7 فنانين في 7 غرف.. عندما يجسد الفن العلاقة المتناقضة ببيروت
"الفن ليس ما تراه، بل ما تجعل الناس يرونه" تحت هذا الشعار انطلق مشروع مغاير من بيروت.. معرض فني يصور علاقة 7 فنانين أجانب
"الفن ليس ما تراه، بل ما تجعل الناس يرونه" تحت هذا الشعار انطلق مشروع مغاير من بيروت.. معرض فني يصور علاقة 7 فنانين أجانب بالعاصمة اللبنانية التي يعيشون معها علاقة تتأرجح بين الحب والشعور بأنهم سجناء فيها، الفنانون السبعة يتوزعون وأعمالهم على 7 غرف منفصلة في منزل بيروتي قد يعود إلى القرن التاسع عشر في حي مار مخايل بالعاصمة بيروت الذي أصبح يشهد إقبالا من الشبان الذين يقصدون مقاهيه ومطاعمه الحديثة المنتشرة وسط المباني التاريخية.
وهذا ما جعل منظم المعرض، اللبناني توفيق الزين، يطلق عليه اسم "7 غرف 7 فنانين – حوارات بيروتية".
هنا في المنزل القديم الذي يعيش الزين بجانبه ولطالما بدا له غامضا وحرك فضوله، يقدم الفنانون أعمالهم الفنية المتنوعة ما بين المنحوتات والمجسمات والرسوم والصور الفوتوغرافية، وسط أضواء خافتة وأجواء مسكونة بالقصص القادمة من التاريخ.
يروي الزين لرويترز قائلا "لطالما وقفت مطولا أمام هذا البيت القديم أثناء تحركاتي في الحي وشعرت باستمرار برغبة كبيرة في الدخول إليه لأزور غرفه المتصدعة تماما كجدرانه الخارجية، وعندما طلبت من المالك الذي ينتمي إلى عائلة – بستاني – أن نقيم معرضا به وافق فورا."
اختار الزين سبعة فنانين أجانب يقيمون في لبنان ويعلمون الفن على أنواعه أكاديميا في مختلف الجامعات بالإضافة إلى عملهم فيه وهم لي فريدريكس وجيانا ديسبنزا من الولايات المتحدة وكورنيليا كرافت من ألمانيا ونيلوفار أفنان من إيران وييفا سودارجيتيه من ليتوانيا ومارشيلو كاروتزيني من إيطاليا وآنا سيرانوه من إسبانيا.
حصل كل فنان مشارك في المشروع الذي انبثق منه المعرض على غرفة في البيت القديم وعمل فيها طوال شهرين مجسدا علاقته بالعاصمة.
لم يحدد الزين للفنانين مسارهم الفني بل طلب منهم الانطلاق من عنوان المعرض ليتحاوروا على طريقتهم مع بيروت من خلال الغرف.
الفنانة الألمانية كورنيليا كرافت متزوجة من لبناني–ألماني واختارت الغرفة التي كانت ماضيا مطبخا كبيرا لتجسد - بأسلوب غير مباشر - علاقتها ببيروت من خلال الخبز العربي.
أعطت كرافت فكرتها عنوان (تعالى نأكل القمر معا) وترجمتها من خلال مجسم يرمز بحسب ما تروي لرويترز "إلى أهمية الانتماء إلى جماعة وإلى التقاليد – بقيمتها الكبيرة – التي تضمحل مع الوقت".
وأضافت "تاريخنا أو ما تبقى منه من ذكريات يلفت نظرنا إلى أهمية العودة إلى إرثنا للالتحام به والاتصال به بأبسط أشكاله". وجسدت الفنانة الألمانية هذا الإرث من خلال الخبز العربي.
وزودت مجسمها الذي يأخذ شكل فرن قديم ببعض الصور عن الخبز فضلا عن شريط فيديو قصير تظهر فيه سيدة متقدمة في السن وهي تصنع خبز (التنور) اللبناني التقليدي وتغني أغنية (روزانا) الشعبية التراثية.
وتعلق الفنانة الألمانية على عملها قائلة "تعود هذه الأغنية إلى عشرينيات القرن الماضي عندما سيطرت المجاعة على لبنان، وكان أبناء البلد في انتظار باخرة من إيطاليا تحمل اسم (روزانا) تجلب معها القمح لصنع الخبز، وكانت الخيبة كبيرة عندما اكتشف الناس أن الباخرة تحمل معها الفاكهة عوضا عن القمح، فولدت الأغنية الشهيرة التي تحمل اسم الباخرة."
وكانت كرافت قد زارت لبنان للمرة الأولى عام 2009 لتعمل أستاذة في الجامعة الأمريكية في بيروت لكنها منذ ذلك الحين لم تتمكن من الابتعاد عن العاصمة اللبنانية لفترة طويلة.
أما الفنان الأمريكي لي فريدريكس فهو يعيش في لبنان منذ 15 عاما ويعمل أستاذا للفنون الجميلة في جامعة لبنانية.
ويقول لرويترز "أتيت إلى لبنان عام 2001 كسائح ولم أتمكن من المغادرة منذ ذلك الحين."
وأضاف "قبل الانتقال للعيش هنا تنقلت في 30 مكانا مختلفا، واليوم أنا أعمل هنا وتزوجت في البلد وأنتظر وزوجتي مولودنا الأول، ومن هذا المنطلق فإنني حولت بيروت إلى بلدي."
ولاقى المعرض الذي يستمر حتى 30 يونيو، استحسان الجمهور، وقال فادي العجوز (53 عاما) الذي زار المعرض أكثر من مرة لرويترز "البيت القديم الذي يستضيف المعرض يضفي على الأعمال عراقة وغموضا وعناصر أنيقة أخرى."
وأضاف "الأضواء الخافتة في الغرف والجدران التي يخال للزائر بأنها ستتحطم أمامه تجعلني أشعر بأنني عدت إلى حيث التاريخ يكتب ذكرياته".
aXA6IDE4LjExNi40OS4yNDMg جزيرة ام اند امز