تسجيل المكالمات.. ترامب يحارب معارضيه بسلاحهم
الرئيس الأمريكي يعمد إلى مواجهة الإعلام وخصومه السياسيين بنفس أسلحتهم.
بدا جلياً في الأزمة الأخيرة التي تعصف بالبيت الأبيض، على خلفية إقالة مدير جهاز الإف بي آي السابق، جيمس كومي، أن الرئيس الأمريكي يعمد إلى مواجهة وسائل الإعلام وخصومه السياسيين بنفس أسلحتهم، وهي تسجيل المكالمات الهاتفية، واستغلال التسريبات الصوتية كسلاح معه، بعد أن ظلت طيلة الفترة الماضية سلاحاً ضده.
المتحدث باسم البيت الأبيض، رفض أن ينفي احتمال تسجيل ترامب للمحادثات التي يجريها في المكتب البيضوي، وذلك بعد التغريدة التي كتبها ترامب واعتبرت تهديداً شبه مباشر لكومي.
وغرد ترامب، صباح الجمعة، قائلاً: "الأفضل لجيمس كومي أن يأمل بعدم وجود تسجيلات لأحاديثنا قبل أن يباشر الإدلاء بتصريحات للصحافة"، وكان ترامب قال، الخميس، في تصريح لشبكة "إن بي سي"، إنه تناول العشاء مع كومي مرة واتصل به هاتفياً مرتين على الأقل منذ وصوله إلى البيت الأبيض.
ورداً على سؤال حول المعنى الحقيقي لهذه التغريدة- رفض المتحدث شون سبايسر تقديم أي إيضاح- مكتفياً بالقول "ليس لدى الرئيس أي شيء يضيفه"، وتابع "هذا ليس تهديداً. لقد اكتفى بتقديم الوقائع والتغريدة تتكلم عن نفسها".
إلا أن أحد الصحفيين أصر وطرح السؤال بشكل مباشر "نعم أو لا، هل يسجل الرئيس المحادثات التي تجري في المكتب البيضوي؟"، فرد المتحدث "ليس لدى الرئيس أي تعليق آخر".
ليست سابقة
أعادت تغريدة ترامب إلى الذاكرة الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون الذي كان يسجل محادثاته الهاتفية التي يجريها في المكتب البيضوي من دون أن يبلغ محادثيه بذلك، الأمر الذي انقلب عليه في النهاية مع فضيحة ووترجيت ما أجبره على الاستقالة، غير أن ترامب يبدو شديد الانتباه للأزمات التي يمكن للإعلام أن يفجرها ضده، ويعمل على وأدها مبكراً، بالأساليب نفسها.
صب الرئيس الأمريكي الزيت على نار الخلاف الناشب بينه وبين كومي، المدير المقال لمكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، عندما طلب منه بشكل علني التزام الصمت وعدم التعليق على ملابسات إقالته من منصبه.
ومنذ إقالة كومي، مساء الثلاثاء، لم يسع ترامب إلى تهدئة الأجواء أو طمأنة منتقدي قراره، الذين يتخوفون من سعيه إلى ترهيب مكتب التحقيقات الفيدرالي وربما ترهيب القضاء الذي يتبع له هذا المكتب في شكل عام، ويبدو أن هذه المكالمات تحمل ما لا يود كومي أن ينشر على العلن.
ونقلت وسائل الإعلام الأمريكية خلال الأيام الماضية عن مصادر رفضت كشف هويتها في البيت الأبيض وفي إدارة ترامب، وجود حالة من الفوضى وخصوصاً بعدما تغيرت الرواية الرسمية حول سبب إقالة كومي وباتت تبدو وكأن أسبابها شخصية.
ودائماً ما كان الرئيس ترامب يشتكي من هذه التسريبات منذ وصوله إلى البيت الأبيض.
ترامب الغاضب
لم يُخفِ ترامب غضبه منذ أشهر من إيراد اسمه في التحقيقات حول علاقة تربطه بروسيا، ويكرر القول، إنه ليس هناك أي دليل على رابط بين حملته وروسيا، ويتهم وسائل الإعلام بالتركيز على هذه المسألة بدلاً من الكلام عن قراراته الاقتصادية أو غيرها.
ووصل الأمر بترامب إلى الطلب من كومي مباشرة خلال اتصالات هاتفية معه أن يؤكد له أن التحقيقات لا تستهدفه شخصياً، الأمر الذي أكده له كومي.
إلا أن مقربين من كومي نقلوا لصحيفة "نيويورك تايمز"، أن ترامب طلب منه الوعد بـ"الولاء" له، لكن المدير السابق لإف بي آي رفض ذلك. ونفى البيت الأبيض هذه المعلومات لنيويورك تايمز.
الحرب بنفس السلاح
وفي 6 تغريدات كتبها صباح الجمعة، صب ترامب غضبه على "وسائل الإعلام المزورة التي تعمل هذه الأيام ساعات إضافية".
وأضاف ترامب في تغريداته "أن مسألة الربط بين الروس وحملة ترامب اختلقها الديمقراطيون لتبرير هزيمتهم في الانتخابات"، إلا أن مكتب التحقيقات الفيدرالي لا يحقق فقط بهذا الربط بل بشكل أوسع في القرصنة الروسية خلال الحملة.
ولا يبدو أن ثمة شكوكاً حول هذه القرصنة وهذا التدخل الروسي، فقد كرر المسؤولون الستة عن كبرى الأجهزة الاستخباراتية في البلاد، وبينهم اثنان عينهما ترامب، أن روسيا حاولت بالفعل التأثير على الانتخابات الأمريكية، وقال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي بالوكالة، أندرو ماكيب، الخميس، إن التحقيق حول تدخل روسيا يرتدي أهمية كبيرة.
ويبدو أن المعسكر الجمهوري لا يزال متماسكاً لجهة رفضه دعوة الديمقراطيين لتعيين نائب عام خاص يحقق بهذه المسألة، لضمان استقلال التحقيق، إلا أن عشرات من المسؤولين الجمهوريين لم يترددوا في انتقاد طريقة ترامب في إدارة هذه الأزمة ودافعوا عن كومي لا بل طالب بعضهم بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة، للنظر في مسألة تدخل روسيا.
أما كومي فلا يزال صامتاً منذ إقالته وطلب منه مجلس الشيوخ المثول أمامه الثلاثاء المقبل لشرح ما حصل، وفي حال وافق فإن الجلسة ستكون مغلقة.