عبدالله بن بيه في ملتقى "المبادرة الإبراهيمية": الإيمان بالمشتركات الإنسانية يزيل سوء الفهم
شارك الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، في ملتقى "المبادرة الإبراهيمية".
وأكد الشيخ عبدالله بن بيه في كلمته بالملتقى، الذي تنظمه افتراضيا وزارة الخارجية الأمريكية، بالتعاون مع ملتقى "المبادرة الإبراهيمية"، التي تأسست في الفاتيكان مطلع العام الجاري، ورئاسة السفير سام براون باك، سفير الحريات الدينية بوزارة الخارجية الأمريكية، ولفيف كبير من الشخصيات الدينية والفكرية حول العالم، أن الانطلاق من الإيمان بوجود المشتركات الإنسانية وتثمينها وتفعيلها؛ من شأنه أن يرأب الصدع ويزيل سوء الفهم ويخفِّف من غلواء الاختلاف.
وأضاف أن "أبناءَ العائلة الإبراهيمية يتشاركون في الرواية الأصيلة للقيم والفضيلة وأصول الأخلاق التي تؤسّس للسلام والتعايش بين مختلف الشعوب. كما نتشارك مع سائر البشرية في القيم الكونية التي لا تختلف فيها العقول ولا تتأثر بتغيّر الزمان أو محددات المكان، أو نوازع الإنسان، فهي الحقوق الطبيعية الفطرية التي يرثها كل إنسان بفضل وجوده، وهي حقوق إلهية المصدر ممنوحة للمؤمن وغير المؤمن، حسب الفصل الأول من ميثاق حلف الفضول الجديد".
وأشار إلى أن المشتركات التي تصون كرامة الإنسان وترفع من شأنه؛ من خلال العناية بما نسمّيه في الإسلام بالكليات الخمسة، وهي الدين والحياة والعقل والملكية والعائلة، تشكل أساس المشترك الديني بين كل الشرائع والملل، وخاصة أديان العائلة الإبراهيمية، فجميعها جاءت بحفظها ورعايتها.
وقال الشيخ ابن بيه: إننا في الإسلام ننظر إلى الديانات نظرة احترام وتكامل وانسجام، فلا نُنْكِر أو نَتَنَكّر لإسهام الأديان والحضارات في تشييد العمارة الأخلاقية للبشرية، فرسول الله (صلى الله عليه وسلم) يرى نفسه في سلسلة من الأنبياء، فيقول "إنما بعثت متمّما لمكارم الأخلاق"، ويؤكد أنه لبنة متممة لهذا البناء العظيم، الذي قال عنه نيتشه، في كتاب "ما وراء الخير والشر": إن الذين أوجدوا القيم في البشرية قلة في التاريخ ومنهم موسى وعيسى ومحمد.
وشدد على أن الأخلاق الدينية ما تزال قادرة على إرشاد العالم إلى سبيل الخلاص من مشكلاته، مثل أزمة كوفيد-19، وأننا من خلال تجديد القيم وتأكيد الوعي بوحدة المصير الإنساني، والدعوة إلى هبة ضمير عالمية، تعيد لقيم التعاون والتضامن والتراحم فاعليتها، بإمكاننا أن نقدّم مفهوماً جديداً للإنسانية، يتجاوز المبدأ المحايد لحقوق الإنسان، ويرتقي بها، ليربطها بقيم الفضيلة، قيم المحبة والأخوة والرحمة والإيثار والتضامن.
ولفت إلى أنّ ميثاق "حلف الفضول الجديد" الذي أصدرته العائلة الإبراهيمية السنة الماضية في أبوظبي، يمكن أن يشكّل مرجعية قوية لهذه الانطلاقة الجديدة، فهو ليس مجرّد مبادئ نظرية، لا فاعلية لها، وإنما يمكن ترجمته وبلورته في منهج عملي وبرنامج تطبيقي، يتنزّل في المدارس تعليما للناس، وفي المعابد تعاليم للمؤمنين، وفي ساحات الصراع وميادين النزاع، طمأنينة تحل في النفوس وأَمَلا يَعْمُر القلوب.
وتمنى الشيخ ابن بيه في ختام كلمته "أن تلبي جهودنا المشتركة حاجتنا للتفاهم والتحاور والبحث عن المشتركات، وأن تكون بمثابة الدعوة العامة؛ لجميع أصحاب النيات الطيبة أن يتحدوا من أجل المحافظة على شعلة الأمل في مستقبل أفضل للعائلة الإنسانية الكبرى".
aXA6IDMuMjEuMjQ2LjUzIA==
جزيرة ام اند امز