مصرية ترسم لوحات الأحبة بالمسامير .. غرام معلق
لوحٌ خشبي، وكيس مملوء بالمسامير، أدوات قد تبدو للوهلة الأولى بسيطة لكن استطاعت "أمل" أن تدق بها "فنًا" لم يطرقه غيرها في مصر.
لوحٌ خشبي، وكيس مملوء بالمسامير، أدوات قد تبدو للوهلة الأولى بسيطة لكن استطاعت "أمل" أن تدق بها "فنًا" لم يطرقه غيرها في مصر، إذ تحاول الفتاة ذات العقد الثلاثيني أن ترسم وجوه الكثيرين من الأحبة، وتسجل مشاهد العشرات من الأفلام المفضلة لمتابعيها، لا لتدخل عليهم البهجة فقط ولكنها تضمن لهم لوحة فنية لن تغادر جدران منازلهم.
والدق بالمسمار يستخدم في تثبيت اللوحات على الحائط، لكن ما تفعله أمل مختلف حيث تقوم بدق المسمار داخل اللوحة نفسها، بعدما تقوم برسم الإطار الخارجي للشكل المراد سواء كان وجهًا أو مشهدًا كاملًا، لتبدأ بعد ذلك مرحلة تثبيت المسامير على ذلك الإطار، وهو ما يجعل مهمتها ذات مهارة خاصة بين الفنون المنتشرة في الآونة الأخيرة.
وبينما تحاول "أمل" تثبيت المسمار، قبل أن تقرر أن تضعه جانبًا إذا أنها اكتشفت أنها في حاجة لغيره، تقول لبوابة "العين" الإخبارية: لم أكتفِ بالمرور على الخطوط وكأنها رسم عادي، فكرت أن أرسم لوحة بطريقة مختلفة، ربما ما دفعني لهذا التفكير عيد ميلاد زوجي حيث أحببت أن أهديه شيئًا مميزًا وقد كان.
تمسك بالمسمار مجددًا وتتابع: في البداية فكرت في مواد غيره، مثلًا الفَلة، وبعدها فكرت في الدبابيس، وفي النهاية قلت لماذا لا أجرب المسامير، وبالفعل بعد يومين أنهيت اللوحة وبها أغلى شخصين بحياتي زوجي وابني.
"لماذا لا أكرر التجربة؟، من هنا بدأت رحلتي، واشتريت أخشاب من جودة أعلى تتحمل دق المسامير، وإطارات للوحات، وقمت بعمل فيلم كان من أكثر الأفلام المحببة لقلبي والملهمة لي على حد سواء، وهو فيلم "الكيت كات" وبعده توالت اللوحات، رسمت 5 لوحات أعتز بكل واحدة منهم كأنهم صغاري".
"لم تكن بدايتي سهلة"، تكمل الفتاة التي تقول إنها نالت من اسمها نصيبا: كنت آمل أن يرى الناس أعمالي ففكرت في أن يكون لي صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي تبرز أعمالي، حتى أن البعض كان يراسلني ويطلب مني رسم أحبائهم بالمسامير، وهو ما كان بمثابة تحدٍّ لي.
تتحدث أمل عن صعوبات العمل: المعوقات التي واجهتي كوني فتاة لا تعد ولا تحصى، كنت أعمل مع "صنايعية" (عمال يدويين) وأتعامل مع الباعة الذين كان بعضهم يظن أني فتاة ويسهل أن يخدعني في نوعية المواد المشتراة مثل الخشب.
تبتسم أمل: لكن هذا العائق أصبح بعد فترة ميزة لأنني صرت أتعامل مع أنماط مختلفة من الناس، ويوميًا ألتقي أُناسا جددا، وهذا بخلاف عملي التقليدي كمهندسة عمارة، والذي لا أظن أنني سأعود إليه.
لم تكتف الفتاة التي يحيطها شغفها بالمسامير في كل أركان المنزل، فصممت لوحات مكتوبة بالعربية، لتظهر كخلفية في حفلات شخصيات فنية أحبتهم، وتمنت العمل معهم، في مقدمتهم مغني الراب المصري على طالباب والموسيقي اللبناني إبراهيم معلوف الذي صممت له لوحة خصيصًا استغرق عملها شهرين حيث بلغ طولها 170 في 125.
أحلام لا تنتهي، الوصف الأنسب لمستقبل أمل كما تراه، والتي تسعى حاليًا لمراسلة فرقة "كولدبلاي" الشهيرة، أحد فرق الروك الإنجليزية، كي تتمكن من تصميم لوحة لهم في إحدى حفلاتهم، الأمر الذي تصفه بأنه "حلم يحتاج إلى مزيد من المثابرة والصبر".
تتحدث أمل عن تعلمها الصبر: في حياتي لم أكن صبورة على الإطلاق، لكن بمرور الوقت، تعلمت كيف أصبر على اللوحة حتى أنتهي منها، وربما يساعدني على الصبر رغبتي في مشاهدة اللوحة خاصة أن شكلها لا يظهر ولا يمكن التعرف عليه إلا في النهاية.
بخلاف الصبر، هناك التركيز، بحسب أمل التي تضحك وتقول "لو وضعت مسمارا في غير موضعه، واكتشفت هذا متأخرًا، أعيد اللوحة من جديد، وهذا يتطلب مني مجهودًا مضاعفًا".
ويمتد مجهود أمل إلى استخدام مواد أخرى في تصميم اللوحات، مثل الصًواميل، ودبابيس الدباسة، وتفكر في رسم مجموعة تصاميم على الأثاث، وتتعلم لغة الصم والبكم حتى يمكنها تعليمهم هذا الفن خاصة أن دق المسامير لن يكون مزعجًا لهم وهو ما سيمكنهم من مشاركتها حلمها الأكبر، وهو إنشاء مدرسة لتعليم الرسم بالمسامير.
الصعوبة التي تواجهها أمل، ذات شقين، بحسب حديثها، فمن جهة تقول إن البحث عن الفكرة وإيجادها هو أصعب مرحلة، خاصة أنها تحاول رسم أكثر المشاهد في الأفلام، أو للشخصيات تأثيرًا في الناس، ومن جهة يبقى الانتشار الفني خارج بلادها تحديا كبيرا يواجها.
"حاولت البحث عن المعارض عبر الإنترنت، وبالفعل منذ مدة تواصلت مع أحد المعارض بدبي، وقمت بشحن مجموعة من اللوحات، قد يكون الأمر مكلف وصعب فيما يتعلق بنقل اللوحات، لكنني أعافر من أجل حلمي".
لا تفصح أمل التي يدعمها زوجها معنويًا عن سعر اللوحات، لكنها تقول كل لوحة على حسب الألوان والتفاصيل المطلوبة فيها، كما أن الأمر يختلف إذا ما قمت بعرضه في المعارض، حيث أضطر لزيادة سعر اللوحة حينها.