تعزيز المحور العربي بعمودَيْه، الرياض والقاهرة، هو حائط الصد للتنافس الإقليمي على العالم العربي
تعزيز المحور العربي بعمودَيْه، الرياض والقاهرة، هو حائط الصد للتنافس الإقليمي على العالم العربي.. بهذه الكلمات وضع الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أمام الجميع المهمة الرئيسية خلال الفترة المقبلة عربياً وإقليمياً.
إن رسم صورة المنطقة العربية اليوم في نهاية 2017 يحيلنا إلى رسومات السريالية الجديدة، فتشابُكات وتعقيدات التحالفات ومحاولات التدخل الإيراني والتركي، وخيوط تنظيم الحمدين التآمرية تفرض على الجميع تحديد الأولويات بكل صرامة.
ففي العراق وسوريا، تقلَّص نفوذ تنظيم "داعش" الإرهابي، بل اتّجه إلى الهزيمة النهائية، بفضل قطع شريان التمويل من الدوحة عقب قرار المقاطعة الذي أعلنته الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب في منتصف العام، إلى جانب تكثيف التحالف الدولي لهجماته على التنظيم المُتطرف، ولكن هزيمة داعش في ظل الفراغ الإقليمي الراهن حقّقت مكاسب للنظام الإيراني، الذي أصبح يسيطر حالياً على معبر البوكمال الاستراتيجي بين سوريا والعراق؛ مما يجعله على مقربة من تحقيق حلمه التوسعي في السيطرة على طريق واصل من إيران إلى البحر المتوسط عبر العراق وسوريا.
علينا أن نقرأ جيّداً جُملة الدكتور أنور قرقاش، الذي قال فيها "إن الرد العربي يأتي عبر تكاتف وتعاون وتنسيق يُدرك أبعاد ما يجري"، فعلينا جميعاً أن نعترف بأن النظام العربي في مأزق، وأن الحلَّ في التعاضد والتكاتف والتعاون أمام الأطماع الإقليمية.
هذا النفوذ الإيراني يوازيه اندفاع تركي إلى البحث عن نصيب في كعكة النفوذ والمصالح، عبر التقارب مع موسكو وطهران، وبحث إمكانية وجود تركي في المجال الحيوي للعراق وسوريا، وهو التقارب الذي يدفع المواقف المتعارضة بين إيران وتركيا بشأن مصير الأسد تتراجع للخلف لصالح تقسيم مناطق النفوذ بين البلدين.
وفي اليمن، تدفع إيران المليشيات الانقلابية الحوثية لحافة الهاوية عبر إمدادها بالصواريخ البالستية، والأسلحة والأموال لصناعة ما يمكن تسميته "توازن الوهم" مع قوى التحالف العربي لدعم الشرعية.
وتظهر إيران مجدّداً في لبنان، عبر ذَنَبِها "حزب الله" الإرهابي، الذي يحاول من جانبه فرض معادلة جديدة تقوم، ليس فقط على إنشاء دولة داخل الدولة وتفكيك لبنان طائفياً، بل إلى الهيمنة على الدولة اللبنانية وتحويل سكانها كافة إلى رهائن تحت إمرته، بحيث يصبح القرار في يد حسن نصر الله الذي يأتمر، باعترافه وبإقرار قادة طهران، بأمر الملالي الإيرانيين.
ووسط هذا تسعى تركيا إلى تصدير الأزمات للدول المحورية في المنطقة عبر الاستحواذ على جزيرة سواكن السودانية؛ لتهديد الأمن القومي المصري، والسعي لتعكير صفو العلاقات العربية على الدخول على خط الأزمة العابرة بين الإمارات وتونس، فضلاً عن السعي للتوغل في أفريقيا لخلخلة الظهير الاستراتيجي لدول المغرب العربي، وتدارك تفكّك التنظيمات الإرهابية المدعومة من الإخوان في ليبيا والجزائر ومصر، والتي ذاقت الأمرَّيْن على يد الجيوش الوطنية في هذه الدول.
تتجمع كافة خيوط أطماع المحاور الإقليمية رغم تناقضاتها في الدوحة، فليس غريباً أن تنظيم الحمدين هو الذي يستضيف في الوقت نفسه قوات وقاعدة تركية لحمايته من غضب الشعب القطري الشقيق، وهو ما كشف عنه الإعلام التركي مؤخراً من خلال فضيحة أربكت تنظيم الحمدين، ودفع سفارته في أنقرة لاستصدار بيان عاجل لمحاولة لَمْلمَة فضيحة استدعاء الأتراك لحماية تميم ووالده من ردة فعل الشعب القطري الأصيل، تجاه محاولات إبعاده عن انتمائه الخليجي والعربي، وفي الوقت نفسه يحرسه إرهابي "الحرس الثوري" الإيراني، الذي هو نفسه يحارب حلفاء تركيا في سوريا، ويجلس معهم تنظيم "الإخوان" الإرهابي الذي يوفِّر الغطاء والمال عبر الدوحة للتنظيمات الإرهابية التي تقاتل حلفاء إيران وتركيا معاً في العراق وسوريا، وعلى بُعد خطوات من القاعدة الأمريكية التي تنطلق منها الطائرات لقصف أهداف للإرهابيين المتحالفين مع الإخونجية والمدعومين من قطر.
إن ماسبق هو التعبير الأوضح عن حجم التنافس الجيوستراتيجي على المنطقة، والذي يجعل كافة التناقضات تتصالح وتتشابك من أجل هدف واحد، هو الانقضاض على العالم العربي، ودفع المنطقة إلى الفوضى والإرهاب تحت شعارات طائفية بغيضة وبأسلحة الفتاوى الشريرة، وبمال قَذِر يُدفَع من أموال الشعب القطري، الذي أصبح رهينة الإرهابيين والمرتزقة المأجورين من تنظيم الحمدين.
في المقابل، هناك المحور العربي بعمودَيْه السعودية ومصر، ومعهما الإمارات والبحرين وعدد من الدول العربية. هذا المحور يدرك أن مهمته في حماية استقرار المنطقة وشعوبها، والوقوف أمام الأهداف التآمرية والتوسعية والإرهابية التي تستهدف العالم العربي.
وهنا علينا أن نقرأ جيّداً جملة الدكتور أنور قرقاش، الذي قال فيها "إن الرد العربي يأتي عبر تكاتف وتعاون وتنسيق يُدرك أبعاد ما يجري".
فعلينا جميعاً أن نعترف بأن النظام العربي في مأزق، وأن الحلَّ في التعاضد والتكاتف والتعاون أمام الأطماع الإقليمية.
في هذه الرؤية، فإن التخلّص من تلك الحرباء المُتلوِّنة في الدوحة، الممثلة في تنظيم الحمدين الذي يُعدُّ نقطة تجمع كافة المؤامرات الإقليمية على عالمنا العربي، يمثّل أهم الأولويات.
وهناك ضرورة اليوم لضرب جرس إنذار للحكومات العربية كافة، بأن المناكفات والسعي لغرس الطائفية والحزبية وصناعة خيوط مع تركيا وإيران، أو التودّد لقطر عبر إخوانهم الشياطين ستدفع ثمنه كافة الشعوب العربية، فيجب أن يدرك الجميع أن التكاتف بل وتقوية المحور العربي بعمودَيْه الرياض والقاهرة هو ليس خياراً، بل هو مصير الأمة، ومَنْ يسعى لإضعاف هذا المحور هو مَنْ يقف في جانب خيانة مستقبل شعوب العالم العربي..
فهل وصلت الرسالة؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة