بوابة العين الإخبارية في رحلة بمحافظة الجوف اليمنية التي تحررت من المليشيات الحوثية، وتتحدث مع محافظها وقائد المنطقة العسكرية الرابعة
ليس خفيًّا ما صارت إليه أوضاع البلاد نتيجة السيطرة المليشياوية لجماعة الحوثي وقوات صالح؛ غير أن محافظة الجوف يبقى لها وضعها الخاص أيضاً، كما هو عهدها إبان عقود حكم "صالح"، حيث عانت المحافظة طوال 6 الأشهر الماضية من سيطرة ميلشيات الحوثيين.
"محمد عبد الله" أحد سكان مدينة الحزم، يقول إنه عاد وأسرته إلى منزله منتصف الأسبوع الماضي، مشيرا إلى أن هناك أعدادا كبيرة من الأسر النازحة قد عادت إلى منازلها، بعد أن تم دحر العناصر المسلحة التابعة لجماعة الحوثي وصالح.
ويضيف عبد الله إلى أنه يعتزم الانخراط في صفوف المقاومة الشعبية التي تقاتل جنباً إلى جنب مع الجيش الوطني من أجل استعادة وتحرير المناطق والمديريات التي لا تزال تحت سيطرة مليشيات الحوثي وصالح.
•يد تبني والأخرى تقاوم
محافظ الجوف، الشيخ حسين العجي العواضي، الذي وصل، الأربعاء الماضي، إلى الحزم، عاصمة المحافظة، قال: "سنعمل في الجوف بيد تبني والأخرى تقاوم.. الجوف من المحافظات الواعدة، وأعدكم ببذل كل الجهود في سبيل تحقيق الآمال والتطلعات التي تحلمون بها"، داعيا الجميع إلى العمل بروح الفريق الواحد.
وقال: "لم تترك المليشيا الحوثية أي أثر للحياة هنا في مدينة الحزم.. فقد اعتدوا على الممتلكات الخاصة والعامة، ومن بينها المجمع الحكومي وسكن المحافظ وكل المكاتب التنفيذية في المحافظة، وحتى المنشآت الخدمية بما فيها شبكة الكهرباء، وصولاً إلى درجة أن المولدات الكهربائية التي لم يتمكنوا من أخذها قاموا بإطلاق النار عليها".
وتابع: "حتى شبكات ومواسير مياه الشرب دمروها بالكامل، وأخرى أطلقوا عليها النار... ومع هذا، ورغم كل الدمار، نقول لهم إن الحياة عادت إلى محافظة الجوف، وأننا سنعمل على إيجاد الحلول والمعالجات اللازمة للتغلب على كل المعوقات".
وفيما أشار المحافظ العواضي إلى أنه قبيل مجيئه إلى الجوف، التقى في العاصمة السعودية الرياض رئيس الحكومة ونائبه، وأنه ناقش معهما أوضاع المحافظة، "فأكدا لي استعداد القيادة السياسية، وكذا قيادة التحالف، لدعمنا، من خلال مسارين متساويين، الأول: دعم المقاومة وتحقيق النصر كل النصر، والآخر: دعم عملية التنمية وتلبية المتطلبات".
•الأوضاع على ما يرام
من جانبه، مدير عام شرطة محافظة الجوف، العميد علي شطيف، قال إن الوضع الأمني في مدينة الحزم عاصمة المحافظة مستتب، وأن "كل شيء على ما يرام، والمئات من العوائل التي كانت قد نزحت إلى محافظة مأرب وغيرها عادت إلى منازلها بعد أن تم تطهير المدينة من المليشيا الحوثية، وأصبحت آمنة أفضل من أي وقت مضى".
وقال: "عادت الحياة وبدأ الناس يمارسون حياتهم على أفضل وجه، وعادت شبكتا المياه والكهرباء وفتحت المحال التجارية والمدارس، وحتى الجوامع.. وندعو من تبقى من الإخوة المواطنين الذين لم يعودوا إلى منازلهم حتى اللحظة، ونقول لهم: عودوا إلى بيوتكم وممتلكاتهم، فكل شيء على ما يرام".
وحول ما إذا كان هناك إحصائيات بشأن عدد المنازل والممتلكات العامة والخاصة التي تعرضت للنهب والسلب والتدمير من قبل المليشيا الحوثية، قال شطيف: "هناك بيوت ومنازل وممتلكات تضررت وتهدمت، فمنها ما تعرض للتفجير، ومنها ما تعرض للنهب والسلب".
وفيما أشار إلى أنه ليس هناك حتى اللحظة أي إحصائية بشأن عدد المنازل والممتلكات التي تضررت؛ قال: "هناك لجان سوف تقوم بتنفيذ عملية الحصر والتقييم لكل المباني والممتلكات، سواء كانت خاصة أم حكومية، في الأيام القليلة القادمة".
وأضاف: "لقد عبثوا ودمروا وفجروا ونهبوا كل شيء، بما في ذلك المكاتب الحكومية والأمنية، ومن بينها إدارة الأمن العام، حيث قاموا بنهب كل الأجهزة والمعدات والأثاث، وحتى مولد الكهرباء قاموا بنهبه".
وتطرق شطيف إلى الصعوبات والعراقيل التي يواجهونها كأجهزة أمنية مهمتها حفظ الأمن والاستقرار في المحافظة، وقال إنهم بحاجة ماسة إلى أجهزة ومعدات وأطقم وآليات تمكنهم من القيام بمهامهم على أكمل وجه، مشيراً إلى أن عاصمة المحافظة وعدداً من "المديريات التي تم تحريرها وتطهيرها من المليشيات الحوثية بحاجة ماسة إلى تفعيل دور الأجهزة الأمنية حتى تتمكن من تخفيف الضغط الملقى على قوات الجيش ورجال المقاومة".
