتور خالد الزعفراني، المنشق عن جماعة الإخوان، يؤكد حجم الخسائر التي أشار إليها المفكر المصري عبدالمنعم سعيد، فيقول إن هناك اتجاها غربيا مضادا لجماعة الإخوان الإرهابية بدأ بحظر شعاراتها في النمسا ثم ألمانيا، وربما يتطور لإدراجها على قائمة التنظيمات الإرهابية من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، هذا الاتجاه دعمته حوادث جنوب شرق آسيا مؤخرًا وكان آخرها إرهاب سيريلانكا، حيث إن مرتكبيه متأثرون فكريًا بكتابات الإخواني سيد قطب.
ويرى الزعفراني في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن الإخوان خدعوا كل هذه الدول ومراكز صنع القرار سواء في أمريكا أو في أوروبا، إلّا أن حوادث الإرهاب الأخيرة تؤكد بقوة مدى تأثيرهم فكريًا على منفذي الإرهاب.
وأكد أن أول ما سنلحظه إذا ما نفذت أمريكا قولها، ستتغير خطة الدول الداعمة للإرهاب في المنطقة العربية وفقًا للاتجاه الأمريكي الجديد، وبالتالي سينخفض كثيرًا تمويل الجماعة ودعمها في تنفيذ مخططات الإرهاب، كما ستتم مراقبة وربما مصادرة كل حسابات الإخوان وبنوكهم خاصة في دول جنوب شرق آسيا، وستنكشف حقيقة الجماعة كاملة أمام العالم.
وأشار إلى أن مراكز الإخوان الموجودة في أوروبا أيضًا ستتم محاصرتها ومراقبتها ماديًا، مع العلم أنها تمثل بعدًا سياسيًا وماديًا ضخمًا للجماعة الإرهابية.
استحالة التطبيق
من جانبه، يختلف عبدالجليل الشرنوبي، الكاتب الصحفي والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، عن سابقيه، وقال إن هذا النص الذي تكرره الإدارة الأمريكية بين الحين والآخر مرتبط بتوقيتات معينة لا يمكن أن يؤخذ على محمل الصدق إلا إذا اقترن بفعل صريح، وهو ما لم يحدث ولن يحدث.
وقال الشرنوبي، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، إنه من غير المعقول وربما من المستحيل أن تُجرم أمريكا الأداة التي تستخدمها لتحقيق طموحاتها وتنفيذ سياستها، ولكن ما يثار الآن لا يعدو عن كونه كلاما مستهلكا ومكررا خرج في إطار توزيع الأدوار بين أطراف الإدارة الأمريكية، فأطراف تُجرِّم، وأطراف تعلن عداءها، وأطراف تلتمس العذر وهكذا.
وأضاف أن السياسة الأمريكية محسوبة لا تراعي الإنسان في العالم بقدر ما تراعي ما يحقق مصلحتها، وهي تتلاعب طوال الوقت بالمصائر ومستقبل الشعوب، وتحرص في هذا الإطار أن يبقى ويستمر التنظيم وما ينتج عنه كإحدى أدوات تحقيق المصالح الأمريكية، ولضمان عدم تقدم قاطرة الإنسانية في المنطقة العربية.
aXA6IDM1LjE1My4xMzQuMTY5IA== جزيرة ام اند امز