بطل بـ"ملحمة البرث" يتحدث عن "الاختيار" واللحظات الأخيرة لأبطال الكمين
البطل المصري محمد علي الشهير بـ"تايسون"، يستعيد ذكرياته ومواقفه البطولية خلال ملحمة كمين البرث ضد الإرهابيين في سيناء
كان يتمنى أن يستشهد على أرض سيناء المصرية داخل كتيبته "103"، ولكن شاءت الأقدار أن يكون محمد علي "تايسون" أحد الأبطال الناجين من معركة "البرث" التى اندلعت فجر يوم 7 يوليو/ تموز 2017 بين عدد من أبطال القوات المسلحة المصرية وعناصر إرهابية، والتي جسدها بنجاح مسلسل "الاختيار" الذي عرض في رمضان الماضي.
يعيش البطل "تايسون" مرفوع الرأس وسط أهله وشعبه لما قدمه برفقه زملائه أمام التكفيريين في كثير من المعارك وآخرها كمين البرث الذي أصبحت قصته مصدر فخر لجميع المصريين والعرب، لما قدمه رجال الجيش المصري من مواقف بطولية.
البطل المصري يفتح قلبه لـ"العين الإخبارية"، مسترجعا ذكرياته مع أبطال كمين "البرث"، كما يتحدث عن مسلسل "الاختيار" الذي عرض في رمضان الماضي.. وإلى نص الحوار:
حدثنا عن ذكرياتك مع كمين "البرث" بعد مرور 3 سنوات على الواقعة؟
هذه المعركة لا تنسى، فأنا دائما أتذكرها وكأنها وقعت أمس، خاصة أن بها أطهر وأنقى الناس الذين لم أستطع نسيانهم، فسقط فيها معلمي وقائدي العقيد أحمد صابر منسي، الذي علمني الوطنية والإخلاص والانتماء لهذا الوطن الحبيب، وزرع بداخلنا فنون القتال والشجاعة، وكان يعاملنا مثل أشقائه وليس كجنود فقط، فكنا نعيش أجواء الأسرة المترابطة التى تحارب من أجل الله والوطن، وحماية الشعب وليس قتله، من أجل الحفاظ على أرضنا وعرضنا.
ذكرياتي مع هذه المعركة ستظل محفورة في ذهني حتى الموت، فأنا أسترجع يوميا المواقف البطولية التي ظهر عليها رجال مصر خلال معركة "البرث" التي انتصرنا فيه على التكفيريين بالرغم من فقداننا عددا من خير أجناد الأرض، فهذه المعركة علمتني أن أكون فدائيا لوطني في أى موقع أكون فيه، وأن أحمى شعبي بدمي.
كيف بدأ هجوم الإرهابيين على "الكمين"؟
جميع أبطال الكمين كان لديهم شعور بغدر التكفيريين وهجومهم علينا، فأغلبهم كان على "وش جواز"، بداية من علي علي الذي كان سيعقد قرانه، والعريف محمد إسماعيل الشهير بلقب "ماسا"، والملازم محمد محمود حسنين، وفي ليلة الواقعة أمر النقيب "شبراوي" بتجربة السلاح ووضع جزء منه بكثرة أعلى مبنى الكمين، وعند الساعة الرابعة فجر الجمعة يوم 7 يوليو/ تموز 2017، بدأ الهجوم علينا من قبل الإرهابيين عن بعد ثم تطور الأمر وبدأوا يطلقون علينا قذائف هاون وأر بي جي، وأسقطنا منهم الكثير واستشهد منا عدد من الأبطال البواسل.
كيف أصبت في هذه المعركة؟
أنا بدأت التعامل مع التكفيريين من مكان خدمتي على سطح الكمين وفجأة دخلت سيارة مفخخة وتسببت في سقوطي على جزء آخر من السطح، وبعدما استعدت توازني مرة ثانية ضرب علي التكفيريين "أر بي جي" أفقدني توازني وحاول العقيد أحمد منسي تلقيني الشهادة، ولكني قلت له "لسه في العمر يا فندم".
وأثناء نزولي من السطح بصحبة "القائد" ضرب الإرهابيين علينا قذيفة فسقطت على كتفي الأيمن الذي تم خلعه على الفور والشهيد منسي سقط واقفا على قدميه ثم صعد للسطح بمفرده، ثم أطلق علي التكفيريين وابلا من الرصاص.
وقام الشهيد "السباعي" بضرب قنبلة في التكفيريين الذين كانوا يحاولون دخول الكمين مما تسبب قتلهم وسقوط جزء من حائط الكمين على رأسي، وبعد ذلك جلست داخل غرفة الشهداء والمصابين بالدور السلفي للكمين، وكنت حزينا جدا وبداخلي شحنة غضب لإصابات زملائي واستشهاد آخرين، وبفضل الله تماسكت حتى تأكدت من هروب العناصر التكفيرية بعيدا عن الكمين، ووصول الدعم إلينا.
