شيخ الأزهر: الملحد يركن إلى لا نهائيات من الأوهام
فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر يقول إن الملحد يرضى أن يركن إلى لا نهائيات من الأوهام
قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إن الملحد يرفض الاحتكام إلى عقله ليعرف مَن المدبِّر والمحرِّك والخالق لهذا الكون، وهو في الوقت ذاته يرضي أن يركن إلى لا نهائيات من الأوهام".
وأضاف الطيب في بيان للأزهر، الإثنين، "مَن أنكر أصول الدين، يعنى ما عُلم مِن الدِّين بالضرورة، وانطلق في دعوته لعزل الدِّين عن المجتمع بأن يقول هذا الدِّين "مصلحة وانتهت" وليس حقيقة - فهذا ملحد"، موضحًا أن "الملحد يرفض الاحتكام إلى عقله ليعرف مَن المدبِّر والمحرِّك والخالق لهذا الكون، وهو في الوقت ذاته يرضي أن يركن إلى لانهائيات من الأوهام".
وقال الطيب، إن "الإلحاد موجود قبل الإسلام، حيث كان الدهرِّيُّون الذين أشار إليهم القرآن الكريم في قول الله تعالى في سورة الجاثية: (وقالوا مَا هِيَ إلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إلاَّ الدَّهْرُ)- ينكرون وجود إله يُهلك ويحي ويميت، وينسبون الإحياء والإماتة والإهلاك إلى الدهر".
وأكد شيخ الأزهر أن الإلحاد هو الانحراف عن الحق إلى الباطل، وعن الهُدَى إلى الضلال، وعن الطريق المستقيم إلى الطريق المعوج، وقال في بيانه "الله تعالى قال: (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا) فمَن لا يؤمن بالله فهو ملحدٌ، ومَن لا يؤمن بالأديان فهو ملحدٌ، موضحًا أنَّ مَن يعبدون أربابًا غير الله؛ كعُبَّاد الأوثان وعُبَّاد الحيوانات، هؤلاء يُسَمَّون وثنيين أو مشركين؛ لأنهم لم يعبدوا الربَّ الذي تحدثت عنه الأديان السماوية أو الكتب السماوية، ولذلك فإن الملحد هو الذي لا يؤمن بإله سواء أكان هذا الإله هو الله كما تحدثت عنه الأديان أو هو الإله الوثن أو غير ذلك من الآلهة التي تعبد من دون الله".
وقال إن "الإلحاد يعني نفى الإله، وعدم الاعتراف بوجود الله تعالى، ويترتب على ذلك عدم الاعتراف بوجود الدِّين؛ لأن الدِّين مرتبطٌ بالإله دائمًا، والملحد حينما ينفي وجود إله، ويستبعده مِن على طاولة البحث هو مضطرٌ لأَنْ يُوجِد بدائل وإلاَّ كيف يُفسر نشأة الكون، مؤكدًا أن الملحد يرفض الاحتكام إلى عقله ليعرف مَن المدبِّر والمحرِّك والخالق لهذا الكون، وهو في الوقت ذاته يرضي أن يركن إلى لانهائيات من الأوهام، وأن تكون هناك مادة عمياء صماء بكماء هي وراء هذا الكون المليء بالعلم والحكمة والضبط والمعارف التي تثبت وجود ذات قادرة عالمة تحركه".
وأوضح فضيلة شيخ الأزهر في بيانه أن الإلحاد قبل القرن الـ18 كان إلحادًا فرديًّا، لكن بعد ذلك نشأ الإلحاد الفكري المنظم الممنهج نتيجة لظروف كثيرة أهمها: انحراف رجال الدِّين في ذلك الوقت، وتقديم الدِّين على أنه سلطة مطلقة، وإلزام العلماء أن يخضعوا للنصوص المقدسة.
وقال "ظهرت تفسيرات علمية تخالف نصوص الكتاب المقدس، جعلت الناس يديرون ظهورهم للدين ثم شيئًا فشيئًا يكذبونه ويلجؤون إلى العلم، وأصبحت المؤسسات الدينية تساند القصور والحكام والإقطاع ضد الجموع البائسة والفقيرة، إضافة إلى أن ظهور العلم في القرن الثامن عشر وتفسير العلماء للظواهر الكونية تفسيرًا علميًّا، جعل الدين – كما يفسرونه- نقيضًا للعلم كما أصبح ظهيرًا للظالمين".
وفرق شيخ الازهر بين الإلحاد و العلمانية، موضحًا أن العلمانية هي فصل الدِّين عن الدولة، بمعنى أنَّ الدِّين لا يقود الدولة، ولا يتدخل في حياة الإنسان ولا في الأنظمة، ولا في توجيه الناس، وهذا لا يستلزم إنكار وجود الله؛ لأن الإلحاد هو إنكار لوجود الله، والعلماني قد يكون متدينًا، وخاصة مَن يسمون أنفسهم بالعلمانيين المسلمين، فهم مسلمون متديِّنون، وكثير منهم يصلى ويصوم، لكنهم غير مقتنعين أن يكون في هذا العصر حرام وحلال.