سرية تامة وتقنيات فائقة.. ما نعرفه عن برنامج بي-21 الأميركي

يُعد برنامج القاذفة الشبحية بي-21 رايدر واحدًا من أكثر مشاريع الطيران العسكري سرية وتطورًا في التاريخ الحديث للقوات الجوية الأمريكية.
وبحسب مجلة "ناشيونال إنترست"، تشكل المقاتلة الجديدة حجر الزاوية في استراتيجية تحديث القوة الجوية الأمريكية وتعزيز قدراتها القتالية في مواجهة التهديدات العالمية المتزايدة، وهي مصممة لتكون خليفة طائرات القاذفة بي-1 وبي-2، مع تحسينات تقنية هائلة تتيح لها التفوق في بيئات قتالية معقدة ومتطورة.
تتميز بي-21 بتصميم "الجناح الطائر" الذي يقلل من البصمة الرادارية بشكل كبير، ما يجعلها شبه غير مرئية لأنظمة الرادار الحديثة، وهو أمر حيوي في ظل تطور أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ المضادة للطائرات التي تعتمد على تقنيات متقدمة للكشف والتتبع.
وقد أظهرت التسريبات الأخيرة، إلى جانب صور الأقمار الصناعية، أن الطائرة أجرت اختبارات مكثفة في قاعدة إدواردز الجوية، حيث ركزت هذه الاختبارات على قياس البصمة الرادارية (RCS) وكذلك تقنيات الإخفاء الحراري التي تقلل من حرارة العادم، مما يجعلها أقل عرضة للكشف بواسطة أنظمة الأشعة تحت الحمراء.
كما خضعت بي-21 لاختبارات متقدمة لمقاومة التداخل الكهرومغناطيسي (EMI)، وهو جانب بالغ الأهمية في الحروب الإلكترونية الحديثة التي تستخدم فيها الأطراف المتنازعة تقنيات التشويش والتعطيل الإلكتروني.
وتأتي هذه الاختبارات ضمن تحضيرات لمواجهة سيناريوهات قتالية معقدة، خاصة في مناطق منع الوصول والحرمان من المنطقة، حيث تعتمد القوى الكبرى مثل الصين وروسيا على أنظمة دفاع جوي متقدمة تمنع الطائرات المقاتلة من الاقتراب بسهولة.
من الناحية التقنية، تم تجهيز الطائرة بأنظمة مراقبة ذاتية متطورة تسمح لها بتشخيص الأعطال والمشكلات الفنية بشكل تلقائي، مما يزيد من موثوقيتها ويقلل من الحاجة إلى تدخل بشري مباشر أثناء العمليات، وهو تطور مهم يعزز من جاهزيتها القتالية واستمراريتها في المهمات الطويلة والمعقدة.
حتى الآن، لم يتم الإعلان رسميًا عن اختبارات إطلاق أسلحة فعلية من بي-21، لكن هناك تقارير تشير إلى نية إجراء تجارب لفتح أبواب حجرة الأسلحة وإجراء عمليات إطلاق وهمية باستخدام بيانات القياس عن بعد (Telemetry)، ما يشير إلى تقدم كبير في جاهزية الطائرة للمهام الهجومية، سواء كانت تقليدية أو نووية.
من المتوقع أن تدخل بي-21 الخدمة بحلول عام 2027، مع بدء عمليات الإنتاج الأولي المحدود، على أن تصل إلى الجاهزية القتالية الكاملة بحلول عام 2029. وستُسلم الطائرات الجديدة إلى قاعدة إلسورث الجوية في ساوث داكوتا، حيث ستصبح مركزًا رئيسيًا لتشغيل هذه القاذفات الحديثة.
وعند بلوغها الجاهزية الكاملة، من المتوقع أن يتم سحب طائرات بي-1 وبي-2 تدريجيًا من الخدمة، ما يعكس تحولًا نوعيًا في قدرة الولايات المتحدة على تنفيذ ضربات استراتيجية بعيدة المدى.
تتمتع بي-21 بقدرة تشغيلية عالية تتيح لها العمل في بيئات مشتركة مع طائرات مأهولة وغير مأهولة، ما يعزز من تكاملها في العمليات العسكرية المستقبلية ويزيد من مرونتها في تنفيذ مهام متنوعة تشمل الاستطلاع، والضربات الدقيقة، والردع النووي.
تبلغ تكلفة كل طائرة تقدر بنحو 550 مليون دولار وفقًا لتقديرات عام 2010، مع خطط لشراء أكثر من 100 طائرة على مدى السنوات القادمة، ما يعكس حجم الاستثمار الكبير الذي توليه الولايات المتحدة لتحديث أسطولها من القاذفات الاستراتيجية وضمان التفوق العسكري في مواجهة التحديات المستقبلية.