"بوابة العين" مع الناشرة وكاتبة الأطفال المصرية أمل فرح التي وصل كتابها "الخفي" للقائمة القصيرة لجائزة اتصالات 2017
"الكل يعرف أنه موجود،
وأنه غريب،
وأنه عادي،
وأنه…..خفِيٌ".
شقَت الكاتبة المصرية أمل فرح بتلك الكلمات التمهيدية طريقا للتحدث عن عالم "الموت"، تعاملت مع وجهه المُقبض بألعاب سحرية حكائية وتربوية وتعليمية تجيد الكاتبة النفاذ بها إلى عقل الطفل بسلاسة، وكذلك النفاذ إلى القائمة القصيرة لجائزة اتصالات لأدب الطفل 2017.
"اتصالات لكتاب الطفل" تعلن القوائم القصيرة لدورتها الـ9
قبل أيام أعلنت جائزة اتصالات عن قائمتها القصيرة لهذا العام، وكان كتاب "الخفي" للكاتبة أمل فرح ضمن القائمة العربية المرشحة للجائزة هذا العام عن فرع "أفضل نص"، ما أن تتصفح الكتاب حتى تتقافز أمامك تأملات مدهشة عن هذا "الخفي"، الذي يُقنع الوردة الحمراء الفاتنة بالتخلي عن أرضها والرحيل، ويقنع هذه الدجاجة أن رحيلها عن أبنائها يعني تركهم للحياة لتعلمهم وتصقلهم، تصطحبك في جولة مع استكشاف كائنات صغيرة لماهية الموت بكل خفة وتأمل .
الكتاب مُوجه للأطفال فوق التسع سنوات، وكان ترشيحه لجائزة اتصالات هذا العام مدخلا لحوار "بوابة العين" مع مؤلفته أمل فرح في حديث تطرق بطبيعة الحال لأدب الطفل الذي انخرطت فيه أمل منذ عام 1995، أنجزت فيه عناوين مهمة، وحصدت خلال مسيرتها جوائز رفيعة، من بينها جائزة اليونسكو الدولية للتسامح في كتب الأطفال، وجائزة "إيبي" الدولية، وجائزة "اتصالات" في دورة سابقة عن قصتها "أريد أن أكون سلحفاة"، علاوة على ترشيحها كأول كاتبة عربية لجائزة "هانز أندرسون" الدولية، التي من المنتظر الإعلان عن الفائز بها خلال معرض بولونيا لعام 2018.
الموت!
تحدثنا عن استخدامها "الشجاع" لثيمة الموت لجمهور له طبيعة خاصة، وهو جمهور الأطفال، في كتابها الأخير "الخفي"، واعتبرت فرح أن كل المفاهيم بما فيها الموت ليس بها رعب على الإطلاق، بمجرد أن يتم تعريف هذا المفهوم بأسلوب يخاطب العقل.
وقالت "كل المفاهيم الفلسفية والفكرية العميقة قابلة للتناول للأطفال، لأن الطفل إنسان مكتمل النمو، شعوريا وعقليا، يكتمل النمو الجسماني مع الوقت، ونحن نقدم له مكتسبات معرفية حتى يكبر وينضج" وأضافت "المهم أن تكون طريقة تقديمنا للمعلومة تتناسب مع مرحلته العمرية، وحتى تصل الفكرة للأعمق يجب أن يكون تناولها بالطريقة الأبسط دائما، فالشجرة الكبيرة كانت في الأصل بذرة صغيرة، فالله خلق العالم بالتفاصيل الصغيرة لكي نتعلم، لذلك فالتفاصيل البسيطة يمكنها أن تُشكل الطريقة التي يرى به الطفل الدنيا".
تقول فرح إن "الخفي" يتناول مفهوم الموت وطبيعته وواقعيته معنا وغيبيته في الوعي الديني لنا، يحاول تقديم هذا العالم الرحيم والعادل الذي يساوي بين الجميع وهو الانتقال للعالم الآخر.
وتعتبر أن الكتاب ملائم لقاموس الأطفال من 9 سنوات ويمكن كذلك للأطفال الأصغر أن يقرؤوه بطريقتهم، وتلفت" أقول دوما إن الكتابة تكون للطفولة، أي أن يجد فيها كل من يقرأ طفولته صغارا كانوا أم كبارا، والأفكار التي طرحتها في الكتاب تفصيلية هناك 10 أفكار في 20 صفحة".
نوبل لأدب الطفل
وصل الحديث إلى محطة ترشيح أمل فرح لجائزة "هانز كريستيان أندرسن" العالمية لأدب الأطفال، الذي جاء تتويجا لمشوارها فى مجال الكتابة للطفل، هذا الترشيح الذي تقول عنه فرح " محظوظة أن أُرشح لتلك الجائزة، فهي أقيم جائزة في أدب الطفل، توصف بجائزة "نوبل" الممنوحة لأدب الطفل".
تضيف "الجائزة لا تُمنح كتقييم للنصوص، وإنما عن مجمل أعمال الكاتب للطفل، وسعيدة أن أترشح لها من مصر أنا وأستاذي حلمي التوني عن فرع الرسم، الذي أدين له بالكثير فهو من قدمني منذ بدايتي".
دواعش اليوم
تعترض أمل فرح ، التي إلى جانب منجزها الأدبي في الكتابة، عملت بصحافة الأطفال والكتابة لمسرح العرائس والأغاني للأطفال، تعترض على اختزال ثقافة الطفل في أدب الطفل فقط، تقول "هذا غير صحيح، طيوف ثقافة الطفل تشمل المسرح والسينما والعلوم، ليس فقط الأدب".
وأضافت "يجب أن ننتبه جدا لتكوين الأطفال ثقافيا، كنا نتعامل قديما مع عبارة "أطفالنا رجال المستقبل" كإكليشيهات، وفي الحقيقة هي ليست كذلك هي جملة واقعية جدا، فما دواعش الآن إلا أطفال الأمس، وما ملحدو الآن إلا أطفال الأمس، ولا متطرفو الآن إلا أطفال الأمس".
"فلو تم تعلميهم منذ الصغر على تكوين عقلية نقدية لها القدرة على تمييز الجيد والرديء، والقدرة على الاختيار، وإدراك قيمة الوسطية لمرونة الحياة، لما وصلنا لهذا المنحدر، نحن في حاجة لتبني مشروع قومي للطفولة، هويتنا مهددة ولغتنا مهددة"، تقول صاحبة "الغزالة والصياد".
التجربة الإماراتية وثقافة الطفل
في هذا السياق أشادت أمل فرح بتجربة دولة الإمارات في تبني منظومة لثقافة الطفل وقالت إنها "من أذكى الدول التي تعاملت مع ملف ثقافة الطفل، وانتبهت لخطورة الأمر".
عددت فرح المشروعات الإماراتية في هذا الصدد "مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم ومجهودها لدعم مكتبات العالم العربي، ومشروع تحدي القراءة، وكذلك سن قانون لثقافة الطفل، وتسمية عام للقراءة وعام آخر للغة العربية".
كما أشادت بجهود الشيخ سلطان القاسمي، حاكم الشارقة، الذي قالت إنه يمد جسور الثقافة من خلال العديد من المشروعات أبرزها " ثقافة بلا حدود" المباردة التي تقوم بتوزيع الكتب على البيوت، وقالت "نحتاج لحُكام يقومون بتوزيع الكتب على البيوت".
شجرة
أسست أمل فرح مع زوجها الفنان التشكيلي مجدي الكفراوي عام 2015 دار نشر باسم دار "شجرة"، التي قالت إن هدفها الرئيسي كان إنتاج كتب لها هوية عربية، بعيدا عن الملامج الغربية لرسوم ديزني أو رسوم المدرسة الفرنسية، وعلى مستوى النص فهي دار تدعم المبدعين الذين يكتبون نصوصا مدهشة لدعم ثقافة طفل عربي.
وقالت "نؤمن في "شجرة" بأن تنمية مهارات الطفل اللغوية هي أول خطوات التنمية الإنسانية والبشرية، فإدراك اللغة و القدرة على التواصل أول الخيط".
وانتقدت الفصل بين الأدب والعلم في ثقافة الكتب العربية، الذي يجعل الطفل مدفوعا للاختيار بينهما، دون سعي الكُتاب على المزج بينهما بأسلوب شيَق يجعله يحترم النوعين وقادر على قراءة العلوم والكتب المقالية مع تقدمه في العمر وليس فقط الروايات.