"قيثارة الغناء العربي" ليلى مراد في كتاب جديد
20 عاما قضاها المؤلف في جمع مادته ووثائقه الخاصة والنادرة ليقدم سيرة حياة ليلى مراد من خلال وثائق محددة تنشر مجموعة للمرة الأولى
يصلح هذا الكتاب الجديد، عن الفنانة المثيرة للجدل ليلى مراد، نموذجا لما يجب أن تكون عليه كتب التأريخ لنجوم الفن والغناء. الكتاب الذي يقع في 223 صفحة كبيرة القطع أصدرته (دار الشروق) في القاهرة يتميز بما يشمله من وثائق وعشرات الصور الفوتوغرافية التي سجلت جوانب من حياة ليلى مراد الفنية والعائلية منذ كانت تلميذة وسط زميلات المدرسة وكتيبات دعائية لبعض أفلامها إضافة إلى صور مع أزواجها الثلاثة ومنها "الصورة الوحيدة التي تجمع ليلى بزوجها وجيه أباظة" -مدير الشؤون العامة بالقوات المسلحة آنذاك- بحضور محمد عبد الوهاب والممثلة المصرية زينب صدقي. وأنجبت ليلى من أباظة ابنهما أشرف.
أكثر من عشرين عاما قضاها مؤلف الكتاب، أشرف غريب، في جمع مادته ووثائقه الخاصة والنادرة معا، ليقدم لنا لأول مرة سيرة حياة ليلى مراد من خلال وثائق محددة. لا يقتصر الأمر على الوثائق الرسمية المعروفة فحسب، مثل وثيقة زواج ليلى مراد من أنور وجدي، أو وثيقة إشهار إسلامها، أو شهادة وفاتها في العام 1995، ولكن مفهوم "الوثيقة" لدى المؤلف يمتد إلى مقالات نشرتها ليلى مراد بتوقيعها في الصحف والمجلات، وإلى أخبار هامة نشرت عنها (منها الخبر الخطير الذي نشر في الأهرام وحوّل حياتها إلى جحيم نقلا عن السلطات السورية التي زعمت أن ليلى مراد زارت إسرائيل وتبرعت لها بـ50 ألف جنيه)، وصور نادرة لقيثارة الغناء العربي التقطها المصور الشهير حسين بكر، وكذلك كتيبات أفلامها الدعائية، وخطاب مكتوب بيدها لمحمد نجيب. تقريبا كل ما يمكن أن يوثق حياة هذه المطربة الكبيرة موجود في هذا الكتاب، أما الأهم من الوثائق في ذاتها التحليل الذي قدمه مؤلف الكتاب لكل وثيقة، ووعيه في هذا التحليل بالظروف السياسية والاجتماعية والفنية التي أحاطت بكل حدث.
ولدت ليلى مراد في 17 فبراير 1918 لأب ملحن ومطرب هو زكي مراد، ورثت عنه جمال الصوت. وكان شقيقها منير موسيقيا وممثلا خفيف الظل أما شقيقتها سميحة فكان عمرها الفني قصيرا إذ قامت ببطولة فيلم وحيد هو (طيش الشباب) الذي أخرجه أحمد كامل مرسي عام 1951 وشاركها البطولة كل من حسين رياض ومحمود المليجي. أما ليلى فرصيدها 238 أغنية و27 فيلما آخرها (الحبيب المجهول) الذي أخرجه حسن الصيفي عام 1955 وكان عمرها 37 عاما.
يقول غريب في كتابه «الوثائق الخاصة لـ ليلى مراد» إن اطلاعه على الوثائق الخاصة بالفنانة الراحلة "خلص سيرتها.. من كل الآفات والنواقص التي شابت السير الذاتية المماثلة"، راجيا أن تتاح الوثائق والمستندات الشخصية والرسمية قبل التصدي للتأريخ لحياة المشاهير من أهل الفن.
في مقدمة الكتاب يسجل أن ليلى كان لها "حضور استثنائي" رغم اعتزالها التمثيل والغناء في وقت مبكر ويفسر ذلك بأنها "الوحيدة" في تاريخ السينما المصرية التي حملت عناوين الأفلام اسمها (ليلى) أو (ليلى بنت..
الفقراء.. الأغنياء.. وهكذا) كما كانت "أول نجم شباك في مسيرة السينما المصرية" إذا كان الجمهور يقبل على مشاهدة أفلامها دون الاهتمام بعناصر الفيلم الأخرى كما كانت "أولى اثنتين" حملتا لقب "سندريلا". أما الثانية "والأخيرة" فهي الفنانة الراحلة سعاد حسني التي تزوجت زكي فطين عبد الوهاب ابن ليلى مراد.
ويقول المؤلف إن رحلته مع الوثائق الخاصة بليلى مراد بدأت حين دخل منزلها عقب وفاتها عام 1995 واطلع على "أصول مجموعة الوثائق الرسمية والخاصة.. (التي) تؤرخ لحياتها بشكل منضبط.. تعطي صورة حقيقية ودقيقة" عن حياة فنانة برزت في الغناء والتمثيل ثم وجدت نفسها "طرفا في معادلات سياسية في زمن اتسم بالضبابية وعدم وضوح الرؤية" عقب ثورة 1952.
ويضم الكتاب وثيقة زواج ليلى من أنور وجدي في 15 يوليو تموز 1945 "ووثيقة إسلامها رسميا" يوم 27 ديسمبر كانون الأول 1947 أمام قاضي المحكمة الشرعية آنذاك الشيخ حسن مأمون الذي تولى عام 1955 منصب مفتي الديار المصرية ثم أصبح عام 1964 شيخا للأزهر حتى وفاته عام 1973.
ويقول المؤلف إن الملايين التي أحبت "النجمة الاستثنائية" منذ فيلمها الأول (يحيا الحب) حتى فيلمها (قلبي دليلي) عام 1947 لم يشغلها كونها "يهودية الديانة تماما مثلما لم يكن يستوقفهم أن نجيب الريحاني مسيحي وأن يوسف وهبي مسلم... من هنا كان استقبال نبأ تحول ليلى مراد من اليهودية إلى الإسلام هادئا عند الإعلان عنه رسميا" عام1947.
ويسجل أيضا "محاولات إسرائيل الدؤوبة التمسح فيها والنيل من إسلامها ومصريتها" وأن فرعا من عائلتها هاجر إلى إسرائيل في أكتوبر تشرين الأول 1949 "ظل حتى مماتها لا يعترف بإسلامها وبذل محاولات مضنية للتواصل معها ودعوتها للهجرة إلى هناك.. لكنهم وباعترافهم لم يجدوا إلا الصد".
ويقول أيضا إن فيلم «شادية الوادي» الذي أخرجه عام 1947 يوسف وهبي وقام بطولته أمام ليلى تضمن استعراضا "لا علاقة له" بقصة الفيلم وعنوان الاستعراض هو "أوبرا الأسيرة.. أو مأساة فلسطين" من تأليف أحمد رامي وتلحين رياض السنباطي وغناء ليلى وكارم محمود وآخرين.
aXA6IDMuMTQ0LjEwNi4yMDcg جزيرة ام اند امز