الذكاء الاصطناعي يقتحم عالم التنبؤ بالأرصاد الجوية.. توقعات شاملة

التنبؤ بالطقس على وشك أن يشهد تحولا هائلا، مدفوعا بالتقدم المستمر للابتكار التكنولوجي.

وتعمل تقنيات الذكاء الاصطناعي الناشئة على إحداث ثورة في كيفية توقع أنماط الطقس، وتقديم تحليل أكثر دقة وفي الوقت الفعلي من أي وقت مضى.

وتوجد نماذج مثل "GenCast" التي سيتم استخدامها كأداة إضافية في صندوق أدوات المتنبئين الجويين عند التنبؤ بالطقس اليومي، بما في ذلك الأحداث المتطرفة.

كما أعلنت غوغل الشهر الماضي عن تقدم كبير لتحسين دقة التنبؤات الجوية، مع تطوير علماء Google DeepMind نموذجا للتنبؤ بالطقس يتفوق إلى حد كبير على أكثر أنظمة النمذجة دقة في العالم.

ويوفر النموذج الجديد -لأول مرة- طريقة تعتمد على التعلم الآلي لإجراء التنبؤات القائمة على الأساليب الجماعية (ensemble-based forecasting)، حيث يتم تشغيل نفس النموذج مع العديد من الشروط الأولية المختلفة لتوليد تقديرات تعتمد على الاحتمالات.

النماذج السابقة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي كانت تنتج فقط تقديرا ثابتا (المعروف أيضا بالنموذج الحتمي)، بدلاً من تقديم مجموعة من الاحتمالات والنتائج المتنوعة.

• منظمة الأرصاد الجوية العالمية تفجر مفاجأة حول درجة حرارة الأرض

تحليل الخوارزميات

وعلى النقيض من النماذج التقليدية التي تعتمد بشكل كبير على التفسير البشري يستخدم الذكاء الاصطناعي خوارزميات قوية قادرة على معالجة كميات هائلة من البيانات الضخمة في ثوانٍ معدودة.

وتنفيذ هذه الأنظمة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي يعني أن التنبؤات الجوية يمكن أن تصبح دقيقة بشكل متزايد من خلال تحليل الأنماط من آلاف نقاط البيانات المكتسبة من الأقمار الاصطناعية والرادارات.

وقدرة الذكاء الاصطناعي على التعلم من البيانات التاريخية والجديدة يمكن أن تساعد في نهاية المطاف في كشف الديناميكيات المعقدة لأنظمة المناخ، مما يؤدي إلى طرق أكثر استدامة للعيش. 

ويضمن التكامل في الوقت الفعلي مع الأجهزة التي تدعمها الإنترنت أن يتمكن الأفراد في جميع أنحاء العالم من الوصول إلى المعلومات المهمة، مما يعزز مجتمعا عالميا أكثر اطلاعا واستجابة.

حلول متعددة

ويحمل هذا الاختراق القدرة على تحسين استراتيجيات إدارة الكوارث والتخطيط الزراعي حتى الأنشطة اليومية بشكل كبير، حيث سيمكن فهم التطرف المناخي وتوقعه بشكل أفضل.

ويوفر الذكاء الاصطناعي تنبؤات أكثر دقة وفي الوقت المناسب للأحداث الجوية المتطرفة مثل الأعاصير والفيضانات أو موجات الحر، وتمكن هذه التقنيات من الاستعداد والاستجابة الأكثر فاعلية، ومن شأن ذلك كله المساعدة على إنقاذ الأرواح من خلال تعظيم وقت الاستجابة أثناء الكوارث الطبيعية.

وتعني الدقة المحسنة أن المجتمعات يمكن أن تكون أكثر استعدادا للتعامل مع الظروف المعاكسة، وتقليل الخسائر في الأرواح والإصابات.

وإمكانية الوصول إلى بيانات الطقس في الوقت الفعلي يمكن الأفراد والحكومات على حد سواء، مما يتيح اتخاذ قرارات مستنيرة تعزز المرونة المجتمعية في مواجهة التطرف المناخي.

وبعيدا عن الاستجابة للطوارئ فإن التنبؤات الجوية المحسنة تدعم مجالات مثل الزراعة، حيث يمكن للمزارعين تحسين جداول الزراعة وإدارة المحاصيل للتخفيف من آثار تقلبات المناخ.

ومن ناحية أخرى فإن دمج الذكاء الاصطناعي مع الأجهزة التي تعمل بالإنترنت يسمح أيضا بتحديثات وتنبيهات مبسطة، مما يجعل أحدث ما توصل إليه علم الأرصاد الجوية في متناول أيدينا.

النمو الاقتصادي 

ومن الناحية الاقتصادية تعد التنبؤات الجوية الدقيقة نعمة للعديد من القطاعات، فالزراعة والنقل والتأمين ليست سوى عدد قليل من الصناعات التي قد تستفيد من الأفكار التي يوفرها الذكاء الاصطناعي.

والتنبؤات الأكثر دقة تساعد المزارعين على زيادة الغلة والكفاءة، والحد من النفايات، وإدارة الموارد بشكل أفضل، وهو أمر حيوي للحفاظ على الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي. 

وبالنسبة لقطاع النقل فإن معرفة الظروف الجوية مسبقا تساعد في تعديل المسارات وتقليل التأخير، مما يؤدي إلى زيادة السلامة، كما يمكن لصناعة التأمين تقييم المخاطر بشكل أفضل وتعديل نماذج التغطية، مما قد يقلل التكاليف ويزيد الربحية.

وبالنظر إلى المستقبل فإن اندماج الذكاء الاصطناعي مع علم الأرصاد الجوية لا يعني قفزة إلى الأمام في التكنولوجيا فحسب، بل يجسد أيضًا خطوة حاسمة نحو مجتمع بشري أكثر قدرة على التكيف والمرونة.

فالتمكين الذي يوفره، من الاستعداد للكوارث إلى التحسين الاقتصادي، يمثل لحظة محورية في سعينا إلى التعايش مع تحديات الطبيعة، وضمان تجهيز الأجيال القادمة بشكل أفضل للازدهار في عالم متغير.

ومع ذلك فالتنبؤ بالطقس باستخدام الذكاء الاصطناعي على وشك أن يتم دمجه بشكل أكبر في وكالات الطقس والمناخ الحكومية إلى جانب الشركات الخاصة، أي أنه لن يحل هذا النموذج محل المتنبئين البشريين أو يلغي الحاجة إلى الأشخاص ذوي الخبرة العلمية.

ونقل موقع أكسيوس عن عالم الأرصاد الجوية في جامعة أوكلاهوما آرون هيل أن المتنبئين البشريين لديهم قدرات "لا مثيل لها" في "تحليل مخرجات نماذج التنبؤ بالطقس المعقدة والملاحظات".