حق الليلة.. أدلة شرعية على إباحة الاحتفال بليلة النصف من شعبان
تعدّ ليلة النصف من شعبان من الليالي الفاضلة، التي يمن الله فيها على عباده بالعفو والمغفرة، ويحتفل بها كثير من المسلمين حول العالم.
وأوضح مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان وبين فضل إحيائها بالعبادة.
وقال مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي إنه يجوز الاحتفال بليلة النصف من شعبان، والمعروف بـ"حق الليلة"؛ لأن ذلك من العادات في المجتمع، والأصل في العادات الحل والجواز، كما يجوز تقديم الهدايا في هذه الليلة بقصد إدخال الفرحة والسرور - خصوصا على الأطفال والأقارب والجيران.
وسرد المجلس عددا من الأدلة الشرعية التي تبيح الاحتفال بليلة النصف من شعبان وتثبت استحباب إحيائها بالعبادة.
- قاعدة الأصل في العادات الإباحة والاحتفال بليلة النصف من شعبان يعتبر من العادات، والأصل فيها الإباحة لأنها من أمور الدنيا، وقد قال النبي ﷺ : "أنتم أعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ".
- قاعدة "ما سكت عنه الشرع فهو عفو" والاحتفال بليلة النصف من شعبان يدخل ضمن ما سكت عنه الشرع، وقد قال النبي: "الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه".
- تحقيق مقاصد حسنة من إدخال الفرح والسرور على الأسرة والمجتمع، وتعزيز التواصل بين الأفراد، قال رسول صلى الله عليه وسلم: "أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم".
- وردت أحاديث، وآثار عن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وتابعيهم والأئمة بعدهم في تبيين فضل ليلة النصف من شعبان، ومما ورد في ذلك ما جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قام رسول الله مِن اللَّيْلِ فَصَلَّى فَأَطَالَ السجودَ حَتَّى ظننت أَنَّهُ قَدْ قُبض، فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِكَ قُمْت حَتَّى حركت إبهامه.. فَقَالَ "أتدري أي لَيْلَةٍ هَذه؟" قلت: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "هَذِهِ لَيْلَةُ النصف مِنْ شَعْبَانَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ يَطَّلِعُ عَلَى عِبَادِهِ فِي لَيْلَةِ النصف من شعبان فَيَغْفِرُ لِلْمُسْتَغْفِرِينَ وَيَرْحَمُ الْمُسْتَرْحِمِينَ وَيُؤَخِّرُ أَهْلَ الْحِقْدِ كَمَا هُمْ".
- عن أبي بكر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا كان ليلة النصف من شعبان، ينزل الله تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا، فيغفر لعباده، إلا ما كان من مشرك أو مشاحن لأخيه".
واختلف التابعون في تخصيص إحيائها بعبادة معينة بين مثبت وناف فذهب جمع منهم إلى الحث على الاجتهاد فيها بصلاة النافلة، وتلاوة القرآن الكريم، والدعاء والذكر، والصلاة والسلام على النبي، وصيام يومها فهو من الأيام البيض.
ومن الآثار التي وردت على استحباب إحيائها بالعبادة ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنه قال: "خَمْسُ لَيَالِ لا يُرَدُّ فِيهِنَّ الدُّعَاءُ: لَيْلَةُ الْجَمْعَةِ. وَأَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَب، وَلَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَلَيْلَتا الْعِيدَيْنِ".
وقال الشافعي: بلغنا أنه كان يقال: إن الدعاء يستجاب في 5 ليال في ليلة الجمعة، وليلة الأضحى، وليلة الفطر، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان.. وأنا استحب كل ما حكيت في هذه الليالي من غير أن يكون فرضا".
وقال الفاكهي: وأهل مكة فيما مضى إلى اليوم إذا كان ليلة النصف من شعبان: خرج عامة الرجال والنساء إلى المسجد فصلوا، وطافوا، وأحيوا ليلتهم حتى الصباح بالقراءة في المسجد الحرام، حتى يختموا القرآن كله، ويصلوا".
وقال ابن الصلاح: "أما ليلة النصف من شعبان فلها فضيلة وإحياؤها بالعبادة مستحب"، وقال ابن رجب: "ينبغي للمؤمن أن يتفرغ في تلك الليلة لذكر الله تعالى ودعائه بغفران الذنوب وستر العيوب وتفريج الكروب وأن يقدم على ذلك التوبة فإن الله تعالى يتوب فيها على من يتوب".
والاحتفال بليلة النصف من شعبان جائز لكونه من العادات، وأن فضل هذه الليلة محل اتفاق بين أكثر أهل العلم، ومن أحيا هذه الليلة رجاء الثواب واستناداً للآثار المذكورة فيرجى له القبول، ومن ترك ذلك فلا حرج عليه دون أن يكون ذلك تجريحاً لغيره أو تحريجاً عليهم فيما اختاروا.
ويستعد الإماراتيون لإحياء احتفالية "حق الليلة"، في عادة متوارثة تتزامن سنوياً مع ليلة النصف من شعبان.
كما تحرص دول الخليج على إحياء هذه الاحتفالية التي يختلف مسماها من بلد إلى آخر، ففي المملكة العربية السعودية والكويت تُعرف بـ"قرقيعان"، فيما تُسمى "الفرنقعوه" في البحرين وقطر.
aXA6IDUyLjE1LjIzOC4yMjEg جزيرة ام اند امز