الجامعة الأمريكية بالقاهرة تحتفي بعميد النقاد المعاصرين عبد المنعم تليمة
يحتل الناقد والمفكر المصري عبد المنعم تليمة مكانة بارزة على خارطة الثقافة المصرية والعربية عامة وحركتها النقدية خاصة..
يحتل الناقد والمفكر المصري عبد المنعم تليمة مكانة بارزة على خارطة الثقافة المصرية والعربية عامة وحركتها النقدية خاصة، أثر في أجيال سواء داخل الأكاديمية باعتباره أستاذا بها، وخارجها باعتباره ناقدا تابع معظم الإبداعات الأدبية والشعرية، وقدم عددا من أهم الكتب النقدية المؤثرة في حركة النقد والإبداع المصريين على مدار أكثر من أربعين عاما، من أبرزها وأهمها كتاباه التأسيسيان: «مقدمة في نظرية الأدب»، «مداخل إلى علم الجمال الأدبي» اللذان طبعا أكثر من طبعة ويتم تدريسهما في العديد من الجامعات العربية.
ضمن فعاليات برنامج "رؤى نقدية"، الذي ينظمه مركز الدراسات العربية بالجامعة الأمريكية، عقدت أمس الثلاثاء في القاعة الشرقية بمقر الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ندوة لمناقشة الفكر النقدي عند عميد نقاد الأدب المعاصرين، الدكتور عبد المنعم تليمة (79 عاما) وشارك فيها النقاد: الدكتور صلاح السروي، والدكتور حسين حمودة، والدكتورة جهاد محمود، وأدار اللقاء الدكتور سيد ضيف الله.
المشاركون في الندوة أكدوا أن عبد المنعم تليمة مفكر وناقد ومنظر فكري يتخذ من المادة التاريخية منهجه وسلاحه وأدبه، ثم إنه قدم التأصيلية في الدرس النقدي الأدبي العربي، قدم هذه الرؤية اعتبارا من أنه استطاع أن يؤسس إطارا معرفيا وجدليا وفكريا يتخذ من حرية تعامله مع نظرية الانعكاس علامة وإشارة، كما أنه راهن دائما على فعل التحليل العميق في الدرس النقدي والأدبي، مقدما في ذلك إسهامات مرجعية في اكتشاف السبيل إلى استيضاح الدرس النقدي الأدبي العربي، كي يستحيل فعلا للتحليل، ذلك هو ما راهن عليه عبد المنعم تليمة وابتغاه، وسعى إليه عبر آليات اشتغاله الإنساني الذي تداخل فيه الفكر والنقد والإبداع ومزاوجة مبدعة بين الموروث العربي القديم والمنجز الحديث.
الدكتور عبد المنعم تليمة، ألقى كلمة موجزة حول تجربته في النقد، ومراحل تكوينه الثقافي والنقدي المبكرة.. قال فيها "في أيامي الأولي بالجامعة سنة 1956م ذهبت إلى درس للفرقة النهائية كي أستمع إلى المحاضر الشيخ الأكبر طه حسين... كان الزحام شديداً، وجاهدت حتى وصلت إلى مقعد الشيخ وافترشت منديلي على الأرض بجوار قدمي الأستاذ وجلست وأخذت أتلقى.. منذ تلك الخطوة الأولى وما تلاها من خطوات بقسم اللغة العربية وأنا مرتبط بشيوخ هذه الثقافة وأساتذتها، وهم جميعا في غنى عن ذكرهم، لأنهم من الرسوخ في العلم وذيوع الصيت بحيث يعرفهم كل من له اتصال بتراث هذه الأمة".
تليمة أضاف: "تتعدد مصادر التكوين بالنسبة لي داخل وخارج آداب القاهرة، فمثلا درست "المعجم العربي" على يد الأب قنواتي بمعهد البحوث والدراسات، و"تجديد الفكر الديني" على الشيخ علي عبد الرازق، وتفاعل الأدب والمجتمع على "زكي نجيب محمود"، و"مذاهب الأدب وفنونه" على محمد مندور"، وتابع تليمة: "كما حضرت جلسات مجمع اللغة العربية برئاسة أحمد لطفي السيد، وانتظمت زياراتي الأسبوعية لعدد من المشاهير والنجوم في سماء الثقافة العربية آنذاك، مثل ندوة العقاد وسلامة موسى وغيرهما، ويمكن القول إن علاقتي لم تنقطع بأربعة من الأساتذة الكبار كانوا بمثابة "مراجع عليا" أرجع إليها وهم الدكتور محمد مندور، وشيخ المحققين محمود شاكر، وكلاهما أمة وحده، وأيضا رئيس مجمع الخالدين الدكتور إبراهيم بيومي مدكور، والدكتور زكي نجيب محمود".
أما الدكتور حسين حمودة أستاذ النقد بكلية الآداب جامعة القاهرة، فقد أوضح أن هناك دروسا عديدة يمكن استخلاصها من تجربة تليمة النقدية باذخة الثراء، من أهمها وأبرزها هو تمييزه الثاقب بين مدرستين في الفن وفي النظر إليه؛ المدرسة الأولى ترى أن الفن "جماله في نفعه"، والثانية ترى أن الفن "نفعه في جماله"، وفي هذه الصيغة تمييز بين المدرسة الوظيفية التي تذهب إلى أن الفن يكون جميلاً إذا كان نافعاً، والمدرسة الجمالية التي تذهب إلى أن الفن يكون نافعاً إذا كان جميلاً، الأولى تشرط الجمال بالمنفعة، والثانية تنطلق من أن الجمال في ذاته نفع وفائدة ووظيفة.
من جانبه، أكد الدكتور صلاح السروي، أستاذ النقد بكلية الآداب جامعة حلوان أن عبد المنعم تليمة يتميز عن كثير من المثقفين والأكاديميين المصريين والعرب بولعه الواضح بالنظرية النقدية، وبمحاولاته المتواصلة في الحفر عند جذور المفاهيم وأصول الأفكار، باعتبار ذلك شرطا أوليا لإخصاب المعرفة النقدية وتأصيل الوعي وإرهافه بمنطلقاتها وآلياتها وغاياتها، وأشار إلى أن تليمة يأخذ في طرح درسه التأصيلي لتاريخ الفن الأدبي، ومصادره، وأنواعه ومدارسه، من حيث الممارسة الجمالية التطبيقية، وكذلك لتاريخ النظرية الجمالية الفنية، من حيث الرؤى الكلية ذات الوجه الفلسفي التنظيري.
تعد هذه الندوة هي الثانية ضمن سلسلة ندوات بحثية، يقيمها المركز بعنوان (رؤى نقدية)، ويشارك فيها العديد من الأسماء اللامعة فى مجال النقد العربى، وجاءت الندوة الأولى بعنوان «نقاد فى ميزان النقد.. صلاح فضل نموذجًا».
aXA6IDE4LjE5MS4xNzEuODYg جزيرة ام اند امز