اليوم الـ154 لحرب غزة.. «تعثر» مفاوضات الهدنة و«تعبئة دولية» لإدخال المساعدات
عقبات تواجه مفاوضات هدنة غزة التي تتم عبر وسطاء من مصر وقطر والولايات المتحدة، أفرزت مخاوف من تعطلها بدون إبرام أي اتفاق، خاصة أنه تم تأجيلها للأسبوع المقبل، ما يعني أنها قد لا تدخل حيز التنفيذ قبل شهر رمضان الذي يبدأ في 10 أو 11 مارس/آذار.
وأمس، قال مصدر مصري رفيع المستوى لقناة "القاهرة الإخبارية" المقربة من الحكومة المصرية، إن وفد حماس غادر القاهرة للتشاور حول الهدنة، ومحادثات وقف إطلاق النار ستستأنف الأسبوع المقبل.
وفي اليوم الـ154 للحرب تواجه المفاوضات عراقيل قد تعصف بها في أي لحظة، بسبب خلافات حول جملة من النقاط، أبرزها أن حماس تشترط "الوقف الشامل للعدوان والحرب ولاحتلال قطاع غزة"، و"البدء بعمليات الإغاثة والإيواء وإعادة الإعمار"، وفق ما أفاد عضو القيادة السياسية للحركة باسم نعيم لوكالة الأنباء الفرنسية.
لكن إسرائيل ترفض هذا الشرط، مؤكدة نيتها مواصلة هجومها حتى تحقيق هدفها الذي حددته منذ بداية الحرب، وهو "القضاء على حماس"، كما تشترط في الوقت نفسه أن تقدم لها حماس قائمة محددة بأسماء الرهائن الذين لا يزالون محتجزين في قطاع غزة، إلا أن نعيم قال في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية إن الحركة "لا تعرف من هو حي.. ومن هو ميت" من الرهائن.
ورغم دعمها لإسرائيل، تمارس الإدارة الأمريكية نوعا من الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خاصة مع تعقد الوضع الإنساني في غزة وارتفاع المزيد من الأصوات الدولية الداعية لوقف الحرب والسماح بدخول المساعدات. واعتبر الرئيس جو بايدن أنه "لا أعذار" لإسرائيل في مواصلتها منع دخول شاحنات المساعدات.
وإن كان رمى بالكرة لحماس، حيث اعتبر أن "الأمر بيدها حاليا"، فإن الرئيس الأمريكي أعرب في الوقت نفسه عن خشيته من وضع "خطير للغاية" في إسرائيل والقدس إذا لم تتوصل إسرائيل وحماس لوقف إطلاق نار في غزة قبل حلول شهر رمضان.
بدوره، كان وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن دعا حماس إلى القبول بـ"وقف إطلاق نار فوري". واعتبر بلينكن أنه "لدينا فرصة لحصول وقف فوري لإطلاق النار يمكّن رهائن من العودة إلى ديارهم وزيادة كبيرة في كمية المساعدات الإنسانية التي تصل إلى الفلسطينيين الذين هم بأمس الحاجة إليها، وبعد ذلك وضع الشروط الآنية إلى حل دائم"، مضيفا "على حماس اتخاذ القرارات حول ما إذا كانت مستعدة للانخراط في وقف إطلاق النار هذا".
وميدانيا، ذكرت وسائل إعلام فلسطينية أن طائرات الجيش الإسرائيلي ومدفعيته واصلت شن غاراتها بكثافة وقصفها العنيف على منازل الأهالي في مناطق جنوبي ووسط القطاع، ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من الفلسطينيين.
تعبئة دولية وميناء مؤقت
وإنسانيا، أعلنت منسّقة الأمم المتّحدة للشؤون الإنسانية في غزة سيغريد كاغ أنّ إرسال المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني عن طريق إلقائها من الجو أو إيصالها عبر البحر لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يشكل "بديلاً" عن إيصالها عن طريق البرّ.
