الحلول الدبلوماسية لم تعد مطروحة مع استمرار النظام الإيراني في سلوكياته العدوانية واستغباء العالم
صمت المجتمع الدولي والاكتفاء فقط بالتنديد والاستنكار وعدم اتخاذ موقف دولي رادع وحازم لمواجهة الأعمال الإرهابية المتكررة للنظام الإيراني وأذرعه في المنطقة أسهم في تماديه وعودته مجدداً بالسيناريو نفسه ولكن أكثر جرماً، حين استهدفت طائرات مسيرة معامل النفط في مدينة بقيق شرق السعودية، وقد تبنت مليشيات الحوثي الإيرانية الهجوم ولم تتردد كما فعلت سابقاً عندما هاجمت أنابيب النفط شمال الرياض. رغم أن هناك أنباء تؤكد أن الهجوم كان بطائرات مسيرة أطلقت من جنوب العراق، وسواء كانت من اليمن أو العراق فمن المؤكد أن إيران تقف خلف هذا العمل الإرهابي فأذرعها في المنطقة لا تقدم على أي عمل إرهابي إلا بإيعاز منها.
لا داعي لسرد كل الوقائع والسلوك العدواني لنظام إيران خلال الأشهر الماضية فقد أصبحت مملة من كثرة تكرارها بأدلتها الدامغة وبراهينها، ولكن يجب أن نتوقف طويلاً عند الهجوم الإيراني على معمل بقيق أكبر مرفق لمعالجة النفط وأكبر معمل لتركيز النفط الخام في العالم الذي ينتج نحو 5.7 مليون برميل نفط، أي ما يقارب 5 في المائة من إنتاج النفط الخام العالمي يومياً. عندما تستهدف إيران ومليشياتها أهم مصادر الطاقة في العالم فليست السعودية وحدها هي المعنية بهذه الهجمات وإنما كل دول العالم، ولو استمرت إيران في هجماتها الإرهابية هذه لأصبحت أوروبا والولايات المتحدة وآسيا تحت وطأة أسعار نفط تصل إلى 200 دولار، فهل تتحمل هذه الكارثة!
لم تعد الحلول الدبلوماسية مطروحة مع استمرار النظام الإيراني في سلوكياته العدوانية واستغباء العالم، وليس أمام العالم الآن إلا الحل العسكري الذي لم يكن يرغب فيه أحد، ولكن "آخر العلاج الكي". ليس شرطاً أن تكون حرباً كاملة إنما هو حل عسكري بصورة أو أخرى يوقف السلوكيات الإيرانية العدوانية.
كانت أوروبا تعقد الآمال على الوساطة الفرنسية لحل الأزمة الإيرانية وظن المراقبون أن هناك بوادر لانفراج الأزمة وأن قمة أمريكية إيرانية قد تنعقد على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة. ولكن هجوم بقيق الأخير يؤكد أن النظام الإيراني يسعى لاتجاه الأمور إلى الأسوأ وإدخال المنطقة إلى حرب يكون هو طرفها ومقرها ومستقرها. وقبل ذلك كانت طهران قد أعلنت رفع نسبة تخصيب اليورانيوم في تحدٍّ آخر للمجتمع الدولي.
لم يعد مقبولاً أن نسمع من المجتمع الدولي عبارات التهديد والتنديد فقط ما لم تقترن بأفعال لمواجهة عربدة إيران وتهديدها لأمن الطاقة العالمي الذي هو تهديد للاقتصاد العالمي وليس للرياض فقط. عندما يقفز سعر النفط إلى 200 دولار، بالتأكيد لن نسمع من دول أوروبا إطلاق بيانات عن بعد بضرورة ضبط النفس. ترامب أعلن أن القوات الأمريكية رهن الإشارة السعودية، وذلك يؤكد أن الولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة، وعلى رأسها السعودية، ستواجهان إيران بشكل مباشر وتقفان ضد أفعالها، ومؤكد أن معظم دول العالم بما فيها أوروبا لن تقف موقف المتفرج وهم يشاهدون مزيداً من استفزازات طهران من خلال تهديد أهم مصادر الطاقة العالمية وتعطيل إمدادات النفط.
لم تعد الحلول الدبلوماسية مطروحة مع استمرار النظام الإيراني في سلوكياته العدوانية واستغباء العالم، وليس أمام العالم الآن إلا الحل العسكري الذي لم يكن يرغب فيه أحد، ولكن "آخر العلاج الكي". ليس شرطاً أن تكون حرباً كاملة إنما هو حل عسكري بصورة أو أخرى يوقف السلوكيات الإيرانية العدوانية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة