بالفيديو.. أقدم صانعي "البابوش" بمصر: المهنة لن تموت

صانع البابوش الأربعيني يرى أن هناك أسباب عديدة تؤثر بالسلب على استمرار صناعته، لكنه لا يزال يقاوم
"حذاء طبي مريح بسعر مناسب ومتوفر في أكثر من لون وشكل".. هكذا يروج أقدم صانعي "البابوش" بمنطقة الحسين بالقاهرة "جمال وجدي" لصناعته اليدوية، التي باتت مهددة بالزوال، في ظل تطور صناعة الأحذية، وغياب السياحة عن منطقة الحسين وسوق خان الخليلي.
وتعد البابوش صناعة قديمة عرفها المصريون منذ زمن طويل، وهي شكل متطور للحذاء اليدوي بعد أن تطورت صناعته من مرحلة استخدام ورق البردي وجلود الحيوانات المختلفة التي تشد على القدمين بواسطة أربطة بسيطة لحماية الأرجل من الأرض، مرورا بصناعة "المقسمين"، وهو حذاء يتكون من الجلد بدون كعب، صناعة الأحذية من الجلود المصبوغة المزودة بكعب.
وفي حديثه لبوابة "العين" الإخبارية، يذكر "وجدي" أن الفرنسيين هم أول من أطلق على الحذاء اليدوي لقب "بابوش"، مبينا أن تسمية الحذاء اليدوي تختلف من بلد لآخر حسب اللغة والثقافة.
ويري صانع البابوش، الذي يعمل في المهنة ما يقرب من ٤٠ عاما، أن هناك أسباب عديدة تؤثر بالسلب على استمرار الصناعة، نظرًا لغياب السائح العربي والأجنبي عن مناطق الحسين وخان الخليلي خلال الـ5 سنوات الماضية، وضعف إقبال المصريين على شراء البابوش، حيث يلجأ البعض لشرائه لغرض طبي أو ترفيهي فقط، بالإضافة لقلة أعداد العاملين بالصناعة، خاصة وأن تعلم المهنة يحتاج لموهبة وسرعة وتركيز ومثابرة ورغبة في التعلم، ونادرًا ما يتحمس الشباب لهذه المهنة.
يبذل "وجدي" مجهودًا كبيرًا للحفاظ على مهنته واستمرارها من خلال تعليم أبنائه الـ3 للصناعة، حيث شجعهم على نزول الورشة الخاصة به وهم في سن صغير جدا لتعلم شغل البابوش، لكن بشكل لا يتعارض مع دراستهم، ويبرر ذلك بقوله: "من المستحيل المهنة دي تموت.. أنا ورث المهنة أباً عن جد، ولازم تكتمل رحلتها بتوريثها لأولادي وأحفادي".
وعن فن تصنيع البابوش؛ يوضح صاحب الـ ٤٨ عاما، الذي اتجه لاحتراف الصناعة بعد تخرجه من كلية الآداب، أن البابوش مهنة ليست سهلة تحتاج لدقة وفن لإخراج المنتج بشكل أنيق يلقي استحسان الزبائن.
ويسرد "وجدي" مراحل التصنيع وهو ممسكًا بأدواته البسيطة من الخيوط القطنية والإبرة، شارحًا المراحل التي تبدأ بالحصول على جلد الجِمال وتجهيزه للدخول في مرحلة المعالجة، والمرور بمرحلة الدباغة التي ينظف فيها الجلد من الوبر، حتى يصبح نظيف تمامًا وجاهز لتحديد اللون المطلوب بين أربعة ألوان (أسود، أزرق، أحمر، أخضر)، ثم تبدأ مرحلة تحديد المقاسات المختلفة، يعقبها مرحلة التصنيع بوضع وجه الحذاء والنعل والبطانة الداخلية، وبعدها يوضع على القالب لمدة يومًا واحدًا، وهي مرحلة أخيرة لتجهيز البابوش في شكله النهائي.
كما يتمسك وجدي بمهنته، يظل متمسكًا أيضا بطرق دعاية قديمة في الترويج والتسويق لمنتجات ورشته، ويتحدث عن ثقة قائلاً: "غير مهتم بالدعاية على صفحات فيس بوك، أو نشر صور على الإنترنت، الكلام المتبادل بين الزبائن ومع أصدقائهم عن تجربة استخدام الحذاء كافِ جدًا لمعرفة مكاني وجودة بضاعتي".
وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي تواجه صناعة البابوش، يقول وجدي بنبرة تفاؤل قبل أن نغادره: "السياحة سترجع مصر، ومش معقول الدنيا تستمر كده، ولازم الخير يرجع تاني وتتعدل الأيام للأفضل"، معتبرًا أن مهنته لها طابع خاص، يجعلها تقاوم من أجل البقاء وسط باقي الصناعات الحديثة.