معرض منحوتات من البرونز والطين في رام الله لفنانة سورية
تقدم الفنانة السورية الشابة رندا مداح في معرضها (ربطة شعر) نتاج سنة من العمل في نحت ما يزيد على 50 عملا فنيا من البرونز والطين والجبس
تقدم الفنانة السورية الشابة رندا مداح في معرضها (ربطة شعر) نتاج سنة من العمل في نحت ما يزيد على 50 عملا فنيا من البرونز والطين والجبس.
وقالت رندا مداح، فيما كانت ترتب أعمالها في قاعة معرض (جاليري1) في رام الله، استعدادا لافتتاح معرضها مساء اليوم السبت "أعمالي تنطلق من مفهوم المكان الذي نشأت فيه"، وأضافت في حديث لـ"رويترز": "المكان الذي أتيت منه هو الجولان السوري المحتل من مجدل شمس القرية الحدودية، ومن ثم فنحن مفصولون بشكل قسري منذ عام 1967 عن سوريا".
وترى رندا أن دراستها للفن في سوريا خلق لديها "حالة الشعور بالتعلق بين مكانين، فأنت تنتمي إلى مكان لا تستطيع أن تكون فاعلا فيه أو جزءا من مشاكله وتفاصيله"، وتبدو الأعمال البرونزية تجسيدا بشكل أو بآخر لعرائس مسرح الدمى ذات الأشكال الشريرة بوضعيات مختلفة، ويظهر الشعر في كثير منها مستخدما لتعليقها أو ربطها وهي تجسد امرأة أو طفلا أو رجلا.
وأوضحت رندا أن طبيعة أعمالها تغيرت من الرسم بقلم الرصاص على الورق أو رسم الاسكتشات إلى النحت، متأثرة بالواقع الذي تعيشه وما يشهده بلدها سوريا.
وقالت إنها ابتعدت عن الرسم بالرصاص واتجهت للنحت لأنها رأت أنه أكثر تعبيرا عن شعورها بالإحباط، إذ ترى "الواقع يتغير من سيء إلى أسوأ".
وأضافت "قبل أن أبدأ العمل أنطلق من فكرة عامة وعندما أبدأ العمل لا أفكر.. العمل يكون نتيجة الإحساس".
وتظهر في أعمال رندا مداح المنحوتة في الجبس العديد من أشكال الطيور المعلقة، إضافة إلى دمى العرائس.
وقالت رندا "كل حدا فينا عنده أشياء بتشده وتمنعه يحقق أهدافه منها، الواقع المفروض عليه والتقاليد والوضع اللي نعيشه.. بتشده بتمنعه يتقدم أو يغير حياته وتفاصيلها.. الشد والتعلق بين مكانين يشكل حالة ضياع"، وأوضحت رندا أنها أنجزت جميع الأعمال الفنية المعروضة بالطين، ثم اختارت تنفيذ عدد منها بالبرونز وأخرى بالجبس، وقالت إن التعامل مع الطين أسهل إذ يمكن تشكيلها باليدين كيفما شاء الفنان، بينما تحتاج أعمال البرونز والجبس لقوالب خاصة.
وتختصر الفنانة السورية تقديم معرضها بجملتين تقول فيهما في كتيب حول المعرض "على مساحة موازية يحدث كل هذا.. أرض مشطورة وسماء لا تكثرت والكثير من الحكايا بينهما"، وتضيف "حكايتي هي تمرير الذاكرة عن إرث موحش لم يدركه النسيان بعد".
ويصف الكاتب البريطاني جون بيرجر أعمال رندا مداح الفنية بأنها "ساحرة"، وقال في كلمة له في كتيب حول المعرض "أعود إلى فلسطين وأتأمل الأرض التي أمشي عليها.. وأفكر في قرارة نفسي أنها كلها تشكل شظايا ليست من الأرض بل من الوطن.. وهذا ما تعكسه الأشكال التي تخلقين".
ويضيف "أنت تخلقين الصور الشخصية لهذه الجزيئات الأرضية من ذاتك، وكأنك تحملين حصى هضبة الجولان في يسراك وفي يمناك ترسمين أحشاءها".
ويقدم الشاعر السوري الكردي المقيم في فرنسا جولان حاجي أعمال رندا بقوله "ليست هذه المخلوقات هاربة من الجحيم، إنها قطعة منها، بعضٌ من وجودها"، ويضيف "رندا تظهر لنا ما لا نراه.. من نار لا ترى إلى نيران تجوب العالم حولنا، يلفح اللهب الجميع ويساوي بينهم أمام الرعب، فيسفع ملامحهم ويصهر أشلاءهم ليوحدهم الذوبان، أو يفرقهم ويشتت بالتهديد شملهم.. هذه خصوبة الموت وتوالد النهايات من بعضها البعض".
ويتابع قائلا "في هذه الوجوه، تختلط الأزمنة والأعمار، وتمتزج الطفولة بالشيخوخة والحنان بالمرض.. الأنوف مجدوعة، والأفواه لا تزال مفتوحة بعد انتهاء الصراخ الذي لم نسمعه".
ويستمر معرض (ربطة شعر) حتى التاسع والعشرين من الشهر الجاري.
وقالت رندا مداح إنه ليس لديها مخططات للعرض في أماكن أخرى، في الوقت الذي تستعد فيه للتوجه إلى فرنسا لإكمال دراستها في فن النحت على النحاس.