بعد اعتقال رادوفان كرادغيتش، أحد أكبر مجرمي حرب البوسنة والهرسك، سيظل في الأذهان كأحد أكبر مجرمي الحرب في أوروبا.
أصدرت محكمة الجزاء الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة حكمًا بالسجن 40 عامًا على رادوفان كرداغيتش، مجرم حرب البوسنة والهرسك، إثر إدانته بارتكاب إبادة جماعية و9 جرائم أخرى ضد الإنسانية وجرائم حرب خلال حرب البوسنة.
وقد أُوقف كرادغيتش الزعيم السياسي السابق لصرب البوسنة في الفترة بين 1992-1995 في يوليو/تموز 2008 في بلغراد بعد هروبه طيلة 13 عامًا، ويحاكم أمام محكمة الجزاء الدولية في لاهاي بتُهم عديدة من ضمنها ارتكاب مجزرة.
وُلد كرادغيتش في 19 يونيو/حزيران 1945 في قرية "بيتنيتسا" في "مونتينيغرو"، وأمضى طفولته في نيكسيتش قرب الحدود مع البوسنة. وكان والده الذي ورث عنه نزعته القومية المتشددة، اعتقل لمشاركته في حركة "التشيتنك" التي قاومت النازية وأنصار "تيتو" الشيوعيين إبان الحرب العالمية الثانية.
وفي سن الـ15، وصل كرادغيتش إلى ساراييفو، حيث بدأ دراسة الطب في 1964، قبل أن يتخصص في الطب النفسي. ومن هواياته كتابة القصائد وتأليف مسرحيات وموسيقى شعبية.
ويقول عصمت سريتش، طبيب نفسي، إنه رجل "بألف وجه ووجه"، ويعاني اضطرابًا في الشخصية.
وتقول مرسادا مالاغيتش، التي قتل نجلاها وزوجها في مجزرة سريبرينتشا، في تصريح لوكالة فرانس برس: "عندما أدليت بشهادتي ضده (أمام محكمة الجزاء الدولية) لاحظت أنه لا يشعر بأي ندم".
وفي مجزرة سريبرينتشا قتلت القوات الصربية في البوسنة قرابة 8 آلاف رجل وفتى مسلمين في يوليو/تموز 1995.
وفي مطلع تسعينيات القرن الماضي، أسس كرادغيتش الحزب الديمقراطي الصربي في البوسنة الذي لا يزال اليوم من أبرز التشكيلات السياسية في البلاد. وتسارعت وتيرة مشروعه لتقسيم البوسنة بعد تنظيم استفتاء حول الاستقلال في مارس/آذار 1992 قاطعه الصرب واستغله كرادغيتش ذريعة ليبدأ عملياته العسكرية.
وقام كرادغيتش، بمساعدة الجنرال راتكو ملاديتش، بـ"تطهير" البوسنة من العناصر غير الصربية، ما أرغم أكثر من مليون شخص على الرحيل عن قراهم أغلبهم من المسلمين، فيما قتل 200 ألف شخص خلال الحرب. وبموجب اتفاقات "دايتون" للسلام الموقعة في نهاية 1995، حصل كرادغيتش على "جمهوريته" "صربسكا" (كيان صرب البوسنة)، في حين تقاسم الكروات والمسلمون النصف الآخر من البلاد المعروف بالاتحاد الكرواتي المسلم.
غير أن ميلوشيفيتش أبعده عن اتفاقات دايتون، وفي يوليو/تموز 1996 حظر عليه الظهور علنًا. وقرر عندها التواري فانتقل إلى العمل السري طوال 13 عامًا، واختبأ في البداية -بحسب بعض المعلومات- في أديرة أرثوذكسية في المنطقة.
إلا أن أحدًا لم يكن يتوقع أن يكون أحد أكثر المطلوبين في العالم يقيم في قلب العاصمة الصربية متنكرًا بممارسة الطب البديل.
ويتهم كرادغيتش خصوصًا حول دوره في حصار ساراييفو الذي استمر 44 شهرًا وقتل خلاله قرابة 10 آلاف مدني، وأيضًا حول مجزرة سريبرينتشا.
إلا أنه أكد أمام القضاة في أواخر 2012 ودون أي ندم قائلًا: "لقد قمت بكل ما كان ممكنًا من أجل تفادي الحرب والتخفيف من الآلام البشرية".
ويقول ريتشارد هولبروك، مهندس اتفاقات دايتون الأمريكية التي وضعت حدًّا للحرب في البوسنة، أنه يعتبر كرادغيتش "أحد أسوأ الرجال في العالم".
وأضاف الدبلوماسي الأمريكي السابق عقب توقيف كرادغيتش: "كان يؤمن فعلًا بالنظريات العنصرية، كان سيصبح نازيًّا جيدًا".
أما الجنرال البريطاني مايكل روز، قائد قوات الأمم المتحدة في البوسنة في 1994، فيقول إن كرادغيتش "كذَّاب محترف، يعاني من جنون العظمة، يعاقر الخمرة حتى تحول إلى الإدمان".
الجدير بالذكر أنه عند توقيف كرادغيتش، لم يكن من الممكن التعرف عليه بشعره الطويل ولحيته البيضاء، كما أنه كان يطلق على نفسه اسم دراغان دابيتش وأنه متخصص في الطب البديل.
aXA6IDMuMTQuMjUxLjEwMyA= جزيرة ام اند امز