بنوك حليب الأمهات.. مولود قبل الأوان وراء الابتكار في ألمانيا
فكرة بنوك حليب الأمهات اكتسبت زخماً جديداً في ألمانيا السنوات الأخيرة، إذ أصبح عددها 23 بنكا في 2019 بعدما كان 15 بنكا منذ 3 سنوات.
فجرت قصة طفل ألماني بائس فكرة غير تقليدية لإنقاذ الأطفال المبتسرين وحديثي الولادة، تستند إلى إنشاء مركز لتجميع حليب الأمهات في العالم.
وتعود قصة بنك حليب الأمهات إلى مدينة ماجديبورج الألمانية قبل 100 عام، عندما أنشئ أول مركز لتجميع حليب الأمهات في العالم بمستشفى ماجديبورج 19 مايو/أيار 1919، وبعد فترة قصيرة تناقل الناس أمره؛ ليحظى بالشهرة وتمده الأمهات بفائض حليبهن، ثم تبع ذلك إنشاء بنوك حليب في مدن ألمانية أخرى.
فكرة بنوك حليب الأمهات اكتسبت زخماً جديداً في ألمانيا السنوات الأخيرة، إذ أصبح عددها 23 بنكا في 2019 بعدما كان 15 بنكا منذ 3 سنوات، إضافة إلى البنوك التي لا تزال تحت الإنشاء، وفقا لوكالة الأنباء الألمانية.
وأكد رالف بوتجر، رئيس بنك حليب الأمهات في ماجديبورج، أن حليب الأم أفضل غذاء للأطفال المبتسرين وحديثي الولادة، قائلا: "رغم أن تغذية الأطفال المبتسرين المتاحة في الأسواق تحتوي على الكثير من العناصر الغذائية الشبيهة، فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال تقليد كل مكونات الحليب الطبيعي".
وأضاف بوتجر، أخصائي طب الأطفال حديثي الولادة: "حليب الأم يمتلك فوائد كثيرة للجهاز المناعي للطفل، ويوفر له حماية من الإصابة بعدوى الأمراض"، موضحا أن المبتسرين الذين يحصلون على الحليب الطبيعي، أقل إصابة بالأمراض من أقرانهم، "فحليب الأم يوفر حماية".
وتابع الطبيب المشارك في إطلاق المبادرة: "هناك أمهات لديهن كمية حليب أكبر كثيراً من حاجة أبنائهن، في المقابل هناك أمهات لا يستطعن إرضاع أبنائهن، لأسباب مختلفة، فأحياناً لا يكون رأس الطفل مناسباً، وأحياناً لا تتوافر الشروط الجسمانية المطلوبة".
وأكمل: "لكي ينمو الأطفال بشكل جيد، فإنهم يحصلون على حليب المتبرعات، من خلال إعطاء الرضيع الحليب بخرطوم إذا لم يستطع الأطفال الرضاعة بأنفسهم".
ساعد بوتجر أكثر من 300 طفل مبتسر أو حديث الولادة من خلال بنك حليب ماجديبورج، الذي أعيد افتتاحه في 2014، وبلغ إجمالي ما تلقاه البنك 1230 لتراً، من قرابة 80 متبرعة، "وأصبح لدينا الآن حليب يكفي لمرضانا الصغار"، حسب أخصائي طب الأطفال.
متبرعة ذات طابع خاص
إيميل طفل مبتسر أتى للدنيا بعمر 34 أسبوعا، وكان من الضروري إجراء جراحات، لكنه لم يكن يستطيع أن يلتقم ثدي أمه، ما دفع والدته يانا بارتش لتفريغ حليبها بشكل منتظم، حتى يأتي اليوم الذي يستطيع فيه ابنها أن يشربه وحده دون مساعدة.
وقالت بارتش (29 عاماً): "في البداية امتلأت ثلاجتي، ثم ثلاجة والد زوجي، كما امتلأ أحد أدراج الثلاجة في مستشفى ماجديبورج الجامعي، حيث عاش ابني 9 أسابيع".
تزايد كمية الحليب دفع بارتش للتبرع بحليبها لرضّع آخرين، كحال عدد أصبح متزايداً الآن في ألمانيا من الأمهات.
وتجري عملية التبرع بالحليب بشكل يشبه طريقة التبرع بالدم، فلا بد أن يكون واضحاً أن الأم سليمة، وفي سبيل ذلك تملأ المتبرعة استبيانا، إضافة إلى ذلك يجري فحص الحليب للتأكد من خلوه من الجراثيم.
بنوك جديدة
وفقاً للمبادرة، هناك بنك جديد افتتح في مدينة أوجسبورج 2018، وآخر في مدينة فيشتا، إضافة لبنك ثالث عام 2019 في هانوفر، وتجري الاستعدادات حالياً لإنشاء بنكين آخرين، أحدهما في فرانكفورت، والثاني في فولفسبورج.
وقالت زوندر بلاسمان، التي تعمل في المبادرة: "نعمل على أن يكون هناك خلال 5 سنوات في كل ولاية ألمانية بنك على الأقل لحليب الأم، وأن نجعل الحليب الذي تتبرع به الأمهات متاحاً لجميع الأطفال المبتسرين مستقبلاً".
وأضافت: "أعتقد أن غذاء الرضع الصناعي في ألمانيا الغربية، الذي كان يتسم بجودة أفضل، والدعاية الهائلة لهذا الغذاء، هو الذي أدى إلى إغلاق آخر بنوك الحليب في ألمانيا الغربية خلال السبعينيات"، مشيرة إلى تمسك ألمانيا الشيوعية بهذه المراكز في مقابل إغلاقها بولايات غرب ألمانيا.
وتابعت: "كان ذلك قبل ظهور الإيدز، وأعتقد أن مرض نقص المناعة هو الذي أعطى الضربة القاضية لبنوك حليب الأمهات".
حتى الآن تتحمل المستشفيات التي تريد إنشاء بنك لحليب الأمهات، معظم نفقات هذا البنك. لكن وحسب مبادرة بنوك حليب الأطفال، فإن ولاية سكسونيا السفلى هي أول ولاية ألمانية حتى الآن، تدعم المستشفيات في إنشاء هذه البنوك، إذ يفشل إنشاء هذه البنوك في ولايات أخرى بسبب اضطرار المستشفيات لتحمل جميع النفقات.