"جدار برلين" شاهد صامت على الحرب الباردة.. القصة الكاملة
لم يكن جدار برلين مجرد حائط فصل بين دولتين، ولكنه كان يقسم بين عالمين مختلفين تماما.
فالجدار الذي بدأ البناء فيه يوم 13 أغسطس/آب 1961 كان رمزا للفصل بين الغرب الرأسمالي والشرق الشيوعي خلال فترة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق.
الهدف الأساسي من بناء الجدار الذي قسم في الأساس العاصمة برلين كان تقييد العبور بين الشطرين الشرقي والغربي للمدينة.
وتعود بداية قصة جدار برلين إلى حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية التي انتهت بهزيمة النازية، ليأتي عام 1949 حين شهدت برلين الشرقية قيام دولة ألمانيا الديمقراطية (الشرقية)، بينما شهد الشطر الغربي من المدينة إقامة دولة ألمانيا الاتحادية (الغربية).
ومن وراء كل دولة منهما تقف قوى عظمى فألمانيا الديمقراطية تقف وراءها موسكو، بينما ألمانيا الاتحادية تساندها واشنطن.
وفي 13 أغسطس/آب 1961، بدأ بناء الجدار بناء على أوامر رئيس ألمانيا الشرقية فالتر أولبريشت، للحد من تنقل سكان شطري برلين بدون تصريح، وإن كان بالطبع الهدف الرئيسي هو منع سكان ألمانيا الشرقية من التدفق بكثافة على الشطر الغربي من برلين.
مواصفات الجدار
الجدار كان يمتد لمسافة 155 كيلومترا، وكانت معظم أجزائه مبنية من الأسمنت المسلح، بارتفاع يفوق الـ3 أمتار.
وتم تحصين الجدار بمراكز مراقبة وأسلاك شائكة وإضاءة قوية لرصد أي محاولات للتسلل وضم الجدار 302 برج مراقبة ونحو 20 نقطة تحصين، أشهرها "نقطة شارلي" وتولى حراسته أكثر من 7 آلاف جندي.
وكان جدار برلين في بعض أجزائه يتكون من جدارين، لمسافة 45 كيلومترا، وبين الجدارين توجد فتحة صغيرة تسمى بشريط الموت، بسبب كثافة انتشار الجنود والكلاب البوليسية بها.
ويعد شارع بيرناو رمزا للتقسيم الألماني، وعندما شُيد الجدار عام 1961، أصبحت المنازل المبنية في واجهة الشارع في شرق برلين، بينما رصيف المشاة في الغرب.
وبعد بناء الجدار، قتل 138 شخصا وهم يحاولون عبور الجدار للطرف الآخر، إما رميا بالرصاص، وإما بسبب حوادث مميتة، وإما بالانتحار بسبب فشل محاولة الهروب، بينما نجح أكثر من 5 آلاف شخص بعبور الجدار، باستخدام طرق مبتكرة، مثل الاختباء في صناديق في سيارات نقل البضائع.
وأقامت القوى الغربية في ألمانيا الاتحادية نظاما ديمقراطيا برلمانيا، بينما خضع الجانب الشرقي من ألمانيا إلى سيطرة الاتحاد السوفياتي السابق، واتسمت الحياة فيها بالاقتصاد الموجه وتقييد حرية الصحافة وحرية السفر.
ملامح الانهيار
بدأت في أغسطس/آب 1989 علامات التشقق تظهر على أركان دولة ألمانيا الشرقية، وبدأت تخرج مظاهرات شعبية حاشدة ضد الحكومة انتهت باستقالة الرئيس إريك هونيكر في أكتوبر/تشرين الأول من العام ذاته، وهو الذي كان من أشد المدافعين عن بقاء الجدار.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1989، تدفق الآلاف من الألمان من الشطر الشرقي نحو الجدار، ليعبروه باتجاه برلين الغربية، لتسقط الإرادة الشعبية الجدار، وتنجح في توحيد شطري ألمانيا، التي انتخبت هيلموت كول في أغسطس/آب 1990 مستشارا لها.