علماء يرصدون تدفق حمم بركانية في منطقة تشهد ولادة محيط جديد

أعلن فريق دولي من الباحثين عن رصد تدفّق حديث للحمم البركانية من أعماق وشاح الأرض (المانتل) إلى السطح، في منطقة منخفض عفار بشرق أفريقيا.
وهذه إحدى النقاط النادرة على كوكب الأرض التي تتقاطع فيها 3 صفائح تكتونية متباعدة، ما يجعلها شاهدة على ولادة محيط جديد.
وقال العلماء إن هذه الظاهرة ناتجة عن "نبضات" حرارية تصعد من الوشاح العميق للأرض، وتتحرك باتجاه القشرة الأرضية، عبر ما يُعرف بظاهرة "الصعود الحراري للمانتل"، والتي تُعد أحد المحركات الرئيسية لتشكُّل البراكين وتصدّع القارات.
وشاح الأرض ينبض كالقلب
الدراسة، التي نُشرت في مجلة Nature، قادها باحثون من جامعة ساوثهامبتون البريطانية، بالتعاون مع جامعة فلورنسا. وقد شملت جمع عينات بركانية من أكثر من 130 بركانا حديث العهد في المنطقة، لتحليل تركيبتها الكيميائية.
وتوصّل الفريق إلى أن الصعود الحراري للوشاح تحت منطقة عفار ليس خطيًا أو موحدًا، بل يتميز بتكوينات غير متناظرة تُشبه "رقعًا" متباينة من الصخور المنصهرة، تصعد على شكل نبضات تحمل بصمات كيميائية مميزة.
وقال البروفيسور توم غيرنون، أحد المشاركين في الدراسة، إن "الوشاح يبدو كأنه ينبض كقلب، وتختلف سلوكيات هذه النبضات حسب سماكة الصفائح التكتونية وسرعة تباعدها".
المحيط الجديد يتشكّل
وبحسب الفريق العلمي، فإن تمدد وتصدّع الصفائح القارية فوق منطقة عفار، يُتيح لتلك المواد الساخنة الوصول بسهولة إلى السطح، ما يُضعف القشرة الأرضية ويُسرّع من انقسام القارة الأفريقية.
ويُتوقع أن تُغمر المنطقة لاحقًا بمياه البحر، مما يؤدي إلى انفصال "قرن أفريقيا" عن اليابسة الأم، في ظاهرة جيولوجية مشابهة لما حدث في الماضي حين انفصلت أوروبا عن أمريكا الشمالية.
تأثير عالمي محتمل
الباحثون أشاروا إلى أن مثل هذه الظواهر، المعروفة باسم "أقاليم الصهارة الكبرى"، قد لعبت دورًا في تحولات مناخية حادة خلال التاريخ الجيولوجي، بل وربما أسهمت في بعض الانقراضات الجماعية بسبب كميات الغازات المنبعثة مثل ثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت.
وأوضحت الباحثة إيما واتس، قائدة الفريق، أن "فهم إيقاع هذه النبضات الجوفية مهم لفهم العلاقة بين باطن الأرض والتغيرات البيئية السطحية".
رؤية مستقبلية
ويخطط الفريق لإجراء دراسات أعمق لرسم خرائط تدفّق الوشاح تحت الصفائح الرقيقة، ومعرفة كيف يوجّه نشاط البراكين في مناطق متفرقة.
وختم البروفيسور ديريك كير من جامعة فلورنسا بقوله: "ما يحدث في أعماق الأرض ليس معزولًا عن سطحها. نحن أمام نظام ديناميكي تتفاعل فيه أعماق الكوكب مع حركته التكتونية وتاريخه البيئي، لحظة بلحظة".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjAzIA== جزيرة ام اند امز