سياسة
عبد الله بن زايد أمام الأمم المتحدة: إيران ما زالت تقوض أمن المنطقة
الشيخ عبد الله بن زايد يؤكد خلال كلمته بالأمم المتحدة أن ما يشهده العالم حالياً ليس إلا إدارة للأزمات وليس العمل على حلها.
أكدت دولة الإمارات العربية المتحدة أن المنطقة والعديد من دول العالم تواجه العديد من الأزمات والصراعات انفجرت منذ عام 2011، مشيرة إلى أن عدداً من الدول العربية انزلقت نحو التقاتل الداخلي مثل اليمن وليبيا والعراق وسوريا والصومال، فيما تستمر محنة الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي دون أن يبدو في الأُفق أي بادرة لحل عادل يُعيد للشعب الفلسطيني حقوقه السليبة في إنشاء دولته على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وقال الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، في كلمة أمام الدورة الـ71 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الليلة: إنه "لا يمكن أن تشغلنا أزمات المنطقة عن قضيتنا الوطنية الرئيسية المتمثلة في سيادة دولة الإمارات على جُزرها الثلاث: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، والتي احتلتها إيران بالمخالفة لأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، داعياً إيران لإعادة الحقوق إلى أصحابها إما طواعية وإما باللجوء إلى الوسائل السلمية لحل النزاعات الدولية وعلى رأسها اللجوء إلى القضاء أو التحكيم الدوليين".
وذكر أنه "على الرغم من التوصل إلى ما يعرف بالاتفاق النووي بين طهران ودول (5+1)، وعلى الرغم من ترحيب دول المنطقة بذلك الاتفاق، وخلافاً لكل التوقعات المتفائلة بتغيير إيران لنهجها العدائي، سرعان ما اصطدمت هذه القراءة بواقع استمرار طهران في تقويض أمن المنطقة عبر الخطاب الملتهب والتدخل الفج وإنتاج وتسليح المليشيات، ناهيكم عن تطوير برنامجها الصاروخي، وعن تصنيفها المقلق كدولة راعية للإرهاب، وهذه كلها سياسات رفضت طهران أن تتخلى عنها. وغني عن البيان أن بقاء السلوك الإيراني على حاله يؤكد طرحنا بأن الاستقرار في المنطقة مفتاحه التصدي للأزمات وحلها لا الاكتفاء بمحاولة إدارتها".
وأضاف الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان أن السنوات القليلة الماضية أثبتت عُقم الاكتفاء بإدارة هذه الأزمات لذلك فإن جهودنا المشتركة وجهود المجتمع الدولي يجب أن تنصب على إيجاد الحلول الأساسية لهذه الصراعات معتبراً أنه على الرغم من خطورة الأزمات التي نواجهها جميعاً إلا أن إيجاد الحلول ليس بالأمر العسير إذا توافر حُسن النوايا والإرادة السياسية لدى المجتمع الدولي ولدى الأطراف القادرة على حلها.
وأوضح الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان أن دولة الإمارات تُرحب بما اتفقت عليه الأطراف المعنية في ليبيا في اتفاق الصخيرات، وَتكوين حكومة الوفاق الوطني ونأمل أن يتحقق الالتزام بالبناء الدستوري وأن يترسخ التعاون بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب، واللذين يُمثلان الشرعية في ليبيا، وأن يتحقق الاصطفاف الوطني بما يحفظ وحدة تراب ليبيا وتلاحم شعبها.
وحول الأزمة السورية، قال سموه إن دولة الإمارات لا ترى أي احتمال لحل الأزمة عن طريق القوة العسكرية، التي لا ينتج عنها إلا زيادة معاناة الشعب السوري الشقيق، وتدفق اللاجئين على الدول الأخرى. ومما يزيد من تعقيدات المشهد تدخل إيران ومليشياتها الإرهابية في الشأن السوري، كل ذلك من شأنه الحد من وضوح الرؤية والابتعاد عن المسار القائم على المرجعيات والقرارات الدولية باعتباره سبيل الخلاص من هذه المأسآة المروّعة.
وبين أنه ومع صعوبة ما تجتازه منطقتنا من أزمات ذكرت بعضها، إلا أن الآمال ما زالت منعقدة على تجاوزها. وتشهد على ذلك بعض الحلول التي اعتمدتها الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية الشقيقة في المنطقة التي تبعث على التفاؤل من تجربتها الوطنية، ونأمل أن تمتد آثارها الإيجابية إلى غيرها من دول المنطقة.
وشدد الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان على أن الإمارات إذ تجعل من البناء السليم للإنسان وسيلة وغاية، سياسةً وتشريعاً، فإنها تؤمن بأن الإطار اللازم لتحقيق هذا الهدف يتمثل في الحفاظ على الدولة الوطنية وتحصينها من عوامل التطرف والطائفية وحماية مؤسساتها وتأمين الاستقرار فيها مؤكداً على إيمان دولة الإمارات بدور الأمم المتحدة وأجهزتها وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.. إيماناً لا يتزعزع، ونحن نتوقع منها دوراً فاعلاً وحيوياً في مواجهة الصراعات وحلها وتعزيز حصانة الدول الوطنية في إطار احترام سيادتها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
ولفت سموه إلى أنه ولتمكين مجلس الأمن من القيام بدوره، يتعين على أعضائه العمل سوياً لما فيه مصلحة وخير المنطقة ودول العالم، مضيفاً أن الواقع هو القوى الفاعلة في الأزمات التي تضرب منطقتنا، سواءً كانت أطرافاً إقليمية أم دولية اكتفت بإدارة الأزمات دون اقتحامها ووضع الحلول لها وكان من نتائج ذلك تفاقم خطورتها وازدياد تعقيداتها على نحو جعل من العسير حلها إلا بجهود مضاعفة وبتكلفة مادية وبشرية باهظة.