حرائق الجزائر.. القصة الكاملة لـ"جحيم أغسطس"
أعلنت الحماية المدنية الجزائرية، الجمعة، السيطرة على كلّ الحرائق التي اجتاحت منذ يومين مناطق حرجية وحضرية في شمال شرق البلاد.
وأودت الحرائق المروعة بـ38 شخصا على الأقلّ، لتنطلق بعدها حملة تضامن لمساعدة الأسر المتضررة.
وقال العقيد فاروق عاشور المسؤول في الحماية المدنية الجزائرية: "تمّت السيطرة بالكامل على كلّ الحرائق".
وارتفعت الحصيلة المؤقتة إلى 37 قتيلا، 30 منهم في الطارف على الحدود مع تونس بينهم 11 طفلا و6 نساء، فضلا عن 5 آخرين قضوا في منطقتي سوق أهراس (شرق) و2 في سطيف (شرق). غير أن وسائل إعلام أفادت بوفاة ضحية إضافية، هو رجل في قالمة (الشرق).
وكلّ صيف، يشهد شمال البلد حرائق حرجية، لكن هذه الظاهرة تتفاقم سنة تلو أخرى بفعل التغيّر المناخي الذي يزيد من موجات الجفاف والحرّ.
وكان صيف 2021 الأقصى في تاريخ الجزائر الحديث، فقد قضى أكثر من 90 شخصا في حرائق حرجية اجتاحت شمال البلد آتية على أكثر من 100 ألف هكتار من الأحراج وخصوصا في منطقة القبائل.
وخلال الساعات الـ48 ساعة الماضية، تمت تعبئة أكثر من 1700 عنصر إطفاء لاحتواء حوالي عشرين حريقا حرجيا أسفر عن نحو 200 جريح، من بينهم مصابون بحروق خطرة.
وتحدثت وسائل إعلام عن مفقودين دون أن يتم تأكيد ذلك بشكل رسمي وسيتم القيام بتحاليل الحمض النووي على بعض الجثث التي لم يتم التعرف عليها بعد.
وأعلنت وزارة التضامن الوطني في الجزائر "التكفل النفسي والاجتماعي" بالضحايا.
وقضت النيران على أسر بأكملها ولقي نحو 12 شخصا حتفهم وقد حاصرتهم "النيران" داخل حافلة أمام حديقة حيوانات القالة في منطقة الطارف.
وشاهد فريق من وكالة الأنباء الفرنسية هيكل حافلة وقد أتلفته النيران بالكامل إلى جانب هياكل العديد من السيارات الأخرى، كما التقى مزارعين فقدوا كل شيء من بينهم حمدي الجميدي (40 عاما) الذي لا يزال مصدوما بعد أن نفقت مواشيه.
وقال: "هذا مصدر رزقنا، نحن مزارعون، نربي المواشي كالأبقار والأغنام والدواجن. لا نعرف ماذا سيحل بنا ولا كيف سنحصل رزقنا".
وغير بعيد منه كانت المزارعة غزالة حاضرة حين احترق منزلها ونفق كلبها وقطتها، وقالت: "جاء الناس وطلبوا مني إخلاء المنزل لأن هناك خطرا أن أحترق، ولكن لم أهتم.. أخرجني المنقذون مع بعض الحيوانات".
وتابعت متسائلة: "لا أعرف اين أذهب الآن، هل يجب علينا البقاء في الحقل أو في الغابات أو في الجبال؟".
وتم تنظيم حملات لجمع الثياب والأدوية والغذاء لتقديمها إلى الضحايا، كما انتشرت دعوات تضامنية على مواقع التواصل الاجتماعي لطلب المساعدة وتوجيه التبرعات لمستحقيها.
ووصلت الخميس شاحنات تحمل أطنانا من المساعدات الإنسانية إلى منطقة الطارف آتية من مناطق عديدة مجاورة، بحسب بيان لسلطات المنطقة.
وتضامنا أيضا، تأجلت كل الأحداث الفنية في البلاد إثر المأساة.
وفتحت وزارة العدل تحقيقاً لتحديد ما إذا كانت بعض الحرائق التي اندلعت مفتعلة.
وأعلن مكتب المدعي العام في سوق أهراس، حيث لقيت أسرة بأكملها مصرعها في النيران ودُفن أفرادها الخميس، إلقاء القبض على "أحد المخربين" في غابة بالقرب من هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 500 ألف نسمة. وفرّت أكثر من 350 أسرة من منازلها وتمّ إخلاء مستشفى في منطقة حرجية.
كما أوقفت قوات الدرك 3 رجال بالقرب من الطارف بتهمة إضرام النيران في محاصيل جيرانهم الزراعية. لكنّ السلطات لم توضح ما إذا كانت هذه النيران قد تسبّبت باندلاع الحرائق المروّعة التي شهدتها الولاية خلال اليومين الماضيين.
وأثارت حرائق الأيام الأخيرة انتقادات لاذعة للسلطات بسبب نقص طائرات مكافحة النيران.
كما دعا خبراءٌ إلى بذل جهود أكبر من أجل تعزيز القدرة على مكافحة النيران في أكبر دولة أفريقية تضمّ أكثر من 4 ملايين هكتار من الغابات.
ومنذ بداية أغسطس/آب، اندلع أكثر من 200 حريق في الجزائر أتت على مئات الهكتارات من الغابات والأحراج، وفق تعداد لوكالة الأنباء الفرنسية.