ديون الذكاء الاصطناعي.. سباق تكنولوجي يقوده المال الساخن
قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن سباق الاستثمار العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي لم يعد قائما على رأس المال المخاطر كما كان يعتقد البعض.
وأكدت الصحفية أن الأمر تحوّل خلال الأشهر الأخيرة إلى سباق ديون ضخمة بفوائد مرتفعة، تراكمها شركات التكنولوجيا العملاقة لتمويل مراكز بيانات ومشروعات متشعّبة داخل الولايات المتحدة وخارجها.
وأضافت الصحيفة أن هذا التحول يكشف أن القطاع بات يخرج من دائرة المخاطرة المالية المحدودة إلى دائرة المديونية الثقيلة، التي قد تفرض مخاطر اقتصادية أوسع في حال تراجع العائدات أو انفجار "فقاعة الذكاء الاصطناعي".
وأوضحت لوموند أن ديون الشركات العاملة في الذكاء الاصطناعي أصبحت تُقاس بعشرات المليارات من الدولارات، وبفوائد تتجاوز 6%، وهي معدلات غير معتادة في هذا القطاع الذي كان تاريخيًا يعتمد على تمويل المستثمرين، لا على القروض المؤسسية. وكشفت الصحيفة عن ثلاث صفقات كبرى تُبرز حجم هذا التحول المالي.
ففي المثال الأول، جمعت شركة ميتا نحو 30 مليار دولار على شكل ديون لتمويل مشروع مركز بيانات عملاق في ولاية لويزيانا يحمل اسم Hyperion.
وبحسب الصحيفة، فإن 27 مليار دولار من هذا المبلغ جاءت عبر مؤسسات تمويل مثل بريمكو وبلو أويل، بعقود تمتد لأكثر من عقدين وبفائدة تبلغ 6.58%. واللافت، وفق لوموند، أن هذه الديون لا تظهر ضمن ميزانية الشركة، بل تُموَّل عبر كيان خاص يخفي المستوى الحقيقي للاستدانة.
وأضافت الصحيفة أن مشروعًا آخر بقيمة 38 مليار دولار خُصص لبناء مراكز بيانات لصالح شركتي أوراكل وأوبن إيه آي في تكساس وويسكونسن، بفائدة 6.40%. ونظرًا لأن أوبن إيه آي لا تمتلك قدرة ائتمانية على الاقتراض، بينما تصنيف أوراكل ضعيف، تولّت بنوك كبرى بقيادة جي بي مورجان ومجموعة ميتسوبيشي يو إف جي تصميم هيكل تمويلي معقّد يُسدد عبر الإيجارات التي تدفعها أوراكل.
أما المثال الثالث، وفق لوموند، فيخص شركة xAI المملوكة لإيلون ماسك، التي تطور مشروعًا ضخمًا في ولاية تينيسي يحمل اسم Colossus 2، بتكلفة تتراوح بين 12 و20 مليار دولار.
وتشير الصحيفة إلى أن 12.5 مليار دولار من قيمة المشروع عبارة عن ديون بفائدة 10.5% تُسدد خلال خمس سنوات، ما يعني ارتفاع تكلفة الدين بنسبة 65% عند حلول موعد السداد.
وأوضحت الصحيفة أن هذه الأمثلة تمثل ظاهرة متسعة لا حالات منفردة، فشركة ألفابت اقترضت مؤخرًا 25 مليار دولار، ورفعت ميتا قروضها إلى 30 مليارًا إضافية، بينما اقترضت أوراكل 18 مليارًا في سبتمبر/أيلول الماضي.
وفي ظل غياب عوائد تشغيلية تكفي لتغطية هذه الاستثمارات، فإن شركات كبرى مثل إنفيديا ومايكروسوفت تمول شركات ناشئة تعتمد في الوقت نفسه على خدماتها، في حلقة مالية مغلقة.
وأضافت لوموند أن شركة CoreWeave المتخصصة في مراكز البيانات تراجعت قيمتها السوقية إلى النصف منذ يونيو/حزيران الماضي، وتضاعفت تكلفة التأمين على ديونها، في مؤشر على ارتفاع مستوى المخاطر. وفي خطوة أربكت الأسواق، باعت شركة SoftBank كامل حصتها في نيفيديا بقيمة 5.8 مليارات دولار، بينما فتح المستثمر الشهير مايكل بيري رهانات ضد نيفيديا وبلانتير، معتبرًا أن أسعار أسهمهما مبالغ فيها.
وأوضحت الصحيفة أن الخسائر طالت عددًا من كبرى شركات التكنولوجيا رغم نتائجها القياسية، إذ هبطت أسهم نيفيديا ومايكروسوفت بنحو 8% من أعلى مستوياتها، وتراجعت ميتا بنسبة 21%، وأوراكل بنسبة 32%.
وأشارت لوموند في تقريرها إلى أن سباق الذكاء الاصطناعي لم يعد محصورًا في المضاربات الرأسمالية، بل تحوّل إلى سباق ديون ثقيل، في وقت لم يصل فيه القطاع بعد إلى نموذج اقتصادي يضمن عائدات ثابتة.
ويحذر خبراء، وفق الصحيفة، من أن هذه الديون قد تؤسس لفقاعة مالية جديدة بنسخة تكنولوجية، على غرار ما حدث في أزمة الرهن العقاري عام 2008.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTAg جزيرة ام اند امز