رسميا.. اتفاق تجاري بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لمرحلة ما بعد بريكست
توصّل المفاوضون الأوروبيون والبريطانيون إلى اتفاق تجاري لمرحلة ما بعد بريكست الخميس، وفق ما أفاد مسؤولون من الجانبين.
وأكد بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، "التوصل لاتفاق" مع الاتحاد الأوروبي، فيما قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، إن اتفاق بريكست "جيّد ومتوازن" و"منصف" للطرفين.
ووصفت رئيسة المفوضية الأوروبية بريطانيا بـ"الشريك الموثوق" .
- خروج بريطانيا من "اليورو".. كابوس لوجستي لوظائف القطاع المالي
- وسط ذعر سلالة كورونا.. نمو قياسي لاقتصاد بريطانيا
وأبرمت بريطانيا، اتفاق تجارة مع الاتحاد الأوروبي لما بعد خروجها منه، وذلك قبل7 أيام فقط على موعد انسحابها من أحد أكبر التكتلات التجارية في العالم، في أهم تحول عالمي لها منذ ضياع الإمبراطورية.
وإثر الاتفاق، غرد رئيس الوزراء البريطاني عبر حسابه الرسمي بتويتر، قائلا: "تم الاتفاق".
ونشر جونسون، الذي حقق فوزا كاسحا في انتخابات العام الماضي جرّاء تعهّده "إنجاز بريكست" صورة له وهو يحتفل.
أول سوق
وأكد رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، أن اتفاق مرحلة ما بعد بريكست سيصب في مصلحة الطرفين على ضفتي المانش، مشددا على أن بلاده ستبقى حليف أوروبا و"سوقها الأول".
وقال جونسون في مؤتمر صحفي، إن "هذا اتفاق جيد لكل أوروبا ولأصدقائنا وشركائنا كذلك".
وأضاف: "سنكون الصديق والحليف والداعم لكم وبالتأكيد لا يجب أن ننسى قط أننا سوقكم الأول".
وأشاد جونسون بالاتفاق التجاري لما بعد بريكست مع الاتحاد الأوروبي، وقال إن قيمته تبلغ سنويا حوالي 660 مليار جنيه إسترليني (895 مليار دولار)، ويبلغ عدد صفحاته 500 صفحة.
وقال إنه "كان هناك عدد كبير من الأشخاص الذين كانوا يقولون لنا إن تحديات جائحة كوفيد تجعل هذا العمل مستحيلا. وأنه يجب أن نمدد الفترة الانتقالية".
وتابع: "رفضت هذا النهج"، لأن القضاء على الجائحة هو الأولوية الأولى لبلادنا.
وقال السياسي البريطاني من يمين الوسط إن "الناس قالت إنه لا يمكن أن تكون جزءا من منطقة تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي، بدون الإذعان للالتزام بالقوانين الأوروبية...".
وقال رئيس الوزراء البريطاني، إن الاتفاق يوفر "استقرارا جديدا، ويقينا جديدا في علاقة، كانت في بعض الأحيان متصدعة وصعبة".
بدورها، أفادت وزيرة التجارة الدولية ليز تروس بأن الاتفاق سيؤدي إلى "علاقة تجارية قوية" مع بروكسل وشركاء آخرين حول العالم.
اتفاق جيد ومتوازن
ومن جانبها، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الخميس، أن لندن والاتحاد الأوروبي توصلا إلى "اتفاق جيد ومتوازن" و"منصف" للطرفين، ويستحق المحاربة من أجله، وذلك خلال مؤتمر صحفي.
وقالت فون دير لايين إن المملكة المتحدة تبقى "شريكاً موثوقاً" للاتحاد، وأضافت، أن الاتفاق "يسمح لنا بالتأكد أخيراً بأن بريكست أصبح خلفنا".
وأضافت:"كان طريقا طويلا وملتويا.. لكن جهودنا أثمرت اتفاقا جيدا.. إنه اتفاق عادل ومتوازن وهو التحرك السديد والحصيف لكلا الطرفين".
وتابعت "كانت المفاوضات صعبة جدا. الكثير كان على المحك للكثير جدا من الناس، لذا كان اتفاقا تعين علينا بالتأكيد المحاربة من أجله".
وقالت "أعتقد أيضا أن هذا الاتفاق يصب في مصلحة المملكة المتحدة.. وسيرسي أسسا متينة لبداية جديدة مع صديق قديم.. وهو يسمح لنا أخيرا بأن نضع الخروج البريطاني وراء ظهورنا، وأن تواصل أوروبا مسيرتها".
وغادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي رسميا في يناير/كانون الثاني الماضي بعد استفتاء أحدث انقسامات عميقة في 2016، فكانت أول دولة تنفصل عن المشروع السياسي والاقتصادي الذي ولد تزامنا مع إعادة بناء القارة في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
لكن لندن ستبقى ملزمة بقواعد الاتحاد الأوروبي خلال الفترة الانتقالية التي تنقضي منتصف ليل 31 يناير/كانون الأول الجاري، عندما تغادر المملكة المتحدة سوق التكتل الموحدة واتحاده الجمركي.
