مؤتمر الحزب الشيوعي في كوريا الشمالية.. التاريخ والتداعيات
يمثل مؤتمر حزب عمال كوريا الشمالية فرصة للعالم للاطلاع على قرارات تلك الدولة، لكن تاريخ ذلك المؤتمر دائما ما كان مؤثرا في سياساتها.
جاءت نتائج مؤتمر حزب العمال، الحزب الشيوعي الحاكم في كوريا الشمالية، بقرارات عديدة كان أبرزها أن بيونج يانج لن تستخدم السلاح النووي ضد أي بلد إلا في حالة تهديد أمنها المباشر.
وبدأ المؤتمر يوم الجمعة الماضي، وهو أول مؤتمر للحزب الحاكم في كوريا الشمالية منذ 36 عاما وسط توقعات حكومة كوريا الجنوبية وخبراء بأن يستخدمه الزعيم الشاب "كيم جونج أون" لتعزيز قبضته على السلطة التي تولاها عام 2011 بعد وفاة والده.
واستعراض تاريخ المؤتمرات الحزبية في كوريا الشمالية على مر السنوات الماضية، يكشف الكثير عن طريقة صناعة السياسة الداخلية والخارجية لبيونج يانج، طبقا لما نشرته وكالات شينخوا الصينية وNHK اليابانية.
ففي عام 1946 كانت بداية تأسيس الكيان الشيوعي لكوريا الشمالية، حيث اجتمع حزبان من ذوي الاتجاه الشيوعي، هما الحزب الشيوعي الكوري والحزب الشعبي الكوري، ليتفقا على الاندماج تحت مسمى "حزب العمال الكوري" في وقت كانت فيه جميع الأحزاب والكيانات الشيوعية تتبع الإشراف المباشر للاتحاد السوفيتي.
وقبل بداية الحرب الكورية، قام هذا الحزب الشيوعي الوليد بإعلان انفصال القطاع الشمالي عن دولة كوريا خلال التجمع الثاني للحزب وإعلانها دولة شيوعية تتبع الإشراف السوفيتي في 1948 بشعارها وعلمها وحدودها المستقلة عما يعرف اليوم بكوريا الجنوبية.
لكن بعد الانتصار في الحرب الكورية على الولايات المتحدة وحلفائها في 1953، بدأت الصراعات الداخلية والانقسامات في داخل الحزب الشيوعي الكوري، مما أدي إلى وضع زعيم الحزب وقتها، كيم ايل سونج، في موقف حرج بين مؤيدي الإشراف السوفيتي والدعوات المستمرة داخل الحزب للانفصال عن الحضانة السوفيتية، حيث تعرض إلى محاولة لإزاحته من الحكم لإبقاء الإشراف السوفيتي، إلا أن كيم استطاع سحق المعارضة بسرعة في 1956 حيث أعلن حينها كيم أنه الحاكم الفعلي للبلاد في المؤتمر الثالث.
ثم تلا ذلك المؤتمر الرابع في 1958 طرد كل من لا يتفق مع كيم ايل سونج، حيث أصبحت العلاقات بين الاتحاد السوفيتي والصين متدهورة للغاية، مما جعل كيم يتصرف كما يشاء، حيث وضع سياسات تختلف عن منهج السوفييت والصينيين في ذلك الوقت.
وجاء المؤتمر الخامس في 1961 كإعلان عن استقلال كوريا الشمالية سياسيا عن الاتحاد السوفيتي، حيث أصبحت الكثير من مؤسسات الدولة مدعومة من أصدقاء كيم وأتباعه، خصوصا عصابات وزعماء الحرب من منشوريا، والتي وضعت حجر الأساس للزعامة الدكتاتورية المطلقة لعائلة كيم أيل حتى اليوم.
وفي 1966 قام كيم بإعلان عسكرة الاقتصاد ووضع جميع المواطنين تحت التجنيد الإجباري، رجالا ونساء وأطفال، في مؤتمر الحزب السادس، وأعلن قيام "النظام الأيديولوجي المتجانس" الذي وضع كوريا الشمالية رسميا كدكتاتورية قمعية.
وفي 1970، ألقى كيم ايل سونج خطابا للحزب في المؤتمر السابع يعلن فيه عن الثورات الثلاثة، الأيديولوجية والتكنولوجية والثقافية، التي قال إنها ستنقل كوريا الشمالية نقلة نوعية لابد من تنفيذها، والذي شهد أيضا تقديم ابنه، كيم جونج ايل، كرمز من رموز القيادة في الحزب والدولة الشيوعية.
وقام الحزب في المؤتمر الثامن بإعلان كيم جونج ايل كوريث للحكم ولزعامة كوريا الشمالية في 1980 بشكل علني وصريح، وقد حضر هذا المؤتمر العديد من الأجانب، خصوصا من الدول الأفريقية، أبرزهم كان روبيرت موجابي الذي لا يزال يحكم زمبابوي حتى هذا اليوم.
ولم يعقد الحزب أي مؤتمرات خلال فترة حكم كيم إيل جونج.
وقام الوريث الجديد لحكم كوريا الشمالية كيم جونج أون بعمل اجتماع للحزب في 2012 ليعلن أنه نائب رئيس الحزب بدعم جميع أعضاء الحزب بلا استثناء، حيث إن والده هو رئيس الحزب الشيوعي الكوري الشمالي الأبدي.
وشهد هذا الاجتماع أيضا حملة تصفيات واسعة النطاق لمعارضي وصول كيم جونج أون الشاب للسلطة، حيث أكد أنه سيحكم كوريا بقبضة حديدية على نهج والده وجده، وقد أكد ذلك بعد شهرين من توليه السلطة بحملات إعدام واسعة لقادة في الجيش طالت حتى عمه.
وأعلن كيم جونج أون عن انعقاد المؤتمر العام للحزب الشيوعي الكوري الشمالي 2016 في وقت سابق من شهر أبريل/نيسان الماضي، بعد توقف دام 36 عاما.
وشهد المؤتمر الأخير تحولات جذرية في سياسات كوريا الشمالية، حيث أعلن اليوم الأحد خلال المؤتمر العاشر للحزب أنه لن يهاجم أي دولة ما لم تكن "تهديدا مباشرا وخطرا" لسيادة وأمن بيونج يانج، حيث أشار إلى ضرورة الالتفات إلى السلام الدولي، وأن كوريا الشمالية لا تريد الحرب مع جيرانها.
وتشير التصريحات الأخيرة لجونج أون، أنه مع التجارب النووية التي تعلن بيونج يانج نجاحها، أصبح هناك اتجاه لدى الجيل الجديد في إدارة بيونج يانج لاستعمال الدبلوماسية بدلا من التلويح بعصا الأسلحة النووية التي خلقت توترا بينها وبين عدة دول أبرزها الصين، حليفة بيونج يانج الرئيسية، بعد التجارب المتعددة التي قامت بها في مستهل 2016.
aXA6IDMuMTMzLjE1Mi4yNiA= جزيرة ام اند امز