العشب الصناعي.. خطر خفي يهدد حياة الرياضيين

يبدو أن استخدام العشب الصناعي في ملاعب كرة القدم في طريقه إلى الانقراض و سيتم التخلص منه خلال سنوات قليلة ولكن لماذا؟.
ومنحت مفوضية الاتحاد الأوروبي بلدان القارة العجوز 8 سنوات للتخلص بشكل من النجيل الصناعي بشكل نهائي، في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وتحويل الملاعب للعشب الطبيعي.
وجاءت فكرة حظر النجيل الصناعي بسبب الأضرار والسلبيات التي يتسبب فيها استخدامه سواء من حيث الإصابات التي تلحق باللاعبين أو كذلك دوره في تلويث البيئة.
وتلقي "العين الرياضية" الضوء من خلال التقرير التالي على تاريخ استخدام العشب الصناعي في الملاعب والأسباب التي دعت إلى حظره والحلول الخاصة للتعامل معه وحظره بشكل نهائي.
متى بدأ العشب الصناعي في الملاعب؟
جاء استخدام العشب الصناعي في الملاعب الأوروبية في عام 2004 حين وافق الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" على إقامة مباريات الأندية والمنتخبات على النجيل الصناعي.
وقتها كشف لارس كريستر أولسون المدير التنفيذي لليويفا عن أن النجيل الصناعي سيتم استخدامه بناء على قرار اللجنة التنفيذية في مباريات بطولات دوري أبطال أوروبا وكأس الاتحاد الأوروبي وتصفيات كأس العالم وكأس أمم أوروبا وذلك بداية من موسم 2005-2006.
وقتها أكد اليويفا أن استخدام هذه النوعية من الأرضيات بات ممكناً خاصة مع ارتفاع تكاليف العشب الطبيعي خاصة في مجال الصيانة والثلوج.
اكتشاف خطير
ولكن بمرور السنوات تبين أن العشب الصناعي لديه العديد من السلبيات الكارثية التي تستوجب عدم اللعب عليه.
وأظهرت الأبحاث أن الأزمة البيئية لا تكمن في العشب الصناعي ولكن في المطاط الناتج عن الإطارات المعاد تدويرها في صناعته وكذا الكرات السوداء الصغيرة التي تلتصق بكل من يلعب في ملاعب العشب الصناعي.
ومن جانبها سبقت هولندا هذا القرار حين حظرت في يونيو/ حزيران 2023 استخدام العشب الصناعي وفرض استخدام الطبيعي على جميع أندية الدوري الهولندي.
وبحسب تقرير لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية في عام 2016 أبلغ عدد كبير من الرياضيين عن إصابتهم بالسرطان مما استدعى إجراء تحقيق بشأن سلامة الملاعب الصناعية.
وزعمت دراسة أمريكية في ذلك الحين وجود صلة بين مئات حالات السرطان واللعب على هذه الملاعب وذلك بسبب احتواء المواد المطاطية المصنوعة من الإطارات القديمة على مواد كيميائية سامة.
وفي تلك الأثناء كان عدد الحالات المبلغ عنها 220 رياضياً منهم 166 من لاعبي كرة القدم، والملفت للانتباه أن منهم 102 حارساً للمرمى وعانوا من أضرار أسطح المطاط المفتتة.
وأثيرت مخاوف من احتواء المواد المطاطية المصنوعة من الإطارات القديمة المستخدمة في أسطح الجيل الثالث على مواد كيميائية سامة، بما في ذلك الزئبق والرصاص والبنزين والزرنيخ.
ولقد ساد قلق بين العائلات الأمريكية من أن تكون هذه المواد الكيميائية مسؤولة عن تشخيص إصابة عشرات اللاعبين الشباب بالسرطان، وخاصةً حراس المرمى الذين يركضون برشاقة على الملاعب.
اعتراضات مورينيو
من جانبه أبدى البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب كرة القدم الشهير والذي يقود حالياً فناربخشة التركي وسبق له العمل مع تشيلسي وريال مدريد وبورتو وإنتر ميلان ومانشستر يونايتد، خلال فترة توليه تدريب روما أضرار اللعب على العشب الصناعي.
وحذر مورينيو في تصريحات يعود تاريخها إلى أكتوبر/ تشرين الأول 2022 إلى أن اللعب على ملاعب فرق مثل هلسنكي وبودو/ غليمت في البطولات الأوروبية يسبب أزمات بسبب العشب الصناعي.
وجاء تعليق المدرب المتوج مرتين بدوري أبطال أوروبا وقتها: "ما زلتُ أؤكد أن اللعب على أرضية صناعية ليس كرة قدم، بل رياضة مختلفة، لذا فإن أي شخص معتاد على اللعب عليها يتمتع بأفضلية.".
وأسهب: "لعبنا مرتين على أرضية صناعية الموسم الماضي وخسرناهما، إحداهما بنتيجة تاريخية. أثبتنا للجميع الحقيقة عندما سحقنا بودو/غليمت في ملعب الأولمبيكو. لن تتاح لنا هذه الفرصة غدًا، لأن الخسارة تعني الخروج من البطولة.".
وفي حين يصعب الجزم بأن العشب الصناعي سبب إصابة محددة، إلا أن هناك أدلة تشير إلى ارتفاع خطر بعض الإصابات على العشب الصناعي مقارنةً بالعشب الطبيعي.
وقد أظهرت الدراسات ارتفاع معدل الإصابات على العشب الصناعي، مع انتشار بعض الإصابات، مثل إصابات وتر أكيليس والكاحل.
أرون رودجرز لاعب كرة القدم الأمريكية تعرض للإصابة بتمزق في وتر أكيليس بسبب اللعب على عشب صناعي في سبتمبر/ أيلول 2023.
الحلول والحظر
وكما أسلفنا فإن حظر استخدام العشب الصناعي في الملاعب خطوة بدأت مفوضية الاتحاد الأوروبي في القيام بها منذ قرابة عامين، فإن هناك حلول أخرى يتم العمل عليها لحل هذه الأزمة.
وفي ظل التكلفة الباهظة لعمليات الصيانة الخاصة بالعشب الطبيعي فإن هناك وسائل أخرى لحل أزمات العشب الصناعي غير الحظر.
يُمكن معالجة بعض من مشاكل العشب الصناعي مثل الاحتباس الحراري وأرضيات الملعب التي ترفع نسب وقوع إصابات من خلال ممارسات الصيانة المناسبة، كالتنظيف المنتظم، وتجديد الحشو، ومعالجة أي تلف في العشب. إضافةً إلى ذلك، تُساعد هياكل التظليل على تخفيف الحرارة، كما أن اختيار النوع المناسب من الحشو والأحذية يُقلل من خطر الإصابات.