•هتكوا الأعراض واقتحموا وفجروا البيوت والمساجد
"يحيى علي"، أحد النازحين العائدين مؤخراً، يقول: "نزحت وجميع أفراد أسرتي بعد شهرين من سيطرة الحوثيين على المدينة... وسبب النزوح أننا تعرضنا للمضايقة، حيث وصل الأمر بهذه الجماعات إلى درجة اقتحام البيوت ما بين الحين والآخر دون مراعاة للأسلاف والأعراف القبلية".
وقال: "هتكوا الأعراض، واقتحموا وفجروا البيوت والمساجد، واعتدوا واعتقلوا وقتلوا وشردوا ونهبوا وسلبوا وعاثوا في الأرض فسادا بطريقة لم يسبق لها مثيل، وهو الأمر الذي دفعني ودفع بكل الناس إلى النزوح والهروب في جنح الظلام".
ويواصل حديثه: "لم يبقوا على أي شيء، تحت مسمى محاربة من يصفونهم بالدواعش، حتى بيوت الله تعرضت للتفجير، وأخرى تابعة لقبائل وقفت ضدهم وضد مشروعهم الملعون قاموا باقتحامها ونهب كل ما بداخلها من أثاث ومحتويات وبعدها يقومون بتفجيرها".
•نزوح أوقف الحياة
أما "عبد الله" (تاجر مواد غذائية) فيقول إنه اضطر إلى إغلاق متجره كالكثير غيره من المحال التجارية، بسبب أن الحركة التجارية توقفت، ومعها توقفت الحياة، نتيجة نزوح السكان، بعد أن تزايدت أعمال البطش والسلب والنهب والقتل والتفجير والاعتقالات من قبل مليشيات الحوثي وصالح.
ومن جهته، قال محافظ الجوف، الشيخ حسين العواضي، إنه ناقش هذا الموضوع مع السلطة المحلية في محافظة مأرب، بحضور مسؤولي شركة النفط، وأنهم أكدوا له التزامهم بسرعة إيصال حصة المحافظة من النفط والغاز (وهو ما تم بالفعل).
وكانت محطات بيع المشتقات النفطية قد توقفت، مثل بقية المحال والأسواق التجارية في الحزم وغيرها من المدن والمديريات التي سيطرت عليها المليشيا في محافظة الجوف، نتيجة الفوضى وأعمال البطش والقتل التي مارستها العناصر المليشياوية خلال ستة الأشهر الماضية.
•أقوياء بالعزيمة.. أقوياء بالإرادة
أما عن حال المقاومة والجيش الوطني فيقول قائد المنطقة العسكرية السادسة، اللواء الركن أمين الوائلي، إن عاصمة محافظة الجوف "الحزم مستقرة وآمنة، بالإضافة إلى عدد من المديريات والمناطق التي كانت تحت سيطرة المليشيات المسلحة وتم تحريرها، وإن شاء الله تعالى سوف يتم تحرير وتطهير ما تبقى من المناطق التي لا تزال تحت سيطرة المليشيات الحوثية".
وأضاف: "كل يوم يزداد الأمن والاستقرار في المناطق التي تم تطهيرها وتحريرها، وهذا بفضل من الله سبحانه وتعالى وبسواعد الجيش الوطني ورجال المقاومة، وعادت الحياة وفتحت المحلات التجارية التي كانت أغلقت، وبدأ الناس يزاولون أعمالهم... كما فتحت المدارس أبوابها وبدأ الطلاب يذهبون كل يوم إلى مدارسهم".
وأشار إلى أن معنويات الجيش ورجال المقاومة عالية.. وقال: "أنا أخجل أن أقف أمام المقاتلين؛ لأن المقاتلين أقوياء بعزائمهم، أقوياء بإرادتهم، حتى أن بعض الأفراد، خصوصاَ أولئك الذين لم يتم تسليحهم بعد يريدون المشاركة بأي شكل من الأشكال من شدة الحماس والعزيمة التي يتحلون بها".
وقال إن "جيش اليوم غير جيش الأمس، ومعنويات المقاتل اليوم غير معنويات المقاتل بالأمس؛ جيش الشرعية اليوم غير جيش المخلوع صالح وحليفه الحوثي، والدليل الانتصارات التي تحققت وتتحقق يوماً بعد يوم".
وفيما أشار اللواء الوائلي إلى أن هناك بعض الصعوبات والعراقيل التي يواجهونها في المنطقة العسكرية السادسة، قال: "عندما ننظر إلى معنويات جنودنا العالية فنجدها تغطي كل تلك الصعوبات أو العراقيل الموجودة".
وحول دمج رجال المقاومة الشعبية بالجيش الوطني، قال: "تم دمج المقاومة بالجيش بناء على توجيهات فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي".
ويخوض الجيش الوطني ورجال المقاومة، وبإسناد من طيران التحالف الذي تقوده السعودية، حرباَ ضروسا ضد تحالف مليشيا جماعة الحوثي وقوات صالح، في عدة جبهات في محافظة الجوف، من بينها جبهة العقبة وسدباء والغيل، وغيرها من الجبهات، بغية تحرير وتطهير بقية مناطق المحافظة، التي لا تزال تحت سيطرت مليشيا الحوثي وقوات "صالح".