وتأخّر إقرار الاتفاق النهائي المكوّن من ألفي صفحة جرّاء خلافات في اللحظات الأخيرة بين الجانبين بشأن تفاصيل حول حق وصول الصيادين الأوروبيين إلى المياه البريطانية بعد نهاية العام.
* مراقبة برلمانية
من جهته، رحب البرلمان الأوروبي، الخميس، بالاتفاق التجاري لما بعد بريكست الذي تم التوصل إليه بين لندن وبروكسل، لكن رئيسه ديفي ساسولي قال إنه "سيواصل عمله، قبل أن يقرر ما إذا كان سيعطي العام المقبل موافقته أم لا".
وقال ساسولي: "يأسف البرلمان لأن مدة المفاوضات وطبيعة الاتفاق الذي تم التوصل إليه في اللحظة الأخيرة لا تسمحان بمراقبة برلمانية حقيقية قبل نهاية العام".
وأضاف:" سيواصل البرلمان عمله داخل اللجان المختصة وفي جلسات عامة" قبل اتخاذ قرار في بداية عام 2021".
ويعد الضوء الأخضر لأعضاء البرلمان الأوروبي ضروريًا لدخول الاتفاق رسميًا حيز التنفيذ، ولكن سيتم تطبيقه موقتًا لتجنب الخروج بدون اتفاق.
* موقف حزب العمال المعارض
وأعلن زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر الخميس أن حزبه المعارض سيصوّت لصالح اتفاق ما بعد بريكست التجاري الذي أبرمته حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون مع الاتحاد الأوروبي.
وقال ستارمر "يمكنني القول اليوم إنه عندما يتم عرض هذا الاتفاق على البرلمان، فسيوافق حزب العمال عليه وسيصوّت لصالحه"، مشيرا إلى أن ذلك يصب في المصلحة الوطنية نظرا إلى أن البديل سيكون مغادرة التكتل من دون اتفاق. لكنه انتقد الاتفاق مشيرا إلى أنه "ليس الاتفاق الذي وعدت به الحكومة" ووصفه بـ"الهزيل".
* زعماء أوروبا يشيدون بالاتفاق
وقال رئيس الوزراء الإيرلندي مايكل مارتن الذي كان بلده العضو في الاتحاد الأوروبي سيتأثّر بشدّة لو أن سيناريو بريكست بدون اتفاق تم، إن الاتفاق "مرحّب به جدا".
وأفاد على تويتر "بينما سنفتقد المملكة المتحدة داخل الاتحاد الأوروبي، إلا أن حقيقة أنه تم التوصل إلى اتفاق يعني الآن أنه بإمكاننا التركيز على كيفية إدارة علاقة جيّدة في السنوات المقبلة".
من جهتها، أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن "ثقتها" بأن الاتفاق "نتيجة جيدة" للمفاوضات في وقت سيتعيّن الآن على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إقراره.
كما أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ"وحدة وحزم" الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن ذلك أثمر عن النجاح في التوصل إلى الاتفاق.
ومن جهته أفاد مسؤول الخميس أنه سيكون على الصيادين الأوروبيين التخلي عن ربع الثروة السمكية التي يحصلون عليها حاليا في المياه البريطانية خلال السنوات الخمس ونصف المقبلة.
وبموجب الاتفاق التجاري لمرحلة ما بعد بريكست الذي تم التوصل إليه مع المملكة المتحدة الخميس، سيتم التفاوض على الوصول إلى المياه البريطانية الغنية بالثروة السمكية على أساس سنوي بعد انقضاء الفترة الانتقالية.
بروكسل تقف مع الصيادين
وتعهد كبير المفاوضين في ملف بريكست عن الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه الخميس بأن بروكسل ستقف إلى جانب الصيّادين الأوروبيين بعد مغادرة بريطانيا التكتل.
وسيزداد حجم الثروة السمكية التي يمكن للصيادين البريطانيين اصطيادها بعد اتفاق بريكست التجاري الذي أبرم الخميس بعدما كانت تخضع لقواعد الحصص الأوروبية.
وقال بارنييه "سيتطلب هذا الاتفاق جهودا.. أعلم أن الاتحاد الأوروبي سيدعم صياديه. وسيرافقهم".
ورفضت الدول الأعضاء التخلي عن حق الوصول إلى مياه الصيد البريطانية الغنية بالثروة السمكية، حيث تستفيد فرنسا وبلجيكا والدنمارك وأيرلندا وهولندا منها بشكل كبير.
وظهرت مسألة الثروة السمكية كآخر حجر عثرة في وقت متأخر هذا الأسبوع عندما رفضت الدول الأعضاء - بقيادة فرنسا - عرضا من المملكة المتحدة.
وحاولت لندن خفض حصة أساطيل الصيد في الاتحاد الأوروبي البالغة حمولتها السنوية نحو 650 مليون يورو بأكثر من الثلث، بحيث تدخل التغييرات حيز التنفيذ على مراحل على مدى ثلاث سنوات.
