2023 "عام الاستدامة".. مبادرة إماراتية تلهم العالم
مبادرة جديدة أطلقتها دولة الإمارات العربية المتحدة تتوج جهودها الرائدة لتعزيز الاستدامة محليا ودوليا وترسم عبرها خارطة طريق لمستقبل أفضل للعالم.
المبادرة كشف عنها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، بإعلانه 2023 "عام الاستدامة" في دولة الإمارات تحت شعار "اليوم للغد".
وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في تغريدة عبر حسابه الرسمي على تويتر: "بإذن الله سيكون 2023 (عاما للاستدامة) في دولة الإمارات يواكب استضافتنا لـ"COP28".. تاريخنا ومنهجنا في الحفاظ على البيئة واستدامة مواردها ثابت.. وأدعو مجتمعنا إلى تبني أفكار جديدة ومبادرات نوعية تجسد الوجه الحضاري لبلادنا".
3 أسباب
تحمل تلك المبادرة التاريخية أهمية خاصة لعدد من الأسباب:
1 - أبرزها أن من أطلقها هو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، القائد الملهم، الذي يحظى بمكانة كبيرة وشعبية واسعة على الصعيد الدولي لجهوده في نشر قيم التسامح والحوار والأخوة الإنسانية، التي تعد قضايا الاستدامة التي تشملها المبادرة أحد أبرز ملامحها.
2 -أيضا تحمل تلك المبادرة أهمية خاصة كونها تتزامن مع استضافة دولة الإمارات نهاية العام الجاري أكبر حدث دولي في مجال العمل المناخي وهو مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28"، وهو أمر يعزز فرص نجاح المؤتمر في تحقيق أهدافه، ورسم خارطة طريق للعالم لمواجهة أكبر تحد يهدد البشرية وهو التغير المناخي.
وباستضافة الحدث وبإطلاق المبادرة تقدم دولة الإمارات للعالم تجربة متكاملة ملهمة تجسد جهود دولة الإمارات في تعزيز الاستدامة و الحفاظ على البيئة وحشد الجهود الدولية لمواجهة تغير المناخ لحماية كوكب الأرض من أكبر التهديدات التي يواجهها.
وهو ما يعني أن أهم وأكبر مؤتمر دولي للعمل المناخي "COP28" الذي سيعقد بمشاركة قادة وزعماء العالم، سيعقد في مدينة صديقة للبيئة هي "إكسبو دبي"، والتي تعد أحدث مدينة يتم إنشاؤها بالعالم بمعايير بيئية قياسية، وفي دولة داعمة للاستدامة بمعناها الشامل هي دولة الإمارات، وفي عام الاستدامة في تلك الدولة 2023، في تجربة ملهمة للعالم.
وسيشهد مؤتمر "COP28" أول تقييم عالمي لمدى تقدم الدول في تنفيذ مساهماتها المحددة بموجب اتفاق باريس، كما سيتيح لدولة الإمارات إطلاق نهجٍ استباقي شامل يراعي احتياجات وظروف مختلف الدول، المتقدمة والنامية، مع توحيد جهود المجتمع الدولي.
3 -تحمل مبادرة "عام الاستدامة" أهمية خاصة كونها تم الإعلان عنها في ختام فعاليات "أسبوع أبوظبي للاستدامة" 2023 ، وهي فعالية تجسد في حد ذاتها إحدى مبادارات دولة الإمارات الرائدة في تعزيز الاستدامة على الصعيدين المحلي و الدولي.
ويمثل أسبوع أبوظبي للاستدامة نهج دولة الإمارات الثابت في النظر إلى العمل المناخي بوصفه ركيزة أساسية لخطط التنمية، ورؤيتها الواضحة والشاملة بضرورة تسريع مسارات مواجهة تداعيات تغير المناخ، يحصد ثمارهما العالم وشراكات دولية، والتزاماً بالاستثمار في الطاقة النظيفة والعمل المناخي، وإطلاق تقنيات تستهدف تسريع وتيرة التنمية المستدامة في مختلف الدول.
3 مميزات
وتتميز مبادرة عام الاستدامة بـ3 مميزات تعزز فرص نجاحها في تحقيق أهدافها:
1 - دعم القيادة الإماراتية للمبادرة.
2 - امتلاك دولة الإمارات سجلا حافلا في جهود تعزيز الاستدامة على مختلف الأصعدة البيئية والتنموية والاقتصادية محليا ودوليا منذ تأسيسها.
3 - وجود خارطة طريق واضحة لتحقيق أهداف المبادرة، تتضمن تحديد أهدافها بدقة، وتحديد قيادة الفريق المكلف بإدارة برامجها.
مفهوم الاستدامة.. إضاءة مطلوبة
وقبل الانتقال بالحديث بشكل أكثر تفصيلا عن المميزات الثلات، نلقي إضاءة على مفهوم الاستدامة، و التي سبق أن عرفتها لجنة أممية بأنها "تعني تلبية حاجات الحاضر دون المساس بقدرات الأجيال المستقبلية على تلبية حاجاتها الخاصة".
بمعنى آخر هو العمل على تحقيق التنمية المستدامة التي تستهدف مواءمة التنمية الاجتماعية والاقتصادية مع الأولويات البيئية، من أجل الحد من التدهور البيئي الحالي وتغير المناخ مع الحفاظ على الموارد الطبيعية قدر الإمكان بما لا يتعدى قدرتها على التجدد من أجل مستقبل الأجيال القادمة، والعمل على تحقيق تنمية طويلة الأمد.
وأصبحت الحاجة ملحة لتحقيق التنمية المستدامة، بعد التداعيات السلبية للسياسات والتصنيع والاستهلاك اليومي للإنسان لمئات السنين دون مراعاة الحفاظ على البيئة واستدامة مواردها، ما أدى إلى تفاقم الأزمات التي تتجلى في تغير المناخ وتآكل التنوع البيولوجي والتلوث وفقدان الموارد الطبيعية، مما يهدد بشكل خطير بقاء البشرية.
وتم تحديد 17 هدفا لتحقيق التنمية المستدامة في قمة أممية تاريخية عام 2015، صممت لتشكل "خارطة طريق لتحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة لكافة البشر" بحلول عام 2030.
وتم الاتفاق خلال تلك القمة على أن تعمل الدول خلال السنوات الـ15 المقبلة على بذل الجهود للقضاء على الفقر بجميع أشكاله، ومكافحة عدم المساواة، والتصدي لظاهرة تغير المناخ، مع إشراك الجميع بتلك الجهود.
وركزت دولة الإمارات على تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي من شأنها تمكين الوصول إلى الطاقة النظيفة والحصول على غذاء كافٍ بأسعار معقولة وتوفير التعليم الجيد والرعاية الصحية والعمل على خلق نمو اقتصادي مستدام وأنظمة بيئية سليمة وزيادة كفاءة الموارد، بوصفها جميعا قضايا يتردد صداها بقوة في دولة الإمارات. كما تعهدت دولة الإمارات "بألا تترك أحدا خلف الركب" وبالانتقال بالعالم إلى مسار مستدام ومرن.
ولم تكن دولة الإمارات رائدة فحسب في تبني تلك الأهداف وتطبيقها، بل كانت سباقة في تنفيذها حتى قبل إطلاقها.
عمق تاريخي
تمتلك دولة الإمارات مسيرة حافلة في العمل من أجل البيئة والمناخ منذ تأسيسها، وحتى الآن.
وانطلقت تلك الجهود بعد 6 أشهر فقط من تأسيس دولة الإمارات عام 1971 من خلال مشاركة وفد رفيع المستوى في المؤتمر الأول للأمم المتحدة المعني بحماية البيئة والعمل من أجل استدامة الموارد الطبيعية، ثم صدور أول قانون وطني في المنطقة يستهدف حماية البيئة في العام 1975.
ووقعت الإمارات بروتوكول مونتريال الخاص بالمواد المسببة لتأكل طبقة الأوزون في عام 1989.
وفي مطلع تسعينيات القرن العشرين تم الاتفاق بشكل دولي على إطلاق اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ، لتمثل أول تحرك عالمي لمواجهة هذا التحدي الهام وفي 1995 انضمت دولة الإمارات للاتفاقية للمشاركة في الحراك الدولي للعمل المناخي.
وبعد إطلاق واعتماد بروتوكول كيوتو الملزم للدول المتقدمة بأهداف خفض الانبعاثات صدقت دولة الإمارات في العام 2005 على البروتوكول كأول دولة من الدول الرئيسية عالمياً لإنتاج النفط.
ويمثل العام 2006 نقطة فارقة في مسيرة عمل دولة الإمارات من أجل البيئة والمناخ والذي شهد إطلاق شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" كنموذج إماراتي عالمي لقطاع الطاقة النظيفة والتنمية المستدامة والتطوير العمراني المستدام.
كما تم إطلاق مشروع "براكة" للطاقة النووية عام 2012 والذي من المتوقع مع دخول كامل المحطات الخدمة أن يوفر ما يصل إلى 25% من الاحتياجات المحلية من الطاقة الكهربائية.
ونظراً لأهمية موضوع التغير المناخي محلياً وعالمياً، أدرجت دولة الإمارات التصدي لهذه الظاهرة كأحد أهدافها الرئيسية، لتحقيق التنمية المستدامة.
