معادلة الربح والخسارة في انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
النقاش مشتعل في بريطانيا بين أنصار البقاء في الاتحاد الأوروبي وأنصار الانسحاب، فما الحجج الاقتصادية لكل طرف في دعم موقعه؟
يشتد النقاش بين المؤيدين والمعارضين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حول الآثار الاقتصادية المتوقعة لهذا القرار الذي سيحسمه البريطانيون في استفتاء شعبي يحدد مصير بلادهم في الفضاء الأوروبي المشترك.
الإحصاءات تشير إلى أن 45% من الصادرات البريطانية تتم مع الاتحاد الأوروبي، وفي حال خروج بريطانيا من هذا الكيان، فالمتوقع أن تتضرر المؤسسات البريطانية وتضعف قدرتها على المنافسة، لأن الحواجز الجمركية ستعود للظهور بين بلادهم وباقي الدول الأوروبية.
كما يمكن لاستثمارات المؤسسات البريطانية أن تتضرر هي الأخرى لأن بلدها لن يكون له حق الانتماء إلى السوق المشتركة، وبالتالي الاستفادة من الامتيازات الضريبية والتسهيلات المتاحة داخل بلدان الاتحاد الأوروبي.
والأخطر من ذلك، هو تضرر منطقة "سيتي" في لندن، باعتبارها المركز المالي الأوروبي الأول حيث تقيم كبرى البنوك الأوروبية والعالمية، ويمكن لباريس في هذه الحالة أن تخطف هذه المكانة من البريطانيين.
وبحسب المركز الأوروبي لدراسة السياسات "سابس" فإن القطاع المالي في لندن يشغل 360 ألف شخص، مقابل 260 ألف في باريس، وفي حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإن الفرنسيين سيعملون ما بوسعهم للقفز إلى الصدارة، خاصة أن أصول البنوك الفرنسية الخمسة الأولى تعتبر الأهم في أوروبا.
بالمقابل، لن تكون بريطانيا بعد خروجها مجبرة على دفع 11 مليار يورو وهي حصتها السنوية في ميزانية الاتحاد الأوروبي، وهو ما كانت تحتج عليه كثيرا في السابق، كون هذه الميزانية تذهب في جزء منها لدعم القطاع الفلاحي في الدول الأوروبية، أي أن بريطانيا لا تستفيد بالشكل الكافي من توزيع الميزانية الأوروبية لأنها ليست بلدا فلاحيا.
ويرى أنصار الخروج، أن بريطانيا ستخفف عن نفسها عبء المعايير والتنظيمات المعقدة التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على المنتجات. ووفقا لدراسة قام بها مركز "أوبن أوروبا"، فإن تكلفة هذه المعايير يصل إلى 33 مليار جنيه إسترليني سنويا. لكن هذا المبرر يرفضه أنصار البقاء لأن بريطانيا حتى في حال خروجها، ملزمة بالحفاظ على هذه المعايير لأن الجزء الأكبر من معاملاتها سيبقى مع الاتحاد الأوروبي.
ويشير الرافضون للبقاء في الاتحاد الأوروبي إلى أن بريطانيا تسجل عجزا في الميزان التجاري مع الاتحاد الأوروبي يساوي 7.6 مليار جنيه إسترليني بحسابات سنة 2015، ومن ثم فإن الضغط سيكون على بلدان الاتحاد الأوروبي وليس على بلادهم.
وتوضح دراسة مركز "أوبن أوروبا" أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لن يكون ثمنه فادحا على الاقتصاد، إذ ستخسر بريطانيا في أسوأ الحالات 3% من نموها على فترة تمتد إلى سنة 2030. وفي حال أتبع الخروج باتفاق اقتصادي بين الجانبين فإن بريطانيا ستخسر فقط 0.8% من نسبة نمو اقتصادها في هذه الفترة.