ارتباك بالأسواق العراقية بعد جدل برلماني حول تغيير سعر الدولار
ارتباك حاد يسود الأسواق العراقية بعد تحرك من البرلمان لاستضافة مسؤولين ماليين بشأن مساع لتعديل سعر صرف الدينار أمام الدولار.
وعقد مجلس النواب العراقي، أول أمس السبت، اجتماعا برئاسة حاكم الزاملي النائب الأول لرئيس المجلس لمناقشة قرار خفض قيمة سعر الدينار العراقي أمام الدولار الذي اتخذ قبل أكثر من عام.
وحضر محافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف، ونائبه وعدد من المسؤولين في البنك الاجتماع بينما قاطع وزير المالية علي علاوي ووزارته الاجتماع.
وعلى وقع تلك الاستضافة وما رافقها من شد وجذب في المواقف السياسية والاقتصادية، انخفضت قيمة صرف الدولار أمام الدينار العراقي بنحو 2% مما أربك حركة الشراء والتبضع في الأسواق العراقية.
وتدفع أوساط اقتصادية وأخرى عامة لإعادة قيمة الدولار أمام الدينار إلى ما قبل أكثر من عام، بذريعة تعاف أسعار النفط العالمية مما يفرض الانتفاء من ذلك القرار .
وكانت وزارة المالية والبنك المركزي اتخذت في ديسمبر/ كانون الأول 2020، قراراً بخفض قيمة صرف الدينار وتثبيت قيمته في بنود الموازنة على وقع أزمة مالية عاشتها البلاد جراء انخفاض أسعار النفط العالمية.
وشهد العراق منذ صيف 2020، أزمة مالية خانقة على وقع ظروف الإغلاق العالمي بسبب جائحة كورونا وما رافقها من انخفاض حاد في أسعار النفط التي تعتمدها البلاد كمصدر وحيد لقوتها القومي.
ودفعت تلك التطورات الحادة، الحكومة العراقية باللجوء إلى الاقتراض الداخلي والخارجي لأكثر من مرة لتأمين رواتب موظفي الدولة والنفقات التشغيلية.
وقوبل قرار رفع سعر قيمة الدولار أمام الدينار العراقي جدلاً واسعاً بعد أن شهدت معظم السلع الاستهلاكية ارتفاعاً ما خفض القدرة الشرائية للمواطن ودفع بمزيد من توسيع هوة الفقر التي تتصاعد معدلاتها منذ سنوات.
وأكدت السلطات المالية حينها أن قرار تغير قيمة الصرف ستكون إيجابيه كبيرة على مستوى التنمية الاقتصادية ووقف نزيف العملة الأجنبية، وتجاوز الأزمة المالية مع التسليم بأضرار وصفتها بـ"الطفيفة"، على الواقع المعاشي للمواطن.
قرار غير قابل للتراجع
رئيس تحالف الاقتصاد العراقي، عدي العلوي، يؤكد أن مساع تغيير صرف الدولار أمام الدينار العراقي، غير ممكنة و لا تعد كونها "كذبة سياسية".ويوضح العلوي، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "مناقشة ملفات حساسة وكبيرة لها وقعها الكبير على الأوضاع العامة تقع على عاتق مهام الحكومة الجديدة وليس من شأن الوزارة الحالية البحث في ذلك الأمر لكونها تضع ضمن ما يعرف بتصريف الأعمال".
وكذلك الأمر له متعلقات بإقرار الموازنة المالية المقبلة وكيفية تضمين أي تغير في بنودها، بحسب العلوي.
ويؤكد بالقول: "حتى لو كانت هناك إرادة سياسية راهنة تعمل على تصريف قيم العملة العراقية في الوقت الحاضر لن يكون ذلك سهلاً".
ويلفت العلوي، إلى أن "العراق حقق منذ اعتماد خفض قيمة الدينار ما يقارب 37 مليار دولار مع زيادة 17 مليار في خزينة الدولة".
من جانبه، رجّح مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية مظهر محمد صالح، بقاء سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي على وضعه الحالي.
ويسند ذلك إلى أن السياسة النقدية هي التي تحدد سعر الصرف بموجب قانون البنك المركزي العراقي"، مستدركاً أنه "للأسف حدثت تدخلات كثيرة".
وهو ما أكده البنك المركزي العراقي، أمس، حيث أشار إلى أن "سعر صرف الدولار مستقر ولا توجد نوايا لتغييره بعد التغيرات الإيجابية التي تحقق على مدار عام"، مؤكداً على "ضرورة تضافر جهود مؤسسات الحكومة لتحسين المستويات الاقتصادية للطبقات الفقيرة.
صالح وخلال حديث لـ"العين الإخبارية"، يلفت إلى أن "التنسيق بين السياسة النقدية والسياسة المالية في بلد ريعي مثل العراق مهم جداً، لاسيما أن الاحتياطات المساندة للدينار العراقي مصدرها وزارة المالية"، مبينا أنه "وفقاً لبيان البنك المركزي هنالك فهم واصرار على الحفاظ على استقرار سعر صرف الدينار العراقي على سعره الحالي، وأن بيان البنك أشار إلى إصرار ودفاع عن سعر الصرف".
ويستدرك مستشار رئيس الوزراء، بالقول: "هناك فوائد في قرار رفع سعر الصرف والكثير من المضار بيد أن وزارة المالية كانت متحوطة من موضوع المضار، لاسيما من حيث الطبقات الفقيرة ومدى التضخم".
وجاء التحرك النيابي الأخير، في استجابة لدعوة أطلقها رئيس التيار الصدري، مقتدى الصدر، تضمنت عدّة مقترحات فيما يتعلّق بسعر صرف الدولار في العراق، وذلك للسيطرة على سعر الصرف من بينها إيقاف تهريب العملة وكذلك ما وصفها بـ"الفواتير المزوّرة".
ودعا الصدر الى النظر في أمر بعض البنوك مثل بنك الشرق الأوسط القابض والأنصاري العائدة لبعض الأشخاص المتحكمين بالعملة، وبعض المصارف الأهلية الأخرى.
كانت وزارة المالية العراقية، قد أصدرت توضيحاً على خلفية ما تردد بشأن سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي، بينت من خلاله الفوائد الجمة التي تحققت على أثر ذلك القرار.
وأكدت في بيان، أن "تغيير سعر الصرف أعطى قوة كبيرة للمفاصل الاقتصادية مما مكن البلد من تجاوز البلاد الأزمة الناتجة عن انخفاض أسعار النفط عالميا خلال 2020 والأشهر الأولى من 2021".
وبينت أن إحصاءات المنظمات الدولية المختصة نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9% للنصف الأول من عام 2021، ونمو الاقتصاد غير النفطي بنسبة تزيد عن 21% في النصف الأول من 2021 وهذا يعود لقوة الأداء في قطاعات الخدمات بعد تخفيف تدابير الوقاية من فيروس كورونا.