"فكر 14" في القاهرة تحت شعار "التكامل العربي- تحديات وآفاق"
يُعقد مؤتمر "فكر 14" من 6 إلى 8 ديسمبر 2015 تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي،في مقرّ الأمانة العامّة لجامعة الدول العربيّة
في القاهرة، وبعد سبع سنوات من انعقاد مؤتمرها السابع بها، ترأس صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، مؤتمر مؤسسة «الفكر العربي» «فكر 14»، الذي انطلقت أعماله أمس (الأحد) في القاهرة تحت عنوان «التكامل العربي.. تحديات وآفاق» والذي يُعقد على مدار 3 أيَّام برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبمشاركة 300 شخصية عربية وعالمية في المؤتمر الذي يجرى تنظيمه بالتعاون مع جامعة الدول العربية بمناسبة مرور 70 عامًا على انطلاق الجامعة عام 1945.
أعمال المؤتمر افتُتحت صباح أمس (الأحد)، في مقر جامعة الدول العربية، بكلمة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أعرب خلالها، عن شكره وتقديره لمؤسسة "الفكر العربي" ولرئيسها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، ولمديرها العام الدكتور هنري العويط، ولأمين عام جامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، ولكل من أسهم في الإعداد لهذا المؤتمر الذي يتزامن انعقاده مع ذكرى مرور سبعين عامًا على إنشاء جامعة الدول العربية، وتستضيفه القاهرة إيمانًا بأهمية تحقيق التكامل العربي وتعزيز العمل العربي المشترك.
وأكد الرئيس المصري أهمية الحفاظ على وحدة التراب الوطني للدول العربية والعمل على تطوير وتفعيل النظام الإقليمي العربي كإطار منظم لجميع أوجه العلاقات التكاملية وللاتفاقيات العربية على جميع الأصعدة الاقتصادية والعسكرية والثقافية، من أجل تحقيق آمال وطموحات الشعوب العربية في العيش الكريم والحرية الواعية المسؤولة والعدالة الاجتماعية التي تكفل تحقيق التوافق المجتمعي والسلْم الاجتماعي.
وقال إنه يتعين تفعيل دور جامعة الدول العربية والمنظمة العربية للعلوم والثقافة «الألكسو»، وتطوير العلاقات الثقافية بين دول المنطقة المتقاربة ثقافيًّا من خلال المؤسسات الحكومية والأهلية، بحيث تزداد الروابط والموحِّدات الشعبية والرسمية، ويكون نتاج ذلك دعمًا لمشروع التكامل المأمول، بما يحقق الازدهار الثقافي والاقتصادي في المنطقة، فضلًا عن أهمية إيلاء الثقافة والتعليم والفنون ما تستحقه من عناية واهتمام، من أجل إحداث نقلة نوعية في العقل والفكر العربيين، بحيث تؤسِّس المناهج التربوية والجهود الثقافية بشتى أنواعها لعقد اجتماعي جديد يُعلي من قيم المواطنة والتنوع واحترام وقبول الآخر.
من جانبه، أعرب صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس مؤسسة "الفكر العربي"، في كلمته، عن شكره وتقديره لجمهورية مصر العربية، رئيسًا وحكومةً وشعبًا، على احتضانها مؤتمر الفكر العربي الرابع عشر، ولجامعة الدول العربية، أمينًا ومسؤولين، على مشاركتها المؤسسة في هذه المبادرة الفريدة من نوعها، ولجميع من أسهم بفكره وجهده في الإعداد والتنظيم لهذه التظاهرة الفكرية.
وقال الأمير خالد الفيصل: "أيها الرئيس الموفَّق ترعى اليوم الفكر بالإبداع يتفتَق والعقل بالحكمة يتدفَق، في حديث غير مسبوق، وأسلوب غير مطروق، امتزجت فيه السياسة بالثقافة والرأي بالحصافة، واتكأت فيه التمنيات على الدراسات، واحتضنت فيه القيادات المؤسسات، في مشروع عربي الهوية تحت مظلة الجامعة العربية في ذكراها السبعين".
وأضاف الأمير خالد الفيصل: "عالم مضطرب، ومنطقة تلتهب، وعرب تحترب، همَش العقل نفسه وفقد الضمير حسه، تلاوم القادرون فاستفرس الجاهلون، حاولنا الوحدة فانقسمنا، واستوردنا السلاح فاقتتلنا، واجتمعنا للتفاهم فاختلفنا، انظروا إلى الحال كيف أصبح، وإلى الوضع كيف يجرح، نتأثر ولا نؤثِّر، ننظر ولا نرى، نستهلك ولا نصنع، ونُلدغ من كل جحرٍ مرتين، الأخ يقتل أخاه لا يدري لماذا؟ ولا يجد المواطن في الوطن ملاذًا، تقاذفتنا المهاجر، وتباكت لنا المحاجر، وضحك العدو ساخر".
وتساءل: "أما آن لنا أن نستيقظ من الغفوة؟ ونهبّ وننهض من الكبوة؟ بلى والله، لقد دعا الزمان، واستصرخ المكان، ونحن بعون الله قادرون، وعن استعادة المجد مسؤولون، فلنشمّر عن السواعد، ونعدّ الشباب الواعد، ونسلحه بالعلم والمعرفة، والجودة والإتقان والتقنية، ولننبذ المكابرة، ونبدأ المشاورة، فما للعرب إلا العرب، وهاكم التكامل مشروعًا، بالفكر مطبوعًا، من مؤسسة أهليَّة، لا حزبية فيها ولا تبعيَّة، حرَّة الرأي، عربية، والسلام".
على جانب آخر وبالتوازي مع فاعليات "فكر 14"، أطلقت مؤسّسة «الفكر العربي» التقرير العربي الثامن للتنمية الثقافيّة بعنوان «التكامل العربيّ: تجارب، تحديّات، وآفاق»، في مؤتمر أُقيم في مقرّ الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبحضور أمينها العام الدكتور نبيل العربي، والأمير خالد الفيصل وأعضاء مجلس أمناء المؤسسة، وأعضاء مجلس الإدارة والهيئة العامة وممثلي منظمات وهيئات ومراكز دراسات وبحوث عربية وإقليمية ودولية، إضافة إلى خبراء في المجالات العلمية والفكرية، وشخصيات ثقافية وإعلامية.
التقرير العربي الثامن لهذه السنة يتألّف من ستة أبواب، تغطّي جوانب التكامل العربي وإشكاليات الهوية العربية وتحدّياتها، والتكامل العربي ومشروع الدولة الوطنيّة، والثقافة العربيّة في إقليم مضطرب، والتعاون الأمني والعسكري في الوطن العربي، والتكامل العربي في أبعاده الاقتصاديّة، وأخيرًا جامعة الدول العربيّة الواقع والمرتجى. كما أنه للمرّة الأولى يعد هذا التقرير من خلال ست ورش عمل تحضيرية عُقدت في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وبالتعاون معها على مدى أسبوعين. ويعد التقرير الأول ضمن سلسلة الدراسات والتقارير، التي تعتزم المؤسسة إصدارها في السنوات المقبلة.
المدير العام لمؤسسة "الفكر العربي" هنري العَويط، قال في تصريحات صحفية إن المؤسسة خاضت تجربة جديدة، وهي تتطلّع إلى أن تغدو تقليدًا راسخًا في أسلوب عملها، فقد نظّمت على مدى أسبوعين، خلال الفترة من 31 آب/ أغسطس حتى 13 أيلول/ سبتمبر ست ورش عمل خُصِّص كل منها لمعالجة جانب من جوانب مسألة التكامل العربيّ.
ولفت إلى أن موضوع التكامل اختير موضوعًا محوريًّا في ضوء ما تشهد المنطقة العربيّة من أحداث، وما تعاني دولها من صراعات وانقسامات وتشرذم، ولمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس جامعة الدول العربية (1945 - 2015). وأوضح أن عنوان التقرير يتضمن الأبعاد الفكريّةَ والزمنيّةَ الثلاثة. فالتجارب تشير إلى المراجعة النقديّة التي لا بدّ من إجرائها لخبرة الماضي. وأشار إلى أنّ التقرير يندرج في سياق منظومة متكاملة من النصوص التي أصدرتها المؤسسة لمناسبة مؤتمرها السنويّ «فكر 14»، فتمشيًّا مع السياسة الجديدة التي اعتمدتها هذا العام، قرّرت المؤسّسة أن يشكّل "التكامل" القاسم المشترك بين مجموعة من برامجها، لتحقيق مقدارًا أكبر من التنسيق والانسجام بينها، وإكسابها مزيدًا من الفاعلية في بلوغ الأهداف المرجوّة.
وأضاف: فضلًا عن أنّ التكامل هو الموضوع المحوريّ الذي يدور حوله مؤتمرنا السنويّ «فكر 14»، تعمدّت المؤسّسة أن يكون التكامل أيضًا موضوع تقريرها السنوي الذي نحتفل بإطلاقه، وأصدرت للمناسبة عددًا خاصًّا من نشرتها الشهرية «أفق» بعنوان «المواطنة، التعدّدية، والعروبة»، يضم 70 مقالة لكبار المفكرين العرب.
وعلى مدى يومين، في مقر جامعة الدول العربية، يناقش المؤتمر التحديات التي تواجه التكامل العربي على مختلف الأصعدة، ويشارك فيه أيضًا 75 باحثًا وخبيرًا من أصحاب القرار، و30 شخصية إعلامية، و30 شابًّا عربيًّا، و50 من أعضاء المؤسسة ورجال الأعمال. وتولّى المشاركون صياغة الأسئلة التي ستُطرح للمناقشة والحوار في جلسات المؤتمر (6 - 8 ديسمبر 2015)، وفق المنهجيّة التفاعليّة التي تمّ اعتمادها، إذ تعتمد مؤسسة «الفكر العربي» في مؤتمرها الرابع عشر منحى جديدا، من خلال تقرير عربي شامل تمت صياغته عبر انعقاد سلسلة من ورش العمل التحضيرية، ومن ثم تتم مناقشته في جلسات المؤتمر العامة وفي جلسات العمل المتخصصة.
وكانت مؤسّسة «الفكر العربي» بالشراكة مع جامعة الدول العربية، قد نظمت "يومًا إعلاميًّا بعنوان "مدخل إلى منهجية فكر 14"، وذلك في مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة، قبل يوم واحد من انعقاد المؤتمر، بحضور المدير العام للمؤسّسة الدكتور هنري العويط، وحشد من ممثلي وسائل الإعلام المصرية والعربية المكتوبة والمرئية، وذلك بهدف تعريف المشاركين بالمنهجية الجديدة التي سيعتمدها مؤتمر "فكر 14" لأول مرّة في الوطن العربي، وإطلاع الإعلاميين على آليات تطبيقها، ومناقشة الأسئلة التي سيطرحها المؤتمر وفق صياغة جديدة، تُحفّز على التفكير والوعي، من أجل تحقيق أفضل النتائج في مقاربة موضوع التكامل بأبعاده المختلفة، الثقافية والفكرية والاقتصادية والأمنية.
يذكر أن مجلس أمناء مؤسسة «الفكر العربي» يضم 37 عضوًا بينهم 27 عضوًا من المملكة العربية السعودية، بينهم 3 من أهم السيدات السعوديات في مجالات الثقافة والتعليم والاقتصاد وهن: السيدة لبنى العليان، والسيدة سعاد الحسيني الجفالي، والسيدة ألفت مطلق المطلق، مما يؤكد ريادة المملكة ودعمها الدائم لكل أنشطة التكامل العربي.
هذا وقد شهدت السنوات الـ15 الماضية نشاطًا مكثفًا لمؤسسة «الفكر العربي»، في خدمة قضايا الأمة، وذلك منذ انطلاق مبادرة تأسيسها عام 2000، بدعوة من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين وأمير منطقة مكة المكرمة.
وتعقد المؤسسة منذ نشأتها مؤتمرًا سنويًّا، يهدف إلى خلق فرص استراتيجية عربية؛ لتبادل الآراء والخبرات والاستفادة منها في حل المعضلات التي تواجه الوطن العربي.
ومثّلت المؤسسة على مدار السنوات الماضية جسرًا صلبًا من أجل تعزيز الوسطية في المجتمع العربي، ومحاربة الأفكار المتطرّفة على كل المستويات، وكان ذلك نتاج رؤية شاملة للأمير خالد الفيصل ترى أن الدين الإسلامي السَّمح يعزّز من التواصل بين الحضارات والثقافات المختلفة، ويقف ضد ممارسات الجماعات الإرهابية التي تحاول الإساءة إليه وهو منها براء.
aXA6IDE4LjE5MS42Mi42OCA= جزيرة ام اند امز