أخطر جرائم الحوثي في اليمن.. وأد الطموح
في يوليو/تموز 2020 افتتحت رائدة الأعمال اليمنية منال قائد "تهامة كافيه" بالحديدة كأحد أبرز المشاريع الصغيرة التي ولدت من رحم حرب الحوثي.
ورغم الإقبال الكبير على المقهى الذي توسع لتقديم الوجبات الخفيفة والآيس كريم وحلويات المناسبات فإنه أغلق أبوابه بعد 18 شهرا من ولادته إثر الجبايات الفادحة التي فرضتها مليشيات الحوثي بهدف تمويل حربها المدمرة.
رصيف البطالة
وجدت قائد التي كانت ناشطة حقوقية بارزة في الحديدة نفسها على رصيف البطالة فلجأت لبيع كل ما تملك لتشيد مشروعها الخاص كمصدر دخل لها ولأسرتها لكن "وحش الحرب" الحوثية كأن أكبر منها من عشرات رواد الأعمال أمثالها.
وإشارة للجبايات الحوثية الجديدة، كتبت قائد على حساب المقهى في "فيسبوك" تصفحته "العين الإخبارية"، " بسبب ضغوط خارجة عن ارادتنا إثر أزمة الغاز والكهرباء وأخير الضرائب.. نعلن التوقف ومن يجد بنفسه الرغبة عن استلام المحل لا يتردد".
وتعد قائد واحدة من عشرات رواد الأعمال الذين عطلت حرب الحوثي وظائفهم فابتكروا المشاريع الصغيرة الخاصة كمصدر دخل رئيس لكن المليشيات الانقلابية واصلت مطارتهم عبر الجبايات والإتاوات المالية غير القانونية والتي لمئات آلاف الريالات.
ومع مطلع العام الجاري توسعت مليشيات الحوثي بشكل مخيف في فرض الجبايات والضرائب على المحلات والشركات التجارية، لتشمل المشاريع الصغيرة في محافظة الحديدة التي تضم ميناء حيوي يعد شريان لملايين اليمنيين.
استدعاء تحت تهديد السلاح
وطالت الجبايات الحوثية التي تم تحديدها تحت قوة السلاح وبطريقة عشوائية لا تستند إلى حجم المشروع أو أرباحه المالية، الأعمال الصغيرة التي كانت تدر أرباحا قليلة لمالكيها.
وتنوعت المشاريع المشمولة بجبايات مليشيات الحوثي، وفق رواد أعمال لـ"العين الإخبارية"، البسطات الصغيرة للملابس في الشوارع العامة، وبائعي المأكولات على عربات تدفع باليد وتأجير خيم الأعراس، وبائعي الآيسكريم المتجولين والعديد من الأعمال الصغيرة الأخرى.
طبقا للمصادر فأن مليشيات الحوثي، استدعت قبل أسابيع تحت التهديدات بقوة السلاح عددا من ملاك هذه المشاريع والعاملين في هذه المهن، واجبرتهم على دفع مبالغ مالية تحت ما اسمته "ضرائب" جديدة وهي جبايات لتمويل محارق حربها المستعرة منذ 7 أعوام.
وتزامن الاستدعاء مع ركود كبير تشهده الأعمال التجارية، لا سيما الأصغر منها، في ظل تراجع حاد في الطلب نظرا للوضع الاقتصادي الصعب للسكان الذي اصبحوا يكتفون بشراء القوت الضروري لأسرهم.
وتتعدد الجبايات المالية لمليشيات الحوثي، ما بين الرسوم الجمركية التي تفرضها في المنافذ المستحدثة، فضلا عن الضرائب والرسوم الغير قانونية المباشرة على المحال أو التبرعات الخاصة بالاحتفالات والفعاليات الطائفية والسياسية وتبرعات ما يسمى المجهود الحربي.
وتعد تلك الجبايات الغير قانونية ملزمة لرجال الأعمال ويقوم المكلفين في تحصيلها من قبل مليشيات الحوثي، بتحديد المبالغ دون أن يجرؤ التجار على الاعتراض عليها، أو طلب تخفيضها أو تأجيلها.
ضياع رأس المال
وتسببت تلك الجبايات الحوثية بالقضاء على عشرات الأعمال التجارية خلال السنوات الماضية، لا سيما الأصغر منها، وأغلقها ملاكها لعدم قدرتهم على تحمل تلك الأموال غير القانونية والإتاوات التي لا تنتهي.
ويقول مصدر خاص لـ "العين الإخبارية" إن العشرات من ملاك تلك المشاريع توقفوا عن العمل بعد ضياع راس مالهم، فضلا عن إغلاق بعض المشاريع والكافيهات والخيم الكبيرة الخاصة بتأجير الأعراس.
ويعيش غالبية سكان الحديدة أوقاتا صعبة جراء الوضع الذي أوجدته مليشيات الحوثي، وأن ذلك كان له تداعيات سيئة على الحركة التجارية في المدينة المطلة على البحر الأحمر.
ويرى أن الإجراء الحوثي سيقضي على تلك المشاريع لأنها تحملها فوق قدرتها بما يتجاوز أضعاف الأرباح السنوية.
ويقول إن الحركة التجارية بدأت تشهد نمطا جديدا من فرض الجبايات تستهدف مشاريع تعد من المشاريع الخاصة بذوي الدخل المحدود، في الوقت الذي يحاول ملاكها تأمين قدرا بسيطا من المدخولات لعائلاتهم لمجابهة أعباء الحياة.
ويؤكد المصدر عدم اكتراث مليشيات الحوثي بالقضاء على تلك الأعمال، بقدر ما يهمها جلب الأموال على حساب مستقبل ملاكها، وحياتهم.
ويشير إلى أن أكثر ما يقلق الناس حاليا هو مدى استمرار هذا الوضع الذي ضاق بهم ذرعا، ويتساءلون إلى متى يمكن أن يستمر.