أسير فلسطيني يكتب عن الصراع الاستخباراتي الفلسطيني الإسرائيلي من سجنه
حسام شاهين يقدم سردًا بوليسيًّا مشوِّقًا في "زغرودة الفنجان"
"زغرودة الفنجان" عنوان رواية مختلفة، فكاتبها أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية، عمل على وصف الصراع الاستخباراتي الفلسطيني الإسرائيلي.
"زغرودة الفنجان" هو عنوان رواية مختلفة ومميزة، فكاتبها أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية، عمل على وصف الصراع الاستخباراتي الفلسطيني الإسرائيلي في سرد بوليسي شيق جذاب، وبطريقة بعيدة عن التعقيد البلاغي مما يجعل كتابته سهلة وأقرب إلى اللغة الصحفية المستساغة.
الرواية للأسير حسام زهدي شاهين، المحكوم عليه بالسجن لـ27 عامًا، قضى منها عشرة أعوام، وتتحدث عن الوسائل العديدة التي قالت إن الاستخبارات الإسرائيلية تستخدمها للإيقاع بالناس خصوصا الأبرياء منهم وتجنيدهم لخدمتها، ومن هذه الوسائل أمور بينها الحاجة المادية والفقر وبشكل خاص الجنس الذي تركز عليه هذه الاستخبارات.
الرواية وردت في 309 صفحات متوسطة القطع، وبلوحة غلاف للفنان التشكيلي الفلسطيني خالد نصار، وصدرت عن دار "الأهلية للنشر والتوزيع" في العاصمة الأردنية عمان.
و"زغرودة الفنجان" تعبير مأخوذ عن الصوت الذي يصدر عن صب القهوة العربية في الفناجين، خصوصًا في الاحتفالات ذات الأهمية، فقد نقل عنها هذا التعبير المجازي كأن فنجان القهوة يزغرد.
والأسير الفلسطيني حسام زهدي شاهين من مواليد مدينة القدس-السواحرة الشرقية عام 1972، وهو معتقل منذ 28 يناير/كانون الثاني 2004، عُرف عنه حبه لتطوير وتثقيف نفسه بنفسه، وكان قد تولى مركز سكرتير العلاقات الدولية لشبيبة حركة فتح.
كتب مقدمة الرواية الإعلامي والشاعر اللبناني زاهي وهبي، الذي مر في تجربة الاعتقال لدى الإسرائيليين في معتقلي (عتليت) داخل إسرائيل و(أنصار) في جنوب لبنان.
وعن رواية "زغرودة الفنجان" كتب وهبي يقول: "هي رواية المقاومة الحية والروح الفدائية العالية والمواجهة اليومية مع المحتل الإسرائيلي، لكنها في الوقت نفسه رواية الإنسان الفلسطيني بحالاته المختلفة، وهذه نقطة تحسب لحسام؛ لأنه استطاع التحرر من تلك الثنائية الجاهزة: العدو شر مطلق، ونحن خير مطلق، ليقدم الإنسان الفلسطيني كما هو.. نعم ثمة بطولة لا جدال فيها.. بطولة مكتوبة بالدم قبل الحبر، لكن في المقابل ثمة الإنسان بحالاته المختلفة ومنها الضعف والوهن والسقوط في مجرور الخيانة، ولقد حان الوقت فعلا لنتحرر من كادر الأسطورة والبطل الفولاذي الخارق لأننا بشر عاديون نحلم بوطن عادي وحياة عادية، ولولا المحتل وعدوانه اليومي المستمر لكتبنا عن الأحمر في لون الوردة بالإذن من (الشاعر الراحل) محمود درويش."
تعيش أحداث الرواية في معظمها في أجواء الانتفاضة الفلسطينية الثانية وسعي الإسرائيليين إلى قتل أو اعتقال رجالها، وتركيزهم الذكي والدقيق على تجنيد أكبر قدر من المتعاملين معهم إما بالترغيب أو كما كان يجري غالبا باستخدام تقنيات متقدمة لتصويرهم وتصويرهن -واقعيًّا أو تزويرًا- في أوضاع جنسية معيبة أو شاذة، واستخدام ذلك للضغط عليهم كي يتعاونوا في التجسس على رجال المقاومة.