وأصر الاتحاد الأوروبي، ولا سيما البلدان التي لديها أساطيل صيد شمالية مثل فرنسا والدنمارك وهولندا، على 25% على مدى ست سنوات على الأقل.
وأفاد مسؤول الخميس أنه سيكون على الصيادين الأوروبيين بموجب اتفاق الخميس التخلي عن ربع الثروة السمكية التي يحصلون عليها حاليا في المياه البريطانية خلال السنوات الخمس ونصف المقبلة.
وسيتم التفاوض على الوصول إلى المياه البريطانية على أساس سنوي بعد انقضاء الفترة الانتقالية.
بدوره، شدد بارنييه بعد إبرام الاتفاق على أن الاتحاد الأوروبي "سيدعم صياديه، وسيرافقهم".
اسكتلندا ترغب في الاستقلال
بدورها، اعتبرت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجن الخميس، أن الوقت حان لتصبح اسكتلندا، وهي مقاطعة بريطانية، "دولة أوروبية مستقلة"، في أعقاب التوصل لاتفاق تجاري بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وكتبت ستورجن في تغريدة "بريكست يتحقق عكس إرادة شعب اسكتلندا"، التي صوتت بنسبة 62% ضدّ الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وأشارت إلى أنه "لا يمكن لأي اتفاق على الإطلاق أن يعوّض عمّا أخذه بريكست منا".
وتابعت أن "الوقت حان لنرسم مستقبلنا الخاص كدولة أوروبية مستقلة"، فيما ترفض لندن السماح لاسكتلندا بعقد استفتاء جديد على الاستقلال.
مصادقة
وأعلن مجلس العموم البريطاني أنه سينعقد الأربعاء المقبل للمصادقة على الاتفاق، قبل 48 ساعة من دخوله حيّز التنفيذ. وأكد حزب العمّال المعارض نيته التصويت لصالح الاتفاق.
أوروبيا، سيكون على فون دير لايين إرسال نص الاتفاق إلى عواصم دول التكتل.
ويتوقع أن تستغرق دول التكتل ما بين يومين أو ثلاثة لتحليل الاتفاق واتّخاذ قرار بشأن إن كانت ستقر تطبيقه الموقت.
وفور التوقيع عليه ونشر نصه في مجلة الاتحاد الأوروبي الرسمية، يدخل الاتفاق حيّز التنفيذ في 1 يناير/كانون الثاني المقبل عندما تكون بريطانيا غادرت السوق الأوروبية الموحدة.
ومن ثم ستكون لدى البرلمان الأوروبي فرصة إقراره بأثر رجعي في مرحلة ما من عام 2021، وفق ما أفاد المتحدث باسم الهيئة التشريعية ديفيد ساسولي.
وإذا سار كل شيء وفق المخطط، فسيكون فريقا التفاوض أبرما اتفاقا ضخما في مدة قياسية.
قواعد وتداعيات
ويزيح اتفاق اللحظات الأخيرة الخطر من إمكانية خروج بريطانيا من التكتل من دون قواعد متابعة بعد 47 عاما من التاريخ المشترك.
ومع خروج بريطانيا من السوق الموحدة ومنطقة الاتحاد الجمركي، سيظل المتعاملون التجاريون عبر المانش يواجهون مجموعة من القواعد الجديدة والتأخيرات.
ويتوقع خبراء اقتصاد بأن يتضرر كلا الاقتصادين اللذين أضعفهما بالفعل وباء كوفيد-19، مع تعطل سلاسل الإمداد وازدياد التكاليف.
لكن التهديد بالعودة إلى التعريفات أزيل، وستبقى العلاقات بين الشركاء السابقين على أسس راسخة.
وتعتبر الصفقة نجاحا كذلك لفون دير لايين وكبير مفاوضيها ميشيال بارنييه، اللذين قادا ما يقرب من عشرة شهور من المحادثات المكثفة مع نظيرهما البريطاني ديفيد فروست.
أسهل صفقة تجارية
وبعد استفتاء عام 2016، الذي اختار فيه الناخبون البريطانيون مغادرة الاتحاد، تفاخر مؤيدو خروج بريطانيا من التكتل بأنهم يمكن أن يظفروا بـ"أسهل صفقة تجارية في التاريخ".
وكانت وجهة نظرهم هي أنه بعد ممارسة الأعمال التجارية وفقا لمعايير ولوائح الاتحاد الأوروبي لفترة طويلة، ستكون الاقتصادات متناسبة مع بعضها البعض.
لكن العواصم الأوروبية كانت قلقة من أنه إذا قام منافس تجاري كبير يقف على أعتابها بتحرير صناعته، فإن شركاتها ستواجه منافسة غير عادلة.
وأصرت بروكسل على أن الطريقة الوحيدة لإبقاء الحدود البرية بين أيرلندا والمملكة المتحدة مفتوحة هي إبقاء أيرلندا الشمالية، وهي مقاطعة بريطانية، ضمن اتحادها الجمركي.
aXA6IDMuMTUuMTg2Ljc4IA== جزيرة ام اند امز