تتطور الأوضاع في المنطقة الشرق أفريقية من وقت إلى آخر، في ظل الأحداث التي فرضت نفسها من خلال التحركات الدولية والإقليمية في المنطقة، ناشرة أفكارا وولاءات جديدة على الأنظمة والدول في هذه المناطق الأفريقية.
تلك التطورات باتت أكبر التحديات للاتحاد الأفريقي، المؤسسة القارية الوحيدة التي تهتم بشؤون الأفارقة، والتي باتت أجندتها مثقلة بالعديد من الملفات مثل الهجرة والجفاف والتغذية وتغير المناخ وفرص العمل والتنمية.. إلخ.
أوضاع ولدت أفكارا متعددة، وأدت إلى إنشاء كيانات ومنظمات إقليمية في كل منطقة جغرافية أخرى تكون الذراع اليمنى لتلك المنظمة "الاتحاد الأفريقي"، وتعمل على تقديم خدمات لمناطق جغرافية محددة.
أبرز تلك الكيانات: الإيغاد والأكياس والساداك، وأغلبها منظمات إقليمية تهتم بأنشطة المناطق الجغرافية في أفريقيا.
إن الهيئة الحكومية للتنمية والتي تعرف اختصارا بـ"إيغاد" هي منظمة شبه إقليمية في شرق أفريقيا مقرها دولة جيبوتي، تأسست في عام 1996، وأعضاؤها من دول: جيبوتي، وإثيوبيا، والسودان، والصومال، وكينيا، وأريتريا، وأوغندا ، وجنوب السودان.
وهذه الدول تعد أكثر دول المنطقة التي تواجه تحديات، سياسية واقتصادية وسكانية، تتداخل فيما بينها في العديد من العناصر، التي كان من المفترض أن تساعدها في تكوين اتحادات وكيانات مشتركة للعمل معا، لكن على الرغم من ذلك ظلت الأكثر تطورا وسخونة من وقت لآخر.
النظرة العامة لـ"الإيغاد"، تمثلت في كونها منظمة لم تقدم أي تحركات في كافة الأحداث التي شهدتها المنطقة، بل إنها تنتطر مكتوفة الأيدي، الدعم الخارجي، وعاجزة أمام التحديات التي في مجملها صراعات ونزاعات وخلافات بين الدول الأعضاء.
لكن مع مرور الوقت، كانت هناك تحديات أجبرت قياداتها للولوج بقوة للعب دور في ملف الخلاف السوداني-الإثيوبي فيما يخص الصراع حول الفشقة السودانية، وتحركاتها في ملف الحرب في إقليم تيغراي شمال إثيوبيا، بالإضافة إلى دعوة الأطراف المتصارعة في جنوب السودان للجلوس للحوار، والتحركات التي أعقبت الحرب السودانية بين الحكومة الإثيوبية وقوات الدعم السريع.
إن تحركات "الإيغاد" من وقت لآخر جعلها تكون لها السبق في تعيين لجان وآليات لفض النزاع في المنطقة الشرق أفريقية، وإرسال وفود تتكون من رؤساء دول مرتبطين بملفات مباشرة في دول الجوار.
يأتي ذلك إضافة إلى أن قلة عدد عضويتها من الدول جعل أدوارها قوية وسريعة، وخير دليل على ذلك، الآلية الرباعية التي تشكلت مؤخرا فيما يخص دعوة طرفي الصراع السوداني والتي تعد الأسرع والأكثر فعالية من الأوقات السابقة، لعلاقة الدول الأربعة التي يشارك رؤساؤها في الحراك بالمكونات السودانية وجوار السودان.
استطاعت "الإيغاد" في فترة وجيزة النهوض من السبات العميق، وإثبات نظرية حل الخلاف الأفريقي في البيت الأفريقي، عبر الإسراع في التحركات في أي نزاع يخص دول المنطقة وفرض قرارات أو آليات للحلول الداخلية.
الشيء الذي ساعد في تحركاتها السريعة هو دعم الاتحاد الأفريقي لجهودها ومبادراتها، إيمانا منه بجهودها الإقليمية من وقت لآخر، باعتباره إحدى الأذرع الفاعلة للأفارقة في المنطقة.
إن المنظمات الإقليمية الأخرى لها حراك يضاهي حراك "الإيغاد" في مناطقها الجغرافية، وبعضها لعب أدوارا كبيرة مثل "الإيكواس"، الشيء الذي قد يساعد مستقبلا في تصدي الأفارقة للتدخلات الخارجية، في ظل تكاتف المنظمات الإقليمية مع الاتحاد الأفريقي لخدمة إنسان القارة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة