أحب الأعمال في يوم عرفة.. كيفية اغتنام هذا اليوم الفضيل
ليوم عرفة (9 ذو الحجة) فضل عظيم إذ ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن يوم عرفة هو أفضل يوم عند الله، فما هى أحب الأعمال في يوم عرفة وكيف يمكن اغتنام فضله؟
يوم عرفة هو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، وفيه تتنزّل الرحمات، وتكون الدعوة مُستجابة، ويغفر الله فيه لعباده التائبين، وهو اليوم الذي يسبق يوم النحر. ويستحب صيام يوم عرفه لغير الحاج، فهو سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحثَّ عليه، بينما يكره صيام يوم عرفة للحاج، حتى يقوى أداء مناسك الحج والوقوف في عرفة والدعاء.
فضل يوم عرفة
يوم عرفة هو خيُر يوم طلعت فيه الشمس، ويتمتع هذا اليوم المبارك بالعديد من الفضائل كما ورد على موقع دار الإفتاء المصرية، من بينها:
1. أحد أيام العشرة من ذي الحجة
يوم عرفة هو أحد الأيام العشرة من ذي الحجة المفضلة في أعمالها على غيرها من أيام السنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ولا أعظم أجرًا من خير يعمله في عشر من ذي الحجة قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟، قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء".
2. يوم إكمال الملة
وقد أكمل الله تعالى في يوم عرفة الملة، وأتم به النعمة، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن رجلا من اليهود قال: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال: أي آية؟ قال:
"الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا" [سورة المائدة:5]، قال عمر رضي الله عنه: قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.
3. عيد للمسلمين
ويعتبر يـوم عرفة يومُ عيدٍ للمسلمين، فقد ورد ذلك عن عمر بن الخطاب وعبد اللّه بن عباس رضي الله عنهما، حيث قال ابن عباس: "نزلـت في يوم عيد، في يوم جمعة، ويوم عرفة".
وقـال عمـر: "كـلاهمـا بحمـد الله لـنا عيـدًا، وهو عيـد لأهـلِ الموقف خاصة، ومن فضائله أنه يوم مغفرةِ الذنوب والتجاوزِ عنها، والعتقِ من النار".
4. يوم العتق من النار
ففي صـحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"ما من يوم أكثرُ من أن يعتق الله فيه عبيدًا من النار من يوم عرفة".
5. أفضل يوم عند الله
إذ ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يوم عرفة هو أفضل يوم عند الله، وذلك في الحديث الذي رواه جابر رضي الله عنه عن حبيب الله محمد صلى الله عليه وسلم:
"ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثا غبرا ضاحين جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي فلم ير يوما أكثر عتقا من النار من يوم عرفة".
6. أحد أركان الحج
وعن عبد الرحمن بن يعمر الديلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة، من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج" (رواه الترمذي والنسائي).
أحب الأعمال في يوم عرفة
ونظرًا لمكانة يوم عرفة عند الله عز وجل، فيستحب الإكثار من الطاعات والأعمال الصالحة في العشر من ذي الحجة، ومنها:
1. الدعاء والذكر
للدعاء يوم عرفة فضل عظيم، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير" (رواه الترمذي).
فينبغي للمؤمن أن يكثر من الدعاء، وعلى الحاج أن يدعو لنفسه ولإخوانه المسلمين في هذا اليوم العظيم، يسأل ربه فإنه حري بالإجابة، ويكثر من الحمد لله، يثني على الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، كل هذا من أسباب الإجابة.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع رجلاً يدعو ولم يحمد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:
"عجل هذا" ثم قال: إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم يصلي على النبي– صلى الله عليه وسلم– ثم يدعو بما شاء فدل ذلك على أن البدء بالحمد والثناء والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام من أسباب الإجابة.
وينبغي الإلحاح في الدعاء، فهو من أسباب الإجابة، كذلك رفع اليدين، فالرسول عليه الصلاة والسلام رفع يديه في دعاء يوم عرفة، فيستحب للحاج في يوم عرفة الإكثار من الذكر والدعاء وملازمة التوبة والاستغفار من جميع الذنوب والخطايا؛ كونه من أحب الأعمال في يوم عرفة وليلها.
2. التهليل والتحميد والتكبير
أعظم الذكر بعد تلاوة القرآن التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"ما من أيام أعظم عند الله العمل فيهن من أيام العشر، أكثروا فيهن من التهليل والتحميد والتكبير".
وهناك نوعان من التكبير: التكبير المطلق ويكون في جميع الأوقات من أول دخول شهر ذي الحجة إلى آخر أيام التشريق. أما التكبير المقيد فيكون في أدبار الصلوات المفروضة من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
والمشـروع للحاج أن يلبي من حين إحرامه إلى أن يرمي جمـرة العقـبة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: غدونا مع رسـول الله صلى الله عليه وسلم من منى إلى عرفات منا الملبي ومنا المكـبر.
والتكـبير المقيد للحج يبدأ من صلاة الظهر يوم النحر إلى صـلاة العصـر آخر أيام التشريق، وأما غير الحاج فيبدأ من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، ودليل مشروعية التكبير قوله تعالى:
"وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ" وقوله: "وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ"، ولفعل الصحابة رضي الله عنهم.
3. صيام يوم عرفة
وقد ذكرت دار الإفتاء المصرية أن صيام يوم عرفة يعتبر من الأعمال المُستحبة لغير الحاج وأفضلها، فعن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال:
"يكفر السنة الماضية والباقية" (رواه مسلم).
بينما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم عرفة للحاج بعرفة، فقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة مفطرًا، وجيء له بلبن وهو واقف بعرفة على مطيته فشرب والناس ينظرون عليه الصلاة والسلام. فالسنة للحجاج ألا يصوموا يوم عرفة، بل يكونوا مفطرين؛ لأنه أقوى لهم على العبادة، وأنشط لهم على الخير، ولأنه يوم عيد للحجاج، والأعياد لا تصام.
4. حفظ الحواس عن المحرمات
للظفر بفضل هذا اليوم العظيم، يجب حفظ الحواس عن المحرمات، ففي مسند الإمام أحمد عن ابن عباس رضـي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"يوم عرفة، هذا يومُ من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غُفر له".
وقـد كـان سـلف الأمـة مـن الصـحابة رضـي الله عنهم ومن تـبعهم بإحسـان حريصـين أشـدَ الحـرص على استغلال هـذا اليوم العظيـم يوم عرفة والإفادةِ منه.
5. الإكثار من الأعمال الصالحة
ويُستحب في أيام عشر ذي الحجة الإكثار من الأعمال الصالحة وخاصة في يوم عرفة، ومنها:
- الإكثار من صلاة السنن.
- التصدق.
- ذكر الله تعالى.
- صلة الرحم.
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- قيام الليل.
- الاستغفار.
- وقت السحر.
- الرباط في انتظار الصلاة بعد الصلاة.
ففي الحديث قال صلى الله عليه وسلم:
ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، يعني أيام العشر قالوا: يا رسول الله ولاالجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء. رواه البخاري.
وبعد أن تعرفنا إلى أحب الأعمال في يوم عرفة أحب الأيام إلى الله، فيجب الاهتمام باستغلال هذا اليوم العظيم بما هو جدير به من العبادات الصـالحة؛ تقربًا إلى الله.