خفّض البنك المركزي المصري، في اجتماعه الأخير الخميس، أسعار الفائدة الأساسية بمعدل نقطة مئوية واحدة، ليكون هذا الخفض الخامس خلال عام 2025، ضمن مسار مستمر لدورة التيسير النقدي بدأت منذ أبريل/نيسان الماضي.
وقررت لجنة السياسة النقدية تيسير السياسة النقدية لمواجهة تباطؤ التضخم ودعم النشاط الاقتصادي، حيث خفضت سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس إلى 20.00% و21.00% و20.50%، على الترتيب. كما قررت خفض سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 20.50%.
ويأتي هذا القرار انعكاساً لتقييم اللجنة لآخر تطورات التضخم وتوقعاته منذ اجتماعها السابق.
وجاء القرار بعد أن خفض البنك المركزي أسعار الفائدة على مدار العام بإجمالي 725 نقطة أساس، موزعة على خمسة خفضات متتابعة، بدءا من أبريل/ نيسان (2.25%)، ثم مايو/ أيار (1%)، وأغسطس/ آب (2%)، وأكتوبر/ تشرين الأول (1%)، وأخيرا ديسمبر/ كانون الأول (1%). وتأتي هذه التحركات في إطار سياسة نقدية تهدف إلى دعم الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي، في ظل مؤشرات إيجابية على التضخم وسوق النقد.
توقعات باستمرار التيسير النقدي في 2026
وفي سياق متصل، أكد الخبير المصرفي محمد بدرة أن البنك المركزي قد يواصل خفض أسعار الفائدة خلال العام المقبل 2026، معتبرا أن الظروف الاقتصادية الحالية تمنح البنك مساحة مناسبة لمزيد من التيسير النقدي.
وقال بدره لـ"العين الإخبارية" إن استمرار تباطؤ التضخم، رغم الضغوط التضخمية المستمرة في السوق، يتيح للبنك المركزي ضبط السياسة النقدية بشكل مرن لدعم الاستقرار المالي وتحفيز النشاط الاقتصادي.
وبحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، انخفض معدل التضخم السنوي في نوفمبر/تشرين الثاني 2025 إلى 12.3%، وهو ما يعكس تباطؤا ملحوظا مقارنة بالأشهر السابقة، رغم استمرار بعض العوامل التضخمية مثل زيادات أسعار الوقود والطاقة.
واتفق محمد الإتربي، التنفيذي بالبنك الأهلي المصري، مع توقعات بدره بشأن استمرار خفض أسعار الفائدة في 2026، مرجحا أن يصل معدل الخفض التراكمي بين 4% و5% خلال العام، مستندا إلى استمرار تراجع التضخم إلى مستويات أقل من 13% خلال الأشهر المقبلة.
وأوضح الإتربي خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "المصري أفندي" أن خفض أسعار الفائدة سيخفف العبء على المقترضين، من خلال خفض تكلفة التمويل وتحسين القدرة على السداد، ما ينعكس إيجابا على النشاط الاستثماري والاستهلاكي.
المؤسسات المالية تتوقع تخفيضات واسعة للفائدة
وفي تقريرها الصادر اليوم بعنوان "نقطة تحول"، رجحت شركة إي إف جي هيرميس أن يواصل البنك المركزي خفض أسعار الفائدة بما يتراوح بين 600 و700 نقطة أساس خلال 2026، مستهدفا الحفاظ على معدلات فائدة حقيقية عند نحو 5%، بما يسهم في تقليل تكلفة الدين الحكومي وتحفيز القطاع الخاص على التوسع في الاستثمارات. وأوضحت الشركة أن الفائدة الحقيقية تقاس بالفارق بين معدل الفائدة الاسمية ومعدل التضخم، وهو مؤشر رئيسي لتقدير القدرة على خفض أسعار الفائدة دون المساس بالاستقرار النقدي.
وأظهرت توقعات استطلاع اقتصادي ، أن لجنة السياسة النقدية قد تتجه إلى خفض كبير في أسعار الفائدة خلال العام المقبل، مع احتمالية أن يتراوح الخفض بين 500 و800 نقطة أساس على مدار 2026، مستندا إلى استمرار تراجع التضخم وتحسن سعر صرف الجنيه وتوافر السيولة الدولارية.
ويرى المحللون أن الهبوط التدريجي للتضخم من 24% في يناير/ كانون الثاني 2025 إلى 12.5% في أكتوبر/ تشرين الأول 2025، وارتباطه بالتحسن في مؤشرات سوق الصرف، يمنح المركزي القدرة على تطبيق سياسة تيسير نقدي موسعة، تدعم الاستثمار والنمو الاقتصادي المستدام.
