سكان حلب يفرون إلى قوات الأسد
مئات من سكان الأحياء الشرقية في مدينة حلب تمكنوا من الفرار إلى مناطق تحت سيطرة قوات النظام السوري.
تمكن مئات من سكان الأحياء الشرقية في مدينة حلب من الفرار إلى مناطق تحت سيطرة قوات النظام السوري ليل السبت الأحد، تزامنا مع تلقي الفصائل المعارضة ضربة موجعة بخسارتها أكبر الأحياء تحت سيطرتها.
واستعادت قوات النظام السبت السيطرة على حي مساكن هنانو الاستراتيجي في شرق حلب، وتمكنت الأحد من التقدم باتجاه احياء مجاورة له، ما من شأنه ان يشكل تحولا في مسار الحرب داخل المدينة التي تشكل مسرحا لمعارك بين الطرفين منذ صيف 2012.
وافاد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن وكالة فرانس برس بان "أكثر من 500 مدني من سكان حيي الحيدرية والشعار في شرق حلب، توجهوا ليلا الى مساكن هنانو" مستغلين "تقدم قوات النظام داخل هذا الحي".
وبحسب المرصد، "نقلت قوات النظام الفارين ليلا إلى مناطق سيطرتها شمال مدينة حلب وتحديدا الشيخ نجار، قبل أن يصل قسم منهم صباح الأحد إلى الأحياء الغربية في المدينة".
وهي المرة الأولى، بحسب المرصد، ينزح هذا العدد من السكان من شرق حلب منذ العام 2012، حين انقسمت المدينة بين أحياء شرقية تحت سيطرة الفصائل وغربية تحت سيطرة قوات النظام.
وبث التلفزيون السوري الرسمي مشاهد فيديو تظهر عشرات المدنيين معظمهم من النساء والأطفال لدى وصولهم إلى مساكن هنانو حيث كانت حافلات خضراء بانتظارهم لنقلهم.
وتظهر في أحد المشاهد امرأة تجر عربة طفل وقربها ثلاثة أطفال فيما يحمل نساء ورجال حقائب وأكياس سوداء، ويمكن سماع دوي الاشتباكات من منطقة مجاورة.
واستأنفت قوات النظام في 15 تشرين الثاني/نوفمبر حملة عسكرية عنيفة ضد الأحياء الشرقية، تخللها هجوم ميداني على أكثر من جبهة وغارات كثيفة على مناطق الاشتباك والاحياء السكنية.
وتتهم قوات النظام الفصائل المعارضة بمنع المدنيين من الخروج من الأحياء الشرقية لاستخدامهم كـ"دروع بشرية".
ويعيش أكثر من 250 ألف شخص محاصرين في الأحياء الشرقية. وكانت آخر قافلة مساعدات دخلت شرق المدينة في تموز/يوليو. وحذر الموفد الدولي الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا الأحد الماضي في دمشق من "كارثة انسانية" في شرق حلب مع استمرار التصعيد العسكري.
-اعتبر ياسر اليوسف، عضو المكتب السياسي لحركة نور الدين زنكي، أحد ابرز الفصائل المقاتلة في حلب، في تصريحات لفرانس برس، أن نزوح المدنيين من شرق حلب "أمر طبيعي جداً بعد حملة القصف الجوي والاجتياح البري وتدمير منازلهم وحرمانهم من كل مقومات الحياة في أحيائهم ومناطقهم".
ويأتي خروج المدنيين بعد اسبوع عنيف من المعارك في حي مساكن هنانو، قبل استعادة قوات النظام السيطرة عليه.
ويحظى الحي، وهو أكبر أحياء حلب الشرقية، بأهمية رمزية باعتباره أول حي سيطرت عليه الفصائل المعارضة صيف العام 2012. وتشكل خسارته ضربة موجعة للفصائل المقاتلة والتي تسعى قوات النظام إلى تضييق الخناق عليها.
وتمكنت قوات النظام من التقدم إلى الأحياء المجاورة الأحد والسيطرة على أجزاء من أحياء الصاخور وبعيدين والحيدرية.
وأفاد الإعلام السوري الرسمي بسيطرة الجيش على جبل بدرو جنوب هنانو.
واتهم اليوسف "النظام والروس والإيرانيين بأنهم قرروا إبادة الثورة في ثاني أكبر مدن سوريا عبر اتباع سياسة +الارض المحروقة+ مستفيدين من العجز الدولي الناجم عن التعطيل الأمريكي".
وأضاف "على مرأى ومسمع الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، يتم تطبيق سياسة التجويع أو الركوع من دون أي التزام بمواثيق حفظ السلم والأمن الدولي".
وبعد خسارتها مساكن هنانو، تخوض الفصائل معارك عنيفة للدفاع عن حي الصاخور المجاور الذي بات وفق المرصد "تحت مرمى نيران قوات النظام".
وتعمل الفصائل في حي الصاخور حاليا وفق اليوسف على "تعزيز نقاط الدفاع عن المدينة والأهالي"، لكنه أشار إلى أن "الطيران يدمر كل شيء بشكل منهجي ومربعا تلو آخر" محذرا من أنه "إذا لم يتم حظره، فسيدمر الطيران ما تبقى من مدينة حلب، حيا تلو آخر".
وقال عبد الرحمن إن تقدم قوات النظام إلى الصاخور يمكنها من "فصل الأحياء الشرقية إلى جزئين عبر عزل القسم الشمالي منها عن الجنوبي".
وبحسب المرصد، "تبعد أقرب مواقع قوات النظام على أطراف حي الصاخور من مواقعها في الجهة المقابلة، وتحديدا على أطراف حي سليمان الحلبي، نحو كيلومتر ونصف" كيلومتر.
ويجمع محللون على أن معركة حلب أشبه بـ"معركة تحديد مصير"، ومن شأن نتائجها أن تحسم مسار الحرب المتواصلة منذ أكثر من خمس سنوات والتي أوقعت أكثر من 300 الف قتيل.
وقال مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية بسام أبو عبد الله لفرانس برس ان "العمل العسكري في مساكن هنانو اعتمد على قوات خاصة وكان متقنا إذ بدأ من المنطقة الأقل كثافة سكانية وعلى أكثر من محور، بحيث لم يكن لدى الجماعات المسلحة القدرة على التصدي وساهم بانهيار خطوطها الدفاعية".
واعتبرت صحيفة الوطن السورية القريبة من دمشق، في عددها الاحد، أن سيطرة الجيش على مساكن هنانو "أهم إنجاز في سجل انتصاراته شرقي مدينة حلب.. وتفتح المجال أمام مزيد من التقدم في محيطها وفي عمق مناطق سيطرة المسلحين".
ونقلت عن مصدر ميداني أن "الجيش عازم على استكمال إنجازاته في الأحياء المجاورة لمساكن هنانو بداية ثم تطهير الأحياء الشرقية كاملة".
ومنذ بدء الهجوم قبل 13 يوما، أحصى المرصد مقتل 219 مدنيا بينهم 27 طفلا جراء القصف والغارات على شرق حلب، فيما قتل 27 مدنيا في غرب المدينة جراء قذائف الفصائل.