أستراليا قوة صاعدة في سباق الحوسبة الكمومية

يبدو إن أستراليا عازمة بالفعل على التحول من مجرد مساهم في الثورة الكمومية، إلى أن تصبح أحد قادتها.
وقال تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إنه بينما كان السيناتور الأمريكي تيد كروز يعرض بفخر شريحة إلكترونية ذهبية خلال جلسة استماع في الكونغرس، واصفًا إياها بأنها "اختراق أمريكي" بقيمة مليار دولار، كانت الأنظار في سيدني تتجه إلى حقيقة أكثر تعقيدًا: أن هذا الإنجاز التكنولوجي يحمل بصمات واضحة للعلماء والباحثين الأستراليين.
ووصف عالم الفيزياء الأسترالي ديفيد رايلي، الذي كان حتى العام الماضي يقود شراكة بين جامعة سيدني وشركة مايكروسوفت لتطوير مكونات أساسية في معالج "Majorana 1"، تصريحات كروز بأنها "مفارقة مثيرة"، خاصة وأنها تجاهلت مساهمات الفرق العلمية في أستراليا.
وفي مقابلة مع فايننشال تايمز، سلّم رايلي نموذجًا أوليًا من الشريحة، مشيرًا إلى أنه رفض عرضًا مغريًا لنقل فريقه إلى مقر مايكروسوفت في الولايات المتحدة، مفضلًا البقاء في أستراليا حيث تتشكل ملامح صناعة كمومية واعدة.
دور قيادي مدعوم حكوميًا
وأقرت مايكروسوفت في بيان سابق لها بأن العديد من الفرق، من بينها باحثون من فرعها في سيدني، ساهموا في تطوير الملكية الفكرية المستخدمة في مشروع "Majorana 1". وتُعد هذه الشراكة جزءًا من شبكة أوسع من المبادرات الأسترالية لدعم أبحاث الحوسبة الكمومية، وهي تقنية تعتمد على فيزياء الجسيمات دون الذرية لتنفيذ عمليات تتجاوز قدرة الحواسيب التقليدية.
وقد استثمرت الحكومة الأسترالية نحو 940 مليون دولار أسترالي في شركة PsiQuantum الأمريكية التي أسسها الأسترالي جيريمي أوبراين، لبناء أول حاسوب كمومي متكامل في مدينة بريسبن. وتبلغ قيمة الشركة اليوم نحو 7 مليارات دولار بعد جولة تمويل قادتها مؤسسات كبرى مثل بلاك روك وتمسيك وذراع الاستثمار التابعة لإنفيديا.
كما أنشأت الحكومة صندوق Quantum Australia بقيمة 20 مليون دولار لدعم التعاون والأبحاث، بالإضافة إلى دعم مباشر من صندوق الإعمار الوطني لشركات ناشئة مثل Quantum Brilliance المتخصصة في تقنيات الماس الكمومي.
سيدني: مركز عالمي للبحث والتطوير
وتضم مدينة سيدني الآن واحدة من أعلى كثافات الباحثين في هذا المجال، واحتضنت عشرات الشركات الناشئة في تخصصات متنوعة. ويقع مركز Sydney Nanoscience Hub، بتكلفة 150 مليون دولار، في جامعة سيدني، ويضم حاسوبين كموميين بقيمة 2 مليون دولار لكل منهما، إلى جانب واحدة من أهدأ الغرف في العالم تُستخدم لتصوير الذرات.
ومن بين الشركات شركة ناشئة باسم Emergence Quantum تهدف إلى تسريع انتقال الابتكارات الكمومية من المختبر إلى السوق التجاري، ليكونا بذلك جسرًا حيويًا بين البحث والتطبيق.
كما أن شركات أسترالية مثل Diraq وSilicon Quantum Computing تم اختيارها مؤخرًا من قبل وزارة الدفاع الأمريكية ضمن مبادرة لتقييم الجدوى الصناعية للحواسيب الكمومية. كما حصلت شركة Q-CTRL على عقود من وكالة داربا بقيمة 24 مليون دولار لتطوير تقنيات استشعار كمومية للسيارات العسكرية.
وفي مجال الدفاع البحري، حصلت شركة DeteQt التي أسسها البروفيسور جيم رابو، على عقد بقيمة 3.3 مليون دولار مع البحرية الأسترالية، لتطوير أجهزة استشعار كمومية تساعد الغواصات على التنقل في حال تعطّل أنظمة GPS.
على الرغم من بعض الجدل في أستراليا حول استخدام الأموال العامة لتمويل هذا القطاع، يرى المستثمرون أن هذه الخطوات ضرورية لترسيخ مكانة البلاد كمركز عالمي للبحث والتطوير في الحوسبة الكمومية. وتقول ألكس روميرو من صندوق الاستثمار Main Sequence: "لطالما كانت أستراليا مصنعًا للأبحاث. الآن، نحن نبني بيئة تعيد جذب العقول إلى الوطن."
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAg
جزيرة ام اند امز