"أشباح" البحر الأسود تفزع العالم.. الجوع يسبح مع تيار الحرب
منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا انصبت المخاوف العالمية على حجم تأثير الحرب على إمدادات الغذاء في العالم.
وتعتمد العديد من الدول الفقيرة على الحبوب المصدرة من أوكرانيا وروسيا لتأمين حاجتها من الغذاء.
وكانت اتفاقية الحبوب التي وقعتها موسكو وكييف بوساطة تركية طوق نجاة للعالم، وقللت إلى حد بعيد من تداعيات الحرب المتواصلة منذ نحو عام ونصف العام.
لكن بات هذا الأمر من الماضي، إذ أجرت البحرية الروسية مناورات بالذخيرة الحية في ميدان للتدريب بالبحر الأسود، بعد أيام من الإشارة إلى أنها يمكن أن تهاجم أي سفينة متجهة إلى الموانئ الأوكرانية.
ووفقا لما أوردته وكالة بلومبرغ للأنباء، تأتي التدريبات في القطاع الشمالي الغربي من البحر في وقت تصاعدت التهديدات اللفظية بين موسكو وكييف، وبعد انهيار اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، مما يزيد من خطر تداعيات الحرب على أسواق الغذاء العالمية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية عبر قناتها على تطبيق تليغرام اليوم الجمعة، إن سفينة أطلقت صواريخ كروز على أخرى مستهدفة ودمرتها في إطار التدريب.
وأضافت الوزارة أن البحرية الروسية وسلاح الجو "قاما (أيضا) بعزل منطقة مغلقة بشكل مؤقت للإبحار، ونفذا مجموعة من التدابير للقبض على سفينة مخالفة".
وكانت روسيا هاجمت منشآت تخزين الحبوب الأوكرانية، وحذرت أن أي سفينة متجهة إلى الموانئ الأوكرانية سوف تعتبرها ناقلة محتملة للإمدادات العسكرية، وذلك منذ انسحاب موسكو من اتفاق الحبوب الأسبوع الماضي.
وردا على تهديدات موسكو، حذرت كييف أمس الخميس من أن كل السفن المتجهة إلى الموانئ الروسية قد تعتبر أهدافا عسكرية.
واليوم أيضا، قال الكرملين إن تصرفات أوكرانيا "غير المتوقعة" تشكل خطرا على الملاحة المدنية في البحر الأسود، واتهم كييف بتنفيذ "هجمات إرهابية" في المنطقة.
وتأتي هذه التطورات في وقت قال فيه حاكم منطقة أوديسا الأوكرانية، اليوم الجمعة، إن الصواريخ الروسية أصابت صوامع حبوب تابعة لمؤسسة زراعية في المنطقة في الليلة الرابعة على التوالي من الضربات الجوية على جنوب أوكرانيا.
وبدت الهجمات الروسية أقل حدة مما كانت عليه في الليالي الثلاث السابقة، عندما قصفت صواريخ وطائرات مسيرة مدنا وموانئ جنوبية، بعد أن انسحبت موسكو من الاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة، ويسمح بشحن الحبوب الأوكرانية بأمان عبر البحر الأسود.
وقال أوليه، كيبر حاكم منطقة أوديسا، إن شخصين أصيبا في الهجوم على المؤسسة الزراعية لكنه لم يحدد مكان المؤسسة.
وكتب على تطبيق المراسلة تليغرام "للأسف تم قصف صوامع حبوب تابعة لمؤسسة زراعية في منطقة أوديسا، لقد دمر العدو 100 طن من البازلاء و20 طنا من الشعير".
وقال كيبر إن روسيا أطلقت صواريخ كاليبر كروز من البحر الأسود على ارتفاع منخفض، مما مكنها من تفادي أنظمة الدفاع الجوي.
وأضاف أن صاروخين أصابا مخازن الحبوب مما تسبب في نشوب حريق، وضرب صاروخ آخر المؤسسة الزراعية نفسها خلال إخماد النيران مما أدى إلى إتلاف المعدات الزراعية ومعدات الإنقاذ.
وأظهرت صور من مكان الحادث اندلاع حريق بين الأبنية المعدنية المنهارة التي بدت وكأنها مخازن وتعرضت عربة إطفاء لأضرار بالغة.
وتقول موسكو إنها نفذت "ضربات انتقامية" هذا الأسبوع بعد انسحابها من اتفاق تصدير الحبوب في البحر الأسود واتهامها أوكرانيا بالوقوف وراء تفجيرات يوم الإثنين على جسر يستخدم لنقل الإمدادات العسكرية الروسية.
انتهى الاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا، والذي يسمح بتصدير الحبوب من أوكرانيا رغم الحصار البحري الروسي يوم الإثنين الماضي.
وبعد عدة تمديدات منذ توقيعه لأول مرة في يوليو/تموز من العام الماضي، تم تحرير ملايين الأطنان من الحبوب والمواد الغذائية الأخرى لمغادرة موانئ أوكرانيا ودخول السوق العالمية.
أدى فتح الممر في 1 أغسطس/آب 2022 إلى ارتياح في البلدان المستوردة، لا سيما المطلة على البحر الأبيض المتوسط وفي أفريقيا، ما أدى إلى انخفاض الأسعار العالمية بعدما بلغت مستويات غير مسبوقة في مايو/أيار.
خلال عامين، تراجع إنتاج أوكرانيا من الحبوب إلى النصف تقريبا، ويتوقع أن تنتج 25 مليون طن من الذرة و17,5 مليون طن من القمح عام 2023-24، مقارنة بـ42 مليون طن و33 مليون طن على التوالي عام 2021-22، وفق أحدث تقرير لوزارة الزراعة الأمريكية.
ويرى خبراء أن تعليق الممر البحري الذي أتاح خلال عام تصدير 33 مليون طن من الحبوب الأوكرانية، لن تكون له تداعيات فورية مهمة في ظل موسم الحصاد في نصف الكرة الشمالي، لكنه سيؤدي حتما إلى اضطراب وتضخم في أسعار الغذاء على المدى المتوسط.