ميزان القوة في العراق.. كفة الصدر ترجح "مسار التغيير"
ما زال المشهد السياسي العراقي المأزوم يعيش حالة من التعقيد مع غياب الحلول وإمكانية إيجاد المخرجات الكفيلة بإنهاء الاحتقان من الشارع المدجج بالمتظاهرين، الذين يرفعون شعار التغير الجذري للنظام وإزاحة فاسدي السلطة.
ووصل الاحتدام ذروته، أمس الإثنين، حيث عاشت البلاد والعباد حالات إنذار وقلق وترقب عشية نزول أنصار قوى الإطار التنسيقي (القوى المقربة من إيران) عند أسوار المنطقة الرئاسية رداً على المظاهرات التي تتحرك من قبل جمهور التيار الصدري.
ومع أن الإطار التنسيقي حاول استعراض جماهيره أمام تيار الصدر وأنصاره الذي يعتصمون عند مبنى البرلمان العراقي، إلا أن الخطوة انتهت بالفشل وانكشف "الثقل" الحقيقي لكلا المعسكرين، بحسب المحلل السياسي إحسان عبدالله.
وقال عبدالله في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "قوى الإطار دون أن تستشعر كشفت عن حجمها ومدى قدرتها على المواجهة والصمود أمام الصدر الغاضب وأنصاره المستاءين مما وصل إليه العراق ما بعد نحو عقدين من التغيير".
لذا فإن مسار الصدر وانتهاءً من إعلان الإطار سحب جمهوره من الشارع وإنهاء مظاهرتهم أمس، بات أمام طريق أوضح وممر أكثر وصولاً لتحقيق المطالب التي ينشدها منذ سنوات، بحسب عبدالله.
وتابع بالقول: "قد تتعطل الجماهير المعتصمة عند المنطقة الخضراء عن تحقيق أهدافها وأمانيها بتطهير النظام السياسي من المحاصصة والتوافق، إلا أن ذلك لن يطول وسيدفع برسم استراتيجيات ضاغطة على صناع القرار بموجبها تأتي مسارات التصحيح في البناء المؤسساتي".
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قد دعا بعد يومين من اقتحام أنصاره للمنطقة الرئاسية والاعتصام في المجلس النيابي، العراقيين إلى مساندة المحتجين واغتنام الفرصة التي وصفها بأنها "لن تتغير".
وجاء في مضامين ما عرف بـ"بيان رقم واحد"، إزاحة الفاسدين وتغيير في كتابة الدستور، متبعاً بالقول: "إما أن يكون العراق شامخا بين الأمم أو أن يكون تابعا يتحكم فيه الفاسدون وتحركه أيادٍ خارجية"، في إشارة إلى إيران.
ولم تنجح أطراف التهدئة ودعاة تغليب الحوار بين المعسكرين الشيعي- الشيعي، من إقناع الصدر بالعدول عن مطالب إزاحة خصومه من الإطار والدفع بهم خارج المعادلة السياسية المؤثرة.
وليل أمس، جدد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي من التنبيه بخطورة المرحلة وتداعياتها "الوخيمة"، على العراق إذا ما لم يتدخل "العقلاء"، لنزع فتيل الأزمة، فيما تقدم بمبادرة حلحلة تجمع أطراف العملية السياسية على طاولة حوار.
ولاقت تلك الخطوة ترحيباً من قبل العديد من القوى السياسية وأصداءً طيبة في الخارج الدولي، حيث أثنى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على مبادرة الكاظمي.
وحول إمكانية أن يجتمع الصدر مع الخصوم وفرصة إيجاد لحل مرتقب، قال الباحث السياسي العراقي نبيل جبار العلي إن "الأزمة الراهنة متأتية من خلاف واختلاف في طريقة التفكير بالسلطة وأساسيات تداول الخلاف فضلاً عن غياب مفاهيم تتعلق بتقديم التنازلات من أجل تمرير القافلة بأمان".
ووفي حديث لـ"العين الإخبارية"، أضاف علي أنه "وفقاً لتلك المعطيات من الصعب إيجاد نقاط التقاء قريبة- وعلى المستوى الآني- في إسدال الخلافات وكتابة الحلول للأزمة الدائرة".
وتوقع أن "تفشل كل جهود التهدئة الحالية بصورة مبكرة، وذلك لأسباب تتعلق بأبعاد الأزمة السياسية المتعددة، التي ترتبط بالنظام الدستوري وفهم اللاعبين لذلك النظام وتقدير ظروف تطبيقه أو إمكانات تعديله أو حتى مرتبط ببعد آخر يتعلق بسلوك تلك القوى السياسية متضاربة المصالح".
ويعزز ذلك الرأي، رد القيادي في التيار الصدري جابر الخفاجي، على مبادرة رئيس الوزراء، الذي ألمح إلى صعوبة تحقيق ذلك الأمر .
وأوضح الخفاجي، في بيان، حصلت "العين الإخبارية"، على نسخة منه، إنه "لا نقبل بأي حلول ترقيعية ولا جلوس على طاولة مستديرة، ولابدّ من تغيير جذري".
وعلل الخفاجي المقرب من زعيم التيار الصدري تلميحه إلى رفض مبادرة الكاظمي قائلا، إن "الشعب أصبح لا يتحمل ولا يتقبل وجود السرّاق، وقد سئمَ العيش مع التبعية والعملاء، وهو ينظر أمام عينه بلده يُسرق، وتتحكم به دول الجوار".
aXA6IDMuMTM2LjIzNi4xNzgg جزيرة ام اند امز