واعتمدت دولة الإمارات باقة واسعة من التشريعات والاستراتيجيات الداعمة للعمل من أجل البيئة والمناخ، ومنها التحول نحو منظومة الاقتصاد الأخضر.
وفي عام 2016، قامت دولة الإمارات بتوسيع دور وزارة البيئة والمياه لتدير جميع الجوانب المتعلقة بشؤون التغير المناخي الدولية والمحلية، وأعادت تسمية الوزارة لتصبح وزارة التغير المناخي والبيئة، وتعمل هذه الوزارة على قدم وساق لتعزيز جهود دولة الإمارات في معالجة مشكلة التغير المناخي، وحماية النظم البيئية الفريدة.
وتعد دولة الإمارات أول دولة في المنطقة تعلن عن مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.
وكانت دولة الإمارات قد أطلقت في أكتوبر/تشرين الأول 2021 مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي تستهدف تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 وتعزيز النمو الاقتصادي الفعال إلى جانب التأثير الإيجابي على البيئة.
ولا تقتصر جهود دولة الإمارات على الصعيد المحلي فقط، وإنما تكثف جهودها على الصعيد الدولي لتعزيز العمل المناخي وتحفيز وقيادة عمل جماعي شامل وفعال من أجل المناخ عالميا.
جهود دولية
على صعيد جهودها الدولية لمواجهة تغير المناخ، استثمرت دولة الإمارات ما يزيد على 50 مليار دولار في مشروعات للطاقة النظيفة في 70 دولة.
أيضا أطلقت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مبادرة شاملة بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية للاستثمار في الطاقة النظيفة وتعزيز الأهداف المناخية المشتركة وأمن الطاقة العالمي، سيتم بموجبها استثمار 100 مليار دولار لتوليد 100 غيغاواط إضافية من الطاقة النظيفة في دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والاقتصادات الناشئة حول العالم بحلول سنة 2035.
كما تقوم دولة الإمارات بجهد بارز في حشد الجهود العالمية لمواجهة تحديات التغير المناخي من خلال استضافتها لكبرى الفعاليات والأحداث التي شكلت منصة جامعة لكبار المسؤولين وصناع القرار والخبراء من حول العالم ومن أبرزها مؤتمر "COP28"، وأسبوع أبوظبي للاستدامة.
عام الاستدامة.. خارطة شاملة
هذا السجل الإماراتي الحافل، سيعزز من نجاح أهداف مبادرة عام الاستدامة، لا سيما في ظل وجود خارطة طريق واضحة لتحقيق أهداف المبادرة، تتضمن تحديد أهدافها بدقة، وتحديد قيادة الفريق المكلف بإدارة برامجها.
ويهدف "عام الاستدامة" الذي انطلق تحت شعار "اليوم للغد" -من خلال مبادراته وفعالياته وأنشطته المتنوعة- إلى:
- تسليط الضوء على تراث دولة الإمارات الغني في مجال الممارسات المستدامة.
- نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية.
- تشجيع المشاركة المجتمعية في تحقيق استدامة التنمية.
- دعم الاستراتيجيات الوطنية في قضايا الاستدامة نحو بناء مستقبلٍ أكثر رخاءً وازدهاراً.
- إبراز الجهود التي تقوم بها دولة الإمارات العربية المتحدة في تعزيز العمل الجماعي الدولي لمعالجة تحديات الاستدامة.
- إبراز دور دولة الإمارات العربية المتحدة في البحث عن حلول مبتكرة يستفيد منها الجميع على الساحة الدولية خاصة في مجالات الطاقة والتغير المناخي وغيرها.
يشرف على مبادرات "عام الاستدامة" الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة، والشيخة مريم بنت محمد بن زايد آل نهيان.
شعار عام الاستدامة "اليوم للغد"
وفي كلمات ملهمة تجسد رؤية حكيمة، أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، أن "الشعار الذي جرى اختياره لعام الاستدامة "اليوم للغد" يجسد نهج دولة الإمارات وأهدافها ورؤيتها في مجال الاستدامة ومسؤوليتها في مواجهة التحديات؛ فمن خلال عملنا وجهودنا ومبادراتنا اليوم، نصنع غداً أفضل لنا ولأبنائنا وأحفادنا لنترك إرثاً إيجابياً للأجيال المقبلة، كما ترك لنا الآباء والأجداد".
ويجسد "عام الاستدامة" السجل الثري لدولة الإمارات العربية المتحدة في الحفاظ على الاستدامة من خلال مبادراتها وجهودها واستراتيجياتها الملهمة في هذا المجال وفي مقدمتها "المبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي 2050" والتي تؤكد التزام دولة الإمارات بتعزيز حماية البيئة والتقدم الاقتصادي، وترسيخ مكانة دولة الإمارات وجهةً مثالية للعيش والعمل وإنشاء مجتمعات مزدهرة.