ويقدم شاهين معلومات وشروحًا عن أولئك الذين يطلق عليهم اسم "المستعربين" الذين يدّعون أنهم عرب فلسطينيون من أجل جمع المعلومات والتدخل، خصوصا في تنفيذ عمليات الاغتيال، وهم غالبا يهود من بلدان عربية أو عرب ممن جندهم الإسرئيليون وأصبحوا يعتمدونهم في مهمات من هذا النوع.
الشخصيتان الرئيسيتان في الرواية هما مازن وعمر؛ مازن اضطر بسبب الحاجة والابتزاز إلى العمل مع الاستخبارات الإسرائيلية في جمع المعلومات عن المقاومة، وبعد تهديدات ومحرضات ارتقى في درجة الخدمة هذه وصار يجند أشخاصًا للعمل معه من خلال ما أعطاه مشغلوه من أدوية تخدير وأجهزة تصوير عادية وفيديو.
أوقع مازن أو توهم أنه أوقع برحاب المرأة الرهيبة والشهوانية التي ساعدته في تجنيد آخرين وأخريات، وقد اكتشف لاحقا أنها خدعته وأنها كانت عميلة إسرائيلية رهيبة منذ البداية وصاحبة علاقات جنسية متعددة ومع رئيسه ومشغله الكابتن مودي.
قاما -هو وهي- بإفساد عدد من النساء والرجال، وقامت هي صاحبة الدور الكبير خفية عنه بالإيقاع بعدد منهم خاصة امرأتين بريئتين؛ أم إبراهيم التي انتهت بالموت بتوقف قلبها عن العمل بعد اكتشاف ما جرى معها، وليلى المرأة الطيبة الراقية التي انتهى بها الحال بعد اكتشاف ما حل بها بالانتحار بإطلاق النار على نفسها.
مازن -أو (أبو طارق) كما كان يكنى- أحس بأنه غرق في العار والذل والتسبب بشقاء الآخرين وأحس بأن الأمر قد يصل إلى أولاده الصغار يوما ما.. قرر أن ينهي القصة شهيدًا بعد أن يقتل ضابط الاستخبارات الإسرائيلي الذي يشغله، والذي تسبب في كل هذه المآسي.
اتصل بصديقه عمر أحد قادة حركة المقاومة، وفي السر اعترف له بسنوات عمله مع العدو وبالموبقات والآثام التي ارتكبها، وبأنه ينوي قتل الكابتن مودي طعنًا بسكين إذ لا سلاح ناريا.
قال لعمر إن الإسرائيليين يعاملونه وغيره كأنهم قمامة، وإن لا قيمة لهم على الرغم من خدماتهم، الذي يعرف باسم الكابتن مودي تبين لاحقًا أنه ميجر جنرال في الاستخبارات.
بعد معاناة طويلة قرر عمر أن يعطيه مجالا للتوبة وللتعويض عما كان قد جناه على شعبه، دربه سرا وكان يلقمه بمعلومات يطلبها منه مشغله من أجل اكتساب ثقته وإبعاد الشك فيه، وفي اليوم المحدد رافقه عمر خفية إلى الموعد مع الكابتن مودي؛ حيث أطلق عليه النار من المسدس الذي زوده عمر به فأرداه قتيلا، إلا أن مرافق الضابط أصابه بالرصاص واعتبر شهيدًا.
احتفلت المقاومة بشهادته، وما لبث عمر أن وقع أسيرًا في يد الإسرئيليين واكتشف أن مازن لم يمت مباشرة، بل إنهم عذبوه وأحرقوه فاعترف بأن عمر دربه.
تنتهي الرواية المشوقة هنا وسط جو وصفه الكاتب عبر حديثه عن رفقاء عمر يوحي بأن الحكاية ستستمر.
aXA6IDE4LjIyNS45NS4yMjkg جزيرة ام اند امز