وقالت كاغ للصحفيين في ختام جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي في نيويورك: "لقد تحدثت عن أهمية تنويع طرق الإمداد البرية. هذا الحل يبقى الأمثل، لأنّه أسهل، وأسرع، وأرخص، خاصة أنّنا نعلم أنّنا في حاجة لمواصلة إيصال المساعدات الإنسانية لسكّان غزة لفترة طويلة من الزمن".
وتعليقاً على المساعدات الإنسانية التي تمّ أخيراً إلقاؤها من الجوّ فوق القطاع الفلسطيني قالت كاغ "أعتقد أنّ هذه العمليات هي رمز لدعم المدنيين في غزة. إنها شهادة على إنسانيتنا المشتركة، ولكنّها مجرد قطرة في محيط، وهي ليست كافية على الإطلاق".
وشدّدت الوزيرة الهولندية السابقة التي عيّنها مجلس الأمن الدولي في ديسمبر/كانون الأول في منصب "كبيرة منسقي الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة" على أنّ "الجو والبحر لا يمكن أن يشكّلا بديلاً عمّا نحتاج لإيصاله عبر البرّ".
لكنّ كاغ لفتت إلى أنّ "أيّ (مساعدات) إضافية، في هذا المنعطف الحرج، ستكون مهمة للغاية".
ورحّبت المسؤولة الأممية أيضاً بالقرار الذي اتّخذه الرئيس الأمريكي جو بايدن في خطابه السنوي حول حال الاتحاد لجهة إنشاء ميناء مؤقت في غزة لإيصال المساعدات إلى القطاع عن طريق البحر، مشيرة إلى أن "دولاً كبرى" أخرى ستنضمّ إلى هذا "الممرّ البحري" الذي سينطلق من قبرص.
من جهته، قال السفير الياباني يامازاكي كازويوكي الذي تتولّى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن في شهر مارس/آذار الجاري إنّ "أعضاء المجلس أكّدوا من جديد أهمية الاستجابة للاحتياجات الإنسانية الملحّة في غزة بكل الوسائل الممكنة".
قيود إسرائيلية
وردّاً على سؤال بشأن أبرز العقبات التي تحول دون إيصال المساعدات إلى سكّان غزة، دعت كاغ إلى فتح المزيد من المعابر البرية، مشيرة بالخصوص إلى تعقيدات عمليات تفتيش الشاحنات على المعابر.
من ناحيته، أوضح ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنّ الشاحنات التي تصل إلى معبر رفح المصري يتمّ تفتيشها ثم تفريغها ثم إعادة تحميلها عند دخولها القطاع في شاحنات تكون في كثير من الأحيان أصغر حجماً وعددها غير كاف.
وتؤكد منظمات إغاثة أن المساعدات التي تدخل الى قطاع غزة تبقى شحيحة جدا. وتخضع قوافل المساعدات التي تدخل برا لموافقة مسبقة من إسرائيل.
وبعد خمسة أشهر من الحرب ومن الحصار المشدّد على قطاع غزة، باتت الغالبية العظمى من سكان القطاع الفلسطيني البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة معرضة للمجاعة، وفق الأمم المتحدة.
وتراجع نقل المساعدات الإنسانية الى غزة عبر الحدود البرية، (من رفح جنوبا ومن معبر كرم أبوسالم مع إسرائيل)، وتعزو منظمات الإغاثة ذلك إلى قيود إسرائيلية.
وقُتل أكثر من 100 شخص الأسبوع الماضي خلال تدافع نحو قافلة مساعدات دخلت إلى مدينة غزة، وفق ما قالت إسرائيل، وبسبب إطلاق النار في اتجاه القافلة من جانب جنود إسرائيليين، وفق ما قال الفلسطينيون.
واندلعت الحرب بعد هجوم نفّذته حماس في جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصا غالبيّتهم مدنيّون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيليّة رسميّة.
وتردّ إسرائيل بقصف مدمّر على قطاع غزّة وعمليات برية ما تسبّب بمقتل 30800 ألف شخص غالبيتهم العظمى مدنيّون، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.
aXA6IDMuMTQ0LjIzNS4xMzgg
جزيرة ام اند امز