هل تتذكر ما قدمه العقيد منسى خلال معركة 7 يوليو؟
دوره لا ينسى وسيظل محفورا في الأذهان حتى فناء الحياة، فهو من زرع بداخلنا الوطنية والانتماء وحب الوطن والفداء من أجله، العقيد أحمد منسي، قبل معركة "البرث" تحدث معنا وقال إننا سنتحرك خلال أيام إلى كمين البرث لتطهير الأوكار الإرهابية، وأكد على أننا سنقتل ونُقتل وعلينا جميعا توخي الحذر وحماية أنفسنا وبعضنا البعض، وبالفعل تحركنا في 3 رمضان عام 2017 وقمنا ببناء الكمين.
وقام "القائد" بتدريبنا ليلا ونهارا، ووجهنا العديد من الضربات الاستباقية ضد الأوكار الإرهابية، حتى جاءت المعركة الأخيرة، وقام الشهيد منسي بدور كبير، حيث أسقط العديد منهم، ووضع نفسه في الخط الدفاعي الأول لنا، حتى جاء موعد استشهاده على يد قناص ضربه من الخلف، ولم يستطع مواجهته مباشرة، لأن من يواجه "القائد" من الأمام لا ينجو.
وماذا عن دور البطل الشهيد علي علي في هذه المعركة؟
هذا البطل معجزة، فهو استشهد على يدي، وكان له دور عظيم في هذه المعركة، كان يطلق نيرانه على الإرهابيين من كل مكان سواء من الدور الثاني للكمين أو الأسفل أو بجواء غرفة القائد أحمد منسي، وأنا أتذكر شجاعته جيدا، فقد أسقط العديد من الإرهابيين بكل فدائية، وكان السبب الرئيسي وراء إصابته أنه أمسك بأحد زملائنا الذين سقطوا في المعركة وأثناء طريقة لإدخاله مع المصابين والشهداء الآخرين، أصيب بدفعة كبيرة من الطلقات تجاوزت الـ30 طلقة.
وخلال خروج أنفاسه الأخيرة جلس على باب الغرفة التى نجلس فيها جميعا وصوب سلاحه تجاه الإرهابيين الذين حاولوا مرارا وتكرارا الدخول للكمين، ولكن بفضل الله وطلقات البطل علي علي منعهم جميعا وأسقط منهم آخرين وسط ترديده الشهادة التى هزت أرجاء الكمين وأرهبت الإرهابيين الذين فروا منه.
كيف تم إخراجك من هذا الكمين؟
بعد سقوط علي علي على يدي ونطقه الشهادتين ومفارقته للحياة، لم أتذكر شيئا، فأنا أيضا سقطت بسبب إصابتي في الكتف، وتم إخراجي من قبل قوات الدعم التى جاءت من أجلنا ومساندتنا في محاربة التكفييرين الذين هاجموا الكمين من أجل تنفيذ مخططهم الفاشل الذي لم ولن يتحقق أبدا، فهم كلاب لايعرفون إلا الغدر فقط، ونحن نعيش من أجل حماية الأرض والعرض.
هل تمنيت الشهادة وقت الاشتباك مع الإرهابيين بمعركة "البرث"؟
نعم، تمنيتها بشدة ولكن الله له حكمة في أن أعيش وأرى حب الناس الذي جعلني أعيش مرفوع الرأس، فبدونه كنت لا أستطيع الاستمرار بعدما فقدت أنقى وأطهر الناس خلال معركة كمين "البرث"، فتعظيم سلام لرجال الشهيد القائد العقيد أحمد صابر منسي الذي علمنا واحدا واحدا معنى الوطنية.
هل قدم مسلسل الاختيار قصة معركة "الكمين" في صورتها الحقيقية والواقعية؟
هذا صحيح جدا.. المسلسل رصد كل ما حدث خلال المعركة الحقيقية التي قمنا بها أمام هؤلاء الإرهابيين، فهذا العمل رصد الأدوار العظيمة لكل أبطالنا من الجيش المصري العظيم بداية من القائد الشهيد العقيد، أحمد صابر منسي، حتى البطل الشجاع علي علي، الذي تصدى وحارب بكل قوة وإيمان هؤلاء الإرهابيين حتى آخر نفس في جسده، فكلنا قاومنا التكفيريين بعزيمة وقوة من الله حتى تغلبنا عليهم ولم يتمكن أحد من المساس بجثمان أحد من أبطالنا، فهذا أكبر نصر من الله.