إنسانية "اشتباك" تشعل الجدل في الصحافة الأجنبية والعربية
الطابع الإنساني الذي لا يحمل أي رسائل سياسية، كان السبب الرئيسي خلف ردود الأفعال الإيجابية عن فيلم "اشتباك"
رغم أن أحداث فيلم (اشتباك) للمخرج محمد دياب تدور داخل عربة ترحيلات مكتظة بالمتظاهرين، فإن أكثر ما لفت أنظار الصحافة العالمية في الفيلم بعد عرضه العالمي الأول في مهرجان كان السينمائي، كونه فيلمًا إنسانيًّا من الدرجة الأولى ولا يحمل أي رسائل سياسية أو يتحيز لقوى بعينها، ليكون هذا هو السبب الرئيسي خلف ردود الأفعال الإيجابية عن الفيلم من قبل النقاد والجمهور من مختلف أنحاء العالم.
وأفردت مجلة فارايتي في مطبوعتها مساحة خاصة للفيلم المصري، ففي مقال بعنوان "منفذ غير سهل"، كتب محرر المجلة نيك فيفاريللي تقريرًا عن توجه صناع الأفلام العرب إلى تناول موضوعات جديدة تصلح لجذب المشاهدين المحليين والعالميين على حد سواء.
وركز المقال في مقدمته على فيلم (اشتباك) للمخرج محمد دياب الذي افتتح عروض قسم نظرة، ما آثار موجة من الإعجاب النقدي وحماس الجمهور يوم الخميس الماضي.
ونقل عن إريك لاجيس، أحد منتجي الفيلم مع معز مسعود ومحمد حفظي، قوله: "هناك جيل جديد من المخرجين العرب أصبح لديهم فهم بأنه عليهم صناعة أفلام تحظى بقبول عالمي.. اشتباك فيلم درامي للغاية.. لكنه أيضًا كوميدي".
أيضًا أجرى فيفاريللي مقابلة صحافية مع المخرج محمد دياب ضمن المقابلات التي تقدمها المجلة مع أهم السينمائيين المشاركين بالمهرجان، كما تناول الناقد جاي وايسبرغ الفيلم في تقرير له عن حالة الرقابة في السينما العربية، ونقل فيه عن دياب قوله: "كل من أعرفهم توسلوا إليّ لكيلا أصنع فيلم اشتباك... لقد فكروا أنه في هذه الأوقات المضطربة، سيكون من الخطير جدًّا تقديم فيلم أكشن وإثارة سياسي".
المفارقة الساخرة أن الفيلم في الواقع ليس عن انتقاد الحكومة أو أية جهة، فهو أكثر عن اكتشاف النفس وحالة البشر".
وفي العدد السابق من مطبوعة فارايتي اليومية أشاد وايسبرغ بالفيلم قائلًا: "نقل فيلم اشتباك حالة من الهيستيريا بلغة سينمائية بارعة استخدم فيها مزيجًا من الفوضى والوحشية، مع بعض الإنسانية".
وفي موقع هافنغتون بوست، وصفت الناقدة الإيطالية إي نينا روث الفيلم بكونه رسالة عن الإنسانية، وأضافت "أحيانًا يصنع الفيلم التاريخ قبل عرضه".
وفي موقع First Showing ذكر الناقد أليكس بيلينغتون "وسط كل الشغب الحاصل في الفيلم نجد لحظات حقيقية من الإنسانية، والتواصل البشري، وأنا أثق أن كل ما كان دياب يحاول الوصول إليه هو أنه على الرغم من الصدام المحتدم، فكلنا إنسان وكلنا نرغب في العيش، وقد أوصل دياب هذه الفكرة بشكل جميل".
فيما وصف تقرير موقع هوليوود ريبورتر فيلم اشتباك بأحد كنوز المهرجان الخفية، وفي مراجعة نقدية أخرى على الموقع نفسه وصفت الناقدة ديبوراه يانغ فيلم اشتباك بأنه سيكون فيما بعد أحد أهم المواد البصرية التي توثق الوضع في مصر الحديثة؛ لأنه لا ينحاز لأي جانب، وهذا بحد ذاته يرفع الفيلم فوق النقاش السياسي لصالح نقد التمييز وانعدام الإنسانية.
وأضافت قائلة "يشعر الجمهور أنه مسجون أيضًا مع أبطال الفيلم، حيث تم إلقاء القبض عليه دون أن يشعر، ويجد نفسه وسط صراعات محتدمة وحادة تعلو ذروتها مع استمرار أحداث الفيلم".
كما أشاد بالفيلم أيضًا الناقد بينجامين لي من الغارديان، واصفًا إياه بالفيلم الرائع والعبقري الذي استطاع أن يتحدث عن الفوضى بعد الثورة المصرية بشكل ممتاز، وفي موقع The Upcomming ذكرت الناقدة جاسمين فالجاس "تنوع الشخصيات في اشتباك رائع واستطاع أن يعبر عن المجتمع المصري بفئاته كلها".
وكانت مجلة سكرين إنترناشيونال قد اختارت اشتباك ليكون واحدًا من أكثر الأفلام الجذابة لمديري المهرجانات السينمائية في عام 2016، وبينما تضم القائمة 54 فيلمًا من أنحاء العالم، كان اشتباك هو الفيلم الوحيد الذي اختارته المجلة من العالم العربي.
وفي الصحافة العربية تناول الناقد هوفيك حبشيان الفيلم بجريدة النهار اللبنانية قائلًا: "الوضع المصري بعد الربيع أصبح شديد التعقيد ويصعب الإفتاء فيه من دون الوقوع في المهاترات، إلا أنّ الفيلم يبسّطه إلى أقصى حدّ للفوز بجمهور ليس بالضرورة خبيرًا في الشأن المصري، من خلال التعامل مع مجموعة من النماذج البشرية من عمق الاجتماع المصري، فيطال من خلالها أفكارًا تذهب أبعد من جغرافيا المكان ومفاهيمه".
فيما ذكر الناقد أحمد شوقي في مراجعته النقدية بموقع "في الفن" أن الفيلم "عمل مشرف إجمالًا، يأخذ به صانعه خطوات للأمام على مستوى الصنعة، ويعيد للسينما المصرية تقدير المهرجان السينمائي الأهم لها بعد سنوات من الغياب".
وقال الناقد رامي عبد الرازق على صفحته بموقع فيس بوك، إن "اشتباك تجربة هامة ومختلفة وناضجة في الفيلم السياسي المصري"، مضيفًا "استطاع الأخوان دياب تلخيص حقبة كاملة من تاريخ هذا البلد البائس في خلفية عربة ترحيلات حديدية تشتعل بالتناقضات والشكوك والكراهية المجانية".
aXA6IDMuMTMzLjE1Mi4yNiA= جزيرة ام اند امز