براد كوبر.. «صقر» سنتكوم الجديد على نهج كوريلا

قد يكون تعيين براد كوبر قائدا جديدا للقيادة المركزية الأمريكية إشارة على استمرارية السياسات أكثر من كونه تغييرا في القيادات.
إذا صدقت الروايات حول قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بضرب المنشآت النووية الإيرانية الشهر الماضي، فإن رغبة الرئيس الأولى للبقاء بعيدًا عن الصراع لم تصمد أمام دعوات مستشاريه المتشددين، وعلى رأسهم قائد القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) مايكل كوريلا.
ومع اقتراب كوريلا، وهو متشدد تجاه إيران وحليف وثيق لكل من الحكومة الإسرائيلية ومستشار الأمن القومي الأمريكي السابق مايك والتز، من ترك منصبه هذا الصيف، قد يشعر أنصار السياسة الخارجية الأكثر تحفظًا بأنهم قد تجاوزوا المأزق لكنهم سيكونوا مخطئين تمامًا، وفقا لما ذكره موقع "ريسبونسيبل ستايت كرافت".
فالقائد الجديد للقيادة المركزية الأمريكية، نائب الأدميرال براد كوبر، هو نائب كوريلا، وسيصبح ثاني ضابط بحري على الإطلاق يتولى المنصب بعدما أقر مجلس الشيوخ تعيينه بالإجماع بدعم من وزير الدفاع بيت هيغسيث ومن كوريلا.
وبالنسبة لإدارةٍ روجت سابقًا لإعادة توجيه السياسة الخارجية الأمريكية نحو اتجاه أكثر تحفظًا، فإن هذا الاختيار يعني العكس تمامًا.
ففي ردوده على الأسئلة الكتابية المتعلقة بتأكيد تعيينه، أكد كوبر أنه يتعين على الولايات المتحدة الاحتفاظ بقوات عسكرية في العراق وسوريا "للحفاظ على هزيمة داعش" حيث يحرم الوجود الأمريكي التنظيم الإرهابي من ملاذ آمن ينطلق منه لمهاجمة الولايات المتحدة.
لكن داعش أصبح الآن يفتقر، كما أقرت إدارة ترامب نفسها، إلى القدرة على تشكيل تهديد خطير على الولايات المتحدة، وأن الجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى لديها مصلحة في قمع التنظيم.
في المقابل، فإن البنية التحتية العسكرية الأمريكية في العراق وسوريا تقع على مقربة من القوات الإيرانية وغيرها من الجماعات وفي ظل افتقارها إلى أنظمة دفاع جوي متطورة، فليس من المستغرب أن تواجه القوات الأمريكية أكثر من 400 هجوم منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 ورغم قلة الخسائر فإن سحب القوات الأمريكية يزيل هذا الخطر تمامًا.
واستندت شهادة كوبر أيضا إلى أن أمريكا بحاجة إلى إصلاح عملية ب0يع الأسلحة لضمان استمرار نفوذها لدى شركائها الإقليميين على حساب روسيا والصين.
ويُعرب كوبر عن دعمه لإصلاحات الإدارة المتعلقة بالمبيعات العسكرية الأجنبية، والتي تُراعي مصالح الصناعة، والتي تتجنب الرقابة المهمة من الكونغرس وشروط حقوق الإنسان.
لكن هذا النهج يواجه مشكلتين بحسب "ريسبونسيبل ستايت كرافت"؛ الأولى أنه إذا كانت الأسلحة تُكسب النفوذ، فإن أمريكا تُعامل معاملة غير عادلة فطالما استمر تدفق الأسلحة، ينخرط الشركاء الإقليميون المتهورون في سلوكيات تُهدد بتوريط الولايات المتحدة في صراع أو انتهاك حقوق الإنسان.
فعلى سبيل المثال، شنت إسرائيل غارات جوية ضد إيران في تحدٍّ لتفضيل الولايات المتحدة المُعلن لاتفاق تفاوضي لمنع امتلاك طهران لسلاح نووي لذا فإن هذه المبيعات تمنح "نفوذًا عكسيًا" لشركاء الولايات المتحدة.
المشكلة الثانية فهي أن الصين الخصم الأكثر قوة تفتقر إلى الإرادة والقدرة على إبراز قوتها في الشرق الأوسط، وتركز أكثر على التطورات السياسية في منطقتها، وتشترك مع الولايات المتحدة في مصلحة الاستقرار الإقليمي لحماية مصالحها الاقتصادية والطاقة.
الأمر الذي يُثير القلق، أن كوبر أكد أن امتلاك إيران للسلاح النووي سيُغير ميزان القوى في الشرق الأوسط بشكل جذري، مما يُمكّن طهران من "أن تُصبح قوة مهيمنة عالمية وتحافظ على هيمنتها الإقليمية لسنوات عديدة".
لكن هذا الأمر غير معقول وفقا لـ"ريسبونسيبل ستايت كرافت" الذي دحض افتراض تمتع إيران حاليًا بهيمنة إقليمية، مشيرا إلى تعرض المحور الذي تقوده إيران للضعف على يد إسرائيل خلال الأشهر الـ 21 الماضية.
ورغم أن الضربات الأمريكية والإسرائيلية الشهر الماضي عززت على الأرجح عزم إيران على السعي لامتلاك أسلحة نووية على المدى الطويل، إلا أنها ربما تكون قد زادت من ضعف إيران، من خلال إضعاف دفاعاتها الجوية واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين إيرانيين.
وبالتالي فإنه إذا كانت إيران عاجزة عن الهيمنة الإقليمية، فإن الهيمنة العالمية ليست سوى حلم بعيد المنال حتى لو حققت الردع النووي في ظل ضعف اقتصادها وتضاؤل قدرة جيشها على استعراض قوته.
ومع ذلك فإن شهادة كوبر متوقعة لأنه غالبا ما تقوم القيادات القتالية بتضخيم التهديدات.
أخيرا فإنّ تعيين صقر آخر مُتحمس لقتال إيران كقائد للقيادة المركزية الأمريكية ينبغي أن يكون بمثابة جرس إنذار لأولئك الذين يريدون منع المزيد من التدخل العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط.