معالي زايد.. قصة مشهد جريء وضعها في ورطة
عاشت الفنانة المصرية معالي زايد كما تتمنى، وليس كما يتمنى لها الناس، لذا ظلت تبتسم حتى اللحظة الأخيرة من حياتها.
جرأة معالي زايد كانت هي مفتاح بصمتها لدى الجمهور، الشجاعة التي لم تقتصر على أدوار الإغراء والشر، ولكن أيضا الأدوار غير التقليدية وتجسيد الرجل كما الأنثى، وهو ما كلّفها كثيرا وآلمها أكثر، لترحل صاحبة الوجه الأسمر والابتسامة الساحرة، وتبقى موهبتها حية حتى آخر مشاركاتها القوية في مسلسل "موجة حارة".
الطفلة معالي زايد ابنة السيدة
ولدت معالي زايد في حي السيدة زينب، من مواليد 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 1953، الأب عبد الله المنباوي ضابط جيش يتسم بالقوة والشدة، والأم آمال زايد ممثلة قديرة أجبرها الزوج على الاعتزال، هي الفتاة الأصغر بين أربعة أبناء: ماجدة وجيجي ومحمد ومعالي، وخالتها الممثلة جمالات زايد.
دراستها وموهبتها
درست الفنون الجميلة، ثم التحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية، ومثلما أحبت التمثيل كانت فنانة تشكيلية لها أكثر من معرض فني، من بينهم "الوجه الآخر".
أثقلت معالي زايد موهبتها الفنية بالدراسة، إذ التحقت بالمعهد العالي للسينما، واحترفت الوقوف أمام الكاميرا من خلال مسلسل "الليلة الموعودة" إنتاج تلفزيون دبي، بعد ذلك توالت أعمالها في السينما والتلفزيون، والتي تنوع محتواها بين الكوميدي والتراجيدي.
شيرين عبدالوهاب تتحدث لأول مرة بعد خروجها من المستشفى
قصة اسم معالي الصاغ
حكمت المفارقة والسخرية حياة معالي زايد من اللحظة الأولى، عندما علم والدها بولادتها، طلب من أحد العساكر أن يذهب لتسجيلها وإصدار شهادة الميلاد، باسم "معالي"، وعندما سأل الموظف العسكري عن الاسم، قال له "معالي الصاغ عبد الله المنباوي يافندم"، فهو العسكري الذي لن يقدر على نطق اسم الضابط دون لقبه، وهكذا صار اسمها "معالي الصاغ".
"زايد" تيمناً بعائلة والدتها الفنية
في حين اختارت أن يكون اسمها الفني معالي زايد تيمنا بعائلة والدتها التي عمل أغلب أفرادها في مجال الفني، بداية من الأم الممثلة آمال زايد، والخالة جمالات زايد، وخالها السيناريست محسن زايد، والمنتج الفني مطيع زايد.
معالي ابنة أمينة
تركت آمال زايد- والدة معالي- عامة مميزة في تاريخ السينما المصرية بأدائها المميز لدور "أمينة" في ثلاثية نجيب محفوظ، وعلى الرغم من حبها الشديد للتمثيل، ابتعدت عنه لفترة طويلة بسبب غيرة زوجها.
ورفضت آمال زايد بشكل قاطع أن يعمل أي من أبنائها في المجال الفني والتمثيل، "كانت خايفة علينا، بسبب التوتر والقلق الدايم"، فحياة الممثل تشهد تغيرات وتطورات مستمرة، وقد يفقد الشعور بالاستقرار والراحة، ولذلك كان صعبا عليها أن تجد أبناءها يكررون نفس تجربتها.
عام حزين جدًا
في عام واحد فقط، فقدت معالي زايد أختها الكبرى ماجدة، التي كانت الأقرب إلى قلبها والأحن عليها، وبعد مرور 40 يوما فقط ماتت والدتها آمال زايد في 23 سبتمبر 1972، ومع محاولاتها للتكيف مع الفقدان، رحل والدها بعد 9 أشهر، فتعيش معالي زايد وحيدة، الأخ الاكبر يعمل طبيب في لندن، والأخت المتبقية تعيش مع زوجها في الإسكندرية.
ضيف ثقيل على قلب معالي
وتبقى ذكريات الألم والفقدان ترافقها لبقية العمر، وترحل وحيدة دون أن تحقق حلمها في تكوين أسرة وأطفال ذكرياتها مع هذه الآلام كانت تحل ضيفا يوميا ثقيلا على قلبها، تتتذكر كم اشتاقت لكل منهم وكم تمنت أن يظلوا برفقتها، وبكيت عليهم حتى جفت الدموع، وصار من بعد رحيلهم أيا ما يحدث هو عابر ولا قيمة له.هكذا تخطت معالي مشاعر الفقد
بالصدفة، دخلت معالي زايد لمجال التمثيل، فبعد رحيل والدتها ووالدها حرصت على أن تنهي دراستها بكلية الفنون الجميلة بتفوق، ومع التخرج اكتشفت "لقيت لو اشتغلت أنه معاش بابا هيقف، ومهما اشتغلت مش هيكون مرتبي كمل، فقولت أكمل دراسة"، ولذلك قررت أن تلتحق بمعهد الفنون المسرحية.
"مش عاوزة التمثيل أبو تهزيء ده"
وبعد أن عرف أساتذة المعهد أنها نجلة الفنانة الراحلة آمال زايد، فُتحت لها أبوابا لم تكن تعلم عنها شيئا، فرأها المخرج نور الدمرداش، وعرض عليها دور في مسلسل "الليلة الموعودة" من إنتاج تلفزيون دبي عام 1976.
75 جنيهًا في الليلة الموعودة
واعتقد نور الدمرداش معرفتها السابقة بطريقة التصوير والوقوف امام الكاميرا. وفي أحد المرات ذهبت غاضبة إلى الفنانة كريمة مختار بعد أن نهرها نور الدمرداش، وقالت لها "لأ أنا مكنش أعرف كده.. أنا مش عاوزة التمثيل أوب تهزيء ده"، ولكن بعد صدور المسلسل وحصولها على أجر 75 جنيها في الحلقة الواحدة، ورؤيتها للنتيجة النهائية التي لم تكن تستوعب كيفية حدوثها، أعادت التفكير مرة ثانية.
مطرودة من حمام السيدات
في أثناء تصوير فيلم "السادة الرجال" عام 1987، بالاشتراك مع محمود عبد العزيز وإخراج رأفت الميهي، كانت تجسد معالي زايد شخصية الزوجة التي تقرر أن تتحول إلى رجل، وخلاله قامت بحلق شعرها مثل الرجال وترتدي مثلهم وتتحرك بنفس طريقتهم، واحتاجت أن تدخل الحمام.
"دخلت حمام السيدات عادي، لقيت الستات بتصوت، وندهوا الأمن، وأنا أقولهم أني ست زيهم.. لكن أبدا" بسبب تقمصها للدور لم يصدقها السيدات وأجبروها على الخروج من الحمام، ولم ينجدها سوى العاملين في الفيلم وبينوا حقيقة الأمر.
أعمال معالي زايد
قدمت معالي زايد عبر مسيرتها الفنية 33 فيلما أبرزها "وضاع العمر يا ولدي، الأرملة والشيطان، سيداتي آنساتي، كتيبة الإعدام، البيضة والحجر، الصرخة، السادة الرجال، قضية عم أحمد".
كما تألقت على شاشة التلفزيون، وشاركت في بطولة ما يقرب من 20 مسلسلا منها "دموع في عيون وقحة، حضرة المتهم أبي، موجة حارة، أبن الأرندلي، الوتر المشدود".
حدث في 5 نوفمبر.. ميلاد عبيدي بيليه ومعالي زايد.
وحصدت خلال مشوارها الفني الحافل بالعطاء عددا كبيرا من الجوائز مثل جائزة أحسن ممثلة من مهرجان جمعية الفيلم عام 1987عن دورها في فيلم "السادة الرجال".
معالي الممثلة الـ "مستفزة"
من خلال أعمالها السينمائية والتلفزيوينة، كونت معالي زايد ثنائيات ناجحة مع محمود عبد العزيز ونور الشريف وأحمد زكي وفاروي الفيشاوي ، الذي وصفها في أحد اللقاءات التلفزيونية بـ "الممثلة المستفزة"، التي تجبر الممثل أمامها "يشتغل بجد وإخلاص وحب"، واعتبرها من الممثلات العظام في جيلها.
أعمالاً مميزة لمعالي زايد
قدمت معالي زايد أعمالا مميزة في السينما والتلفزيون والمسرح، وصلت إلى أكثر من 80 فيلما وما يقرب من 60 مسلسلا، منها:
- مسلسل "دموع في عيون وقحة"- 1980
- فيلم "كتيبة الإعدام"- 1989
- مسلسل "حلم الجنوبي"- 1997
- فيلم "البيضة والحجر"- 1990
- مسلسل "الحاوي"- 1997
- فيلم "المراكبي"- 1995
- مسلسل بدارة- 1999
- فيلم "عنبر والألوان"- 2001
- مسلسل "امرأة من الصعيد الجواني"- 2006
- وأخيرًا، مسلسل "موجة حارة"- 2013
معالي في ثوب رأفت الميهي النسوي
كان المخرج رأفت الميهي هو بوابتها نحو سينما مختلفة وأداور متفردة تُظهر فها قدراتها السينمائية، وكذلك أعمال عاشت لسنوات جمعت الضحك والكوميديا القوية وكذلك مشاعر اليأس والإحباط والأذى والألم، في تنويعة لا يمكن أن تأتي إلا من مبدعين مخلصين.
جمع الجنون الفني معالي زايد ورأفت الميهي "أنا حبيته قوي وكان مثل أعلى بالنسبة لي"، واستطاع أن يُظهرها بشكل مختلف ويقدما معا لونا مختلفا، وكانت حصيلة تعاونهما فيلم "الشقة من حق الزوجة" 1985، وفيلم "للحب قصة أخيرة" 1986، و"السادة الرجال" 1987، و"سمك لبن تمر هندي" 1988، و"سيداتي آنساتي" 1990.
الميهي ومعالي.. رحلة انتهت في المحكة
ولكن لم يكتمل الحب ولم يستمر النجاح الفني بسبب خلاف وصل إلى القضاء، عندما شاركته معالي زايد وماهر السيسي في شركة لإنتاج الأفلام ولم يحصلا على أي مقابل رغم نجاح الأفلام التي أنتجوها، واضطرت لرفع دعوى قضائية استمرت أكثر من 18 سنة حتى تنال حقها.
مشهد جريء لمعالي زايد
تزوجت معالي زايد مرتين، كانت الأولى من مهندس، وحدث الانفصال بعد مرور 3 سنوات، أما الزيجة الثانية فكانت من طبيب شهير، بعد أن نشأت بينهما قصة حب أثناء قيامه بعملية جراحية لها.
وقيل أن زواجها الثاني فشل بسبب مشهد ساخن جمعها بالفنان ممدوح وافي في فيلم بعنوان "أبو الذهب" وتردد أن زوجها الطبيب ذهب لزيارتها في الاستديو، وبالصدفة شاهدها أثناء تصوير مشهد ساخن مع ممدوح وافي، ولكن هذا ينافي ما قالته زايد في تصريحاتها المختلفة.
للحب قصة أخيرة مع معالي
"أنا بطبعي بسخر من كل حاجة، ولو ملقتش حاجة بسخر من نفسي" كانت الابتسامة وروح الدعابة وخفة الدم التلقائية ملازمين لمعالي زايد، تحرص على أن تحكي أكثر الأمور حزنا وتعقيدا والضحكة لا تفارق وجهها، ومن بين المواقف التي لا تُحسد على المرور بها في مسيرتها المهنية:
بعد الانتهاء من تصوير فيلم "للحب قصة أخيرة" عام 1986، الذي قامت ببطولته معالي زايد مع يحيى الفخراني من تأليف وإخراج رأفت الميهي، وكان يدور حول رفعت المدرس الذي يعيش مع زوجته سلوى في جزيرة الوراق، ويعاني من مرض القلب الذي يعيق سعادته مع زوجته.
الرقابة تقاضي معالي
اعترضت الرقابة على عدد من المشاهد في الفيلم، وطالبت بحذفها، ولكن مع نزول الفيلم تسربت بعض النسخ دون حذف، وعلى إثر ذلك واجهت معالي زايد ويحيى الفخراني والمخرج رأفت الميهي تهم نشر الفسق والفجور، ولكن اعتراض المخرد واعتصامه بنقابة المهن التمثيلية حال دون الحكم عليهم، ولكن بقي داخلها شعور بالمرارة أن يتحول الفن لأداة محاكمة.
معالي تواجه الرقابة مرتين
تكرر الأمر مرة ثانية مع فيلم "أبو الذهب" عام 1996، باشتراك أحمد زكي ورغدة وممدوح موافي وإخراج كريم ضياء الدين، عن قصة تحول عامل في مخبز من رجل بسيط إلى رئيس عصابة يعمل في الإتجار بالمخدرات، ووجدت معالي زايد نفسها تواجه الراقابة مرة ثانية.
وبسبب المشاهد التي جمعتها مع ممدوح موافي، تم اتهامها بنشر الفسق والرذيلة وتم الحكم عليها لمدة عام مع دفع غرامة مالية، ولكن مع استئناف الحكم تمت تبرئتها.
حدث في 10 نوفمبر.. ميلاد صباح وكلاشنكوف ووفاة معالي زايد.
زيجات معالي زايد
"أكبر مقلب شربته" لم تكن زيجات معالي زايد موفقة، فزواجها الأول من مهندس لم يستمر أكثر من عامين، وتتذكر في أحد المرات حين انفعلت عليه وكانت تشعر بالغيرة "بقوله إزاي تتكلم مع فلانة، قالي دي برقبتك، قمت لبسته حلة الخضار.. وقعدت أضحك".
انفصلت عن زوجها الأول لأنه لم يرغب في إنجاب الأطفال "اضطريت أتخلص من حمل ومكملتوش.. وأنا كان نفسي أعمل أسرة"، أما زواجها الثاني فكان من طبيب تأذت بسببه نفسيا وبدنيا، فكان يعاني من سبب يمنعه من الإنجاب ولكنه أوهمها بأنها السبب، وجعلها تتناول دواءا أدى في النهاية إلى إصابتها بالغدة الدرقية وأفسد هرموناتها، فتطلقت منه.
الأمومة في حياة معالي
كان حلم الأمومة يؤرقها، وتمنت لفترات طويلة أن تصبح أم لأسرة هادئة، لكنها لم توفق رغم سعيها، ومع مرور السنوات، تجاهلت هذا الحلم بعد أن صار عصيا على التحقق، وقررت أن تعتبر أبناء إخوتها وصديقاتها أبناء لها، وعاملت حيواناتها الأليفة والزهور التي تزرعها كاطفالها
سبب وفاة معالي زايد
بعد وفاتها انتهت آلامها، بداية من آلام المرض وقسوته، وعذاب الوحدة والتجاهل وانعدام التقدير، فكانت تعيش في السنوات الأخيرة في مزرعتها على طريق مصر- الإسكندرية الصحراوي، يزورها صديقتان مقربتان من خارج الوسط الفني، وكانتا هالة صدقي وسماح أنور من المقربات إلى قلبها.
في يوم 10 نوفمبر 2014، وصلت معاناتها مع مرض سرطان الرئة إلى ذروتها ورحلت.
aXA6IDE4LjIyNi4xODcuMjEwIA== جزيرة ام اند امز