وجدي الكومي لـ «العين»: نعم.. القصة القصيرة الصارمة تحول الكاتب لراقص على الحبل
«سبع محاولات للقفز فوق السور» ضمن القائمة القصيرة لجائزة ساويرس
ضَمِن الكاتب والروائي وجدي الكومي مكانا في القائمة القصيرة لجوائز ساويرس للإبداع القصصي للعام 2015، التي ضمت سبع مجموعات قصصية أخرى
بمجموعته القصصية «سبع محاولات للقفز فوق السور»، الصادرة عن دار الشروق المصرية، ضَمِن الكاتب والروائي وجدي الكومي مكانا في القائمة القصيرة لجوائز ساويرس للإبداع القصصي للعام 2015، التي ضمت سبع مجموعات قصصية أخرى، ذات مستوى فني لافت، وتنوع في الأشكال والبنى واللغة المكتوبة بها أيضا، وجدي الكومي، قاص وروائي مصري، يعمل بالصحافة وصدر له 5 روايات من أهمها «خنادق العذراوات» 2014 عن دار الساقي، و«إيقاع» 2015 عن دار الشروق.
يُصدِّر وجدي الكومي مجموعته «سبع محاولات للقفز فوق السور» بـ"هذه محاولات طفل للقفز فوق السور، شب وكبر، وظن أن قامته أقصر منه، وتصور أنه لم يعد بحاجة لبذل الجهد الذي كان يبذله في السابق، لكنه كان واهماً، فالسور أيضاً كبر معه، وكلما زادت قامة الطفل سنتيمترات، زاد في المقابل ارتفاع السور أمتارا، لم تعد المحاولات السبعة كافية، واتبع الكثير من الحيل، ولجأ إلى العرافين والعالمين ببواطن الأمور لعلهم يجدون طريقة للسور كي ينقض، لكنها كانت كلها محاولات، باء بعضها بالفشل، وكاد بعضها الآخر أن يتكلل بالنجاح، وتبقى في النهاية قامته وطولها في مواجهة السور وارتفاعه".
عن «سبع محاولات للقفز فوق السور» تقول الناقدة والأكاديمية المصرية شيرين أبو النجا: إن "التمعن في المجموعة يكشف عن وضعها داخل متتالية محاولات للقفز من فوق السور، في بداية كل محاولة يلتقط الكومي خيط الوعي، أو بالأحرى يلتقط محطة هامة في خط الوعي، ويكتبها في شكل مشهد قصير مكثف، ويتبع ذلك ببعض القصص التي تلعب على تنويعات تيمة المشهد، بهذا يتشكل الإطار الكلي والأسلوب البنائي الذي اختاره الكاتب ليضمن القصص التي كُتبت على فترات مختلفة، ولكن الإطار لا يضيف إلى الشكل فقط، بل يجعل المضمون مغايراً أيضاً، بمعنى آخر.. وإذا كانت بعض هذه القصص قد نُشرت منفردة من قبل فإنها تكتسب الآن داخل إطار المحاولات السبع بعداً إضافيًّا في المعنى والوظيفة".
هنا حوار مع القاص والروائي وجدي الكومي حول مجموعته المرشحة لجائزة ساويرس للإبداع القصصي 2015..
مجموعتك «سبع محاولات» تميزت بتعدد مستوياتها الجمالية واللغوية.. تقريبا تكاد تفارق مسارك الكتابي في الرواية.. بين التجريب والكتابة الواقعية الصرف.. الانشغال بالجمالي والشعري أوضح من الانشغال بالهم الاجتماعي والسؤال الواقعي.. هل هذا صحيح بصورة أو أخرى؟
أعتقد أن فن القصة القصيرة لا يصلح كله لأن يكون معبرا عن الكتابة الواقعية الصرف، أقصد هنا أنني حينما أقرر كتابة قصة قصيرة ما، تأتي بتقنيتها، تأتي بقالبها، تفرض شكلها، ثم تقرر هي - الكتابة- أي مسارٍ تسلكه، حينما أنحاز للقصة القصيرة في لقطة ما، أو مشهد عابر، أشعر أن الفانتازيا أقرب لي من الخيار الواقعي، أعتقد أنني اهتممت بكتابة قصص فانتازية في «سبع محاولات للقفز فوق السور»، لأن الكتابة بالنسبة لي ليست فقط ساحة لاستعراض العضلات اللغوية، أو غيرها، بل هي في المقام الأول ساحة اللعب، ولأنها ساحة محدودة، بمساحة، وحجم، وعدد كلمات، وشخصيات أقل من الشخصيات التى تختارها لعمل روائي، كل هذا يجعلني ألجأ إلى التجريب، والتكتيكات الفانتازية بوصفها أكثر مرونة في كتابة مشهد قصصي مكثف وقصير.
إذن.. تبدو القصة أكثر ملائمة لك للتجريب من الرواية؟
نعم.. أشعر أحيانا بأن القصة القصيرة تتسع لتجريب أكبر من المسموح به في الرواية، قوانينها وشروطها الصارمة، ومساحتها المحدودة، تتيح للكاتب أن يلهو، ويلعب، ويتجول في الخيال، كيفما أراد، الكتابة الروائية تمنح صاحبها مساحات أكبر، وأدوات أكثر، ومسؤولية أكبر، في أن يحكم كل الخيوط التى يفتلها في بداية فصول روايته، أما القصة القصيرة فهي أكثر براحا من الرواية، نعم أقولها بثقة، هي أكثر براحا؛ لأن كاتبها يشد خيطا واحدا من أولها لآخرها، ويتراقص كما شاء عليه، كأنه راقص على الحبل، يحتاج "عتلة" في يديه لإحكام توازنه، لكنه لن يتشتت بكثرة الخيوط، واختلاف ألوانها، هذا ما يميز القصة القصيرة عندي.
نعود إلى منافسات ساويرس.. هل قرأت أيا من أعمالها المرشحة ضمن القائمة القصيرة؟
لم أقرأ كل الأعمال التي وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة ساويريس هذا العام، والمنتظر إعلانها الثلاثاء، أعتقد أنني قرأت لأصحابها بعض النصوص، وقرأت عملين أو ثلاثة منها، وأرى أنها "قائمة" تمثل مختلف المدارس الأدبية التى لم نزل نتعلم فيها فنون السرد الجميلة، أرى أن المبدعين الشبان بحاجة للتقدير الجارف، وما تقدمه جائزة ساويرس لمبدعي القصة القصيرة، يظل وحيدا في ظل إهمال شديد من المؤسسات الثقافية التى تمنح جوائز القصة القصيرة، ولعل أهم جائزة تم تخصيصها للقصة القصيرة، من المؤسسة الرسمية، كانت جائزة يوسف إدريس، لكنها توقفت لسبب مجهول، ولم أعد أسمع عنها أية أنباء.
هل فن القصة القصيرة -بظنك- تعرض للغبن في العقود الأخيرة؟
بالتأكيد، ونحن في مصر بحاجة لتشجيع هذا الفن، ومن العجيب أن تضطلع بالمهمة مؤسسات أدبية خارج مصر، ومنها جائزة الشارقة للإبداع، وجائزة دبي الثقافية، وأعتقد أن إطلاق جائزة "الملتقى" للقصة القصيرة بالكويت، سيعيد لهذا الفن اعتباره، وسيشجع الناشرين على خوض السباق، ونشر المجموعات القصصية، الكتاب القصصي مغبون، لأن الناشرين أعطوه ظهورهم، وخاضوا ماراثون نشر الرواية، ولا أعرف لماذا يتكاسل الناشرون عن ابتكار أفكار جديدة مبتكرة، بالمشاركة مع كُتاب القصة القصيرة، تعيد صياغة شكل الكتاب القصصي، أعتقد أنني فعلت شيئا من هذا القبيل، حينما نشرت «سبع محاولات للقفز فوق السور»، في قالب مختلف، جعل البعض يصفها بالمتتالية، فيما احتار البعض الآخر، واتهمني باللجوء إلى حيل روائية في جعل القصص القصيرة متصلة بشكل ما.
بما أن الحديث امتد لـ «سبع محاولات» مرة أخرى، فدعني أستعيد تجربة معاناة الكتابة وتشكل قصص المجموعة؟
في الحقيقة كنت أسأل نفسي: ما الذي يهيئ هذه القصص لتستقر جنبا إلى جانب واحد بين دفتي كتاب؟ استبعدت أعمالا بينما أعد مجموعتي للنشر، وأعدت ترتيب بعض القصص، وغيرت مواضع المحاولات أكثر من مرة بين قصص الكتاب، كنت أبحث عن صيغة، تضمن البقاء، وتحفظ للكتاب طابعا مختلفا، لذلك كان شكل "المحاولات السبع" بين باقي قصص المجموعة، وهو ما أعتبره مغامرة مختلفة، في كيفية إخراج كتاب أدبي، مهمة الكاتب لا تنتهي فقط عند الانتهاء من الكتابة، بل تمتد للتفكير في شكل الكتابة، كيف سيكون، لم أعمد في البداية لكتابة «سبع محاولات للقفز فوق السور» بهذا الشكل، لكن صعوبة نشر القصة القصيرة، هو ما جعلني مصرا على إيجاد شكل مغاير لأشكال المجموعات القصصية، وهو ما أقنع الناشر في النهاية "الشروق" على نشر المجموعة على هذا الشكل، كنا في البداية قد تناقشنا على مواضع "المحاولات" بين القصص، واقترح الناشر عليّ جعلها متتالية، ونختار عنوانا آخر للمجموعة، كان بيننا حوار متواصل حول ارتباط المحاولات بما يسبقها وما يليها من القصص، وعليه، غيرنا أكثر من مرة مواضع القصص القصيرة جدا التى حملت عناوين "المحاولة الأولى – الثانية- الثالثة..." لتتناسب قدر الإمكان مع القصص اللاحقة عليها، أو السابقة لها.
aXA6IDMuMTQuMjQ2LjUyIA== جزيرة